الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما رحت بعيد

27 فبراير 2017 22:51
كم شخص منا توجه لمطعم معين وبعد أن أكل وشرب وصلته فاتورة (بذاك المبلغ)، فيصرخ ويقول «هذا المطعم نصابين»؟ بصراحة ما رحت بعيد، فقد تم فتح مطعم بأحد السجون سيئة السمعة في جنوب أفريقيا أبوابه لتذوق أطباق الطعام التي طهاها عتاة المجرمين (تخيل اللي يطبخلك طلبك سفاح أومحكوم إعدام)، ومن أجل تخفيف الانطباع عن السجن، فإن المساجين يرتدون لباس العمال البرتقالي، ويستخدمون السكاكين في المطبخ (إذا حبيت تتفلسف عليهم وتقول خدمتهم بطيئة أو اللحم مش مستوي، ترى سكاكينهم بترد عليك)، كذلك يقدم سجناء آخرون يرتدون مرايل بيضاء الأطعمة على طاولات المطعم داخل سجن بولزمور. ويأتي تقديم الطعام داخل هذا المطعم بهدف تعليم المسجونين مهارات عملية، لزيادة فرصهم في الحصول على الوظائف بعد انتهاء فترة العقوبة وإدماجهم في المجتمع. ولا يعد هذا المطعم فريداً من نوعه في العالم، فهناك برامج مماثلة نفذت في مدينة فولتيرا الإيطالية وكونكورد في أميركا، إلى جانب أربعة سجون موزعة على مختلف أنحاء بريطانيا، غير أن سجن بولزمور يتيح لزبائن مطعمه تجربة تاريخية نادرة، حيث نزل فيه المناضل الكبير نيلسون مانديلا، يعني أنت ونيلسون مانديلا (سوى.. سوى) كلتوا في هذا المطعم الذي يتسع لنحو 50 ضيفاً، كذلك معظم الأطعمة تجلب من المزرعة الملاصقة للسجن والتي يعمل فيه المساجين أيضاً (يعني دهنا في مكبتنا)، ويستضيف المطعم أيضاً المؤتمرات وحفلات الزواج وأعياد الميلاد الخاصة بالمساجين والعاملين ورجال الأمن في السجن. ويقدم المطعم الأكلات الجنوب أفريقية الشهيرة مع لمسات من المطبخ الهندي (إذا ما مت من سكاكين المساجين مت من الأكل السبايسي)، ويحبذ السجناء العمل في المطعم، ليس فقط لتعلم مهارات جديدة، ولكن لتبديد مشاعر الملل التي يشعرون بها داخل السجن، لذا هم يرون أن العمل بالمطعم يشعرهم بالحياة أكثر من البقاء داخل الزنزانات المكدسة بالسجناء، وإذا وزتك نفسك وعزمت أم العيال هناك وأنت تعرف طبعها يوم تتأفف وتضع تعليقاتها المعهودة على الطعام، وإذا ما عجب إخوانك المجرمين يكون قبرها تحت الطاولة خير رد عليها، واللي عنده مدير تأخر في ترقيته يعتبر هذا المطعم خير مكان لحل الخلافات وتراك.. ما رحت بعيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©