الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل وفنزويلا.. رؤى متباينة حول بنك الجنوب

البرازيل وفنزويلا.. رؤى متباينة حول بنك الجنوب
23 يوليو 2007 04:06
رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' لتحجيم النفوذ الأميركي في العالم النامي، التي تتراوح بين إنشاء قناة تلفزيونية ''يسارية''تغطي أميركا اللاتينية، وبيع النفط بأسعار منخفضة إلى حلفائه، فإن القليل من مشروعاته بدأها بالحماس ذاته الذي خصه لفكرته الأخيرة المتمثلة في إطلاق ''بنك الجنوب''· لكن الحركة المحمومة، التي صاحبت الإعلان عن إنشاء ''بنك الجنوب''، باعتباره مؤسسة تمويلية في أميركا اللاتينية تهدف إلى توفير بديل معقول للمؤسسات الموجودة في واشنطن مثل البنك الدولي و''بنك الأميركيتين للتنمية''، خفت حدتها في ظل المساعي البرازيلية الرامية إلى تقليم نفوذ البنك· فقبل اللقاء المزمع عقده في ''ريو ديجانيرو'' خلال شهر أغسطس المقبل، حيث من المتوقع أن يتم الإعلان رسمياً عن قيام البنك، شب خلاف بين البرازيل وفنزويلا حول البلد الذي سيستضيف البنك وحجمه، فضلاً عن الرأسمال الأولي الخاص بالبنك، ثم أهدافه المستقبلية، وذلك حسب المعلومات التي رشحت عن المفاوضين في البلدين· وتشير وجهات النظر المتباينة حول المشروع إلى التضارب القائم بين الرئيس البرازيلي ''لويس لولا دي سيلفا''، ذي التاريخ الاشتراكي الذي اعتنق سياسات السوق بعد وصوله إلى السلطة في أكبر بلد في أميركا اللاتينية، وبين الرئيس ''شافيز'' الذي يدعو إلى دور أكبر للحكومة الفنزويلية في توجيه السياسات الاقتصادية سواء في داخل البلاد، أو خارجها· وفي هذا الإطار وجهت بعض الأطراف البرازيلية نقدها الشديد إلى تطلعات ''شافيز'' الرامية إلى تزعم جهود الاندماج الاقتصادي الذي يسعى إلى تكريسه· ويأتي ذلك في الوقت الذي يستمر فيه التوتر بين ''شافيز'' ومجلس الشيوخ البرازيلي على خلفية منع فنزويلا لقناة تلفزيونية معارضة من بث برامجها داخل البلاد· وهي الخطورة التي اعتبرها العديد من المراقبين في البرازيل بمثابة خنق للمعارضة وإمعان في التضييق عليها، فضلا عن الانتقادات الأخيرة التي وجهها ''شافيز'' إلى عملية تحويل المحاصيل الزراعية إلى وقود للسيارات، رغم أنها تشكل العمود الفقري للاقتصاد البرازيلي· ويقول ''فينس ماك إلهيني''، خبير في شؤون أميركا اللاتينية بمركز بنك المعلومات في واشنطن: ''لقد أظهرت البرازيل ميولاً محافظة بالمقارنة مع تفكير فنزويلا، حيث يواجه مشروع البنـــك، الذي أريـــد له أن ينشـــأ على أسس من المساواة، رغبـــة البرازيل في الحد من نفوذه''· فقد كان على المسؤولين الفنزويليين الذين يريدون لبنك الجنوب أن تستضيفه كاراكاس التصدي للمقترحات البرازيلية التي تريده أن يقام في إحدى عواصم الدول اللاتينية الصغيرة مثل الأوروجواي، أو الباراجواي· واعترضت البرازيل أيضاً على حجم الرأسمال الذي رصدته فنزويلا لإطلاق البنك والمحدد في سبعة مليارات دولار، مفضلة مبلغاً متواضعاً لا يتجاوز ثلاثة مليارات دولار· وامتدت النقاشات حول البنك أيضاً إلى عدد الموظفين الذين من حق كل دولة مشاركة في البنك تعيينهم، وما إذا كان من الأفضل لعملية التمويل أن تعتمد على احتياطيات العملة الصعبة لكل دولة، أم لا، فضلاً عن مدى الشفافية الواجب توفرها لدى تقديم القروض· ويضاف إلى ذلك أن البرازيل تفضل حصر العضوية في دول أميركا الجنوبية، بينما تتطلع فنزويلا إلى إشراك دول أميركا الوسطى وجزر الكاريبي، وهو ما سيسمح لحلفاء الرئيس ''شافيز'' مثل نيكاراجوا وكوبا بالانضمام إلى البنك والمساهمة في رأسماله· وفي هذا الصدد يقول ''ماركو أوريليو جارسيا''، مستشار الشؤون الدولية للرئيس البرازيلي في حوار أجري معه عبر الهاتف ''إننا نريد للبنك أن يبقى مرتبطاً بدول أميركا الجنوبية''· وتنظر بعض الحكومات في أميركا الجنوبية، وبخاصة في البلدان الموالية للرئيس ''شافيز'' مثل بوليفيا والإكوادور، إلى بنك الجنوب باعتباره أداة لإضعاف نفوذ البنك وصندوق النقد الدوليين· هذه المؤسسات المالية المرتبطة بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع الولايات المتحدة حاولت على مدى العقود الأخيرة حمل دول أميركا الجنوبية على تبني الرأسمالية واقتصاد السوق، إلى جانب الضغط باتجاه الحد من برامج الإنفاق الاجتماعي· ومع أن تلك السياسات ساعدت على استتباب الاستقرار الاقتصادي، إلا أن الاستياء الشعبي كان كبيراً ضد ما اعتُبر تدخلاً خارجياً لصالح الشركات الأجنبية، وهو ما قاد في النهاية إلى تنامي النفوذ ''اليساري'' في المنطقة ووصول أقطابه إلى الحكم في أكثر من دولة· وليس الخلاف بين البرازيل وفنزويلا سوى جانب من العراقيل التي تعترض عملية إنشاء بنك الجنوب· فقد ظهرت انتقادات أخرى وجهت للرئيس ''شافيز'' ترى أن أميركا الجنوبية تتوفر سلفاً على بنوك للتنمية وليست في حاجة إلى أخرى جديدة· ومن تلك المؤسسات المالية بنك التعاون ''أندينا دي فومينتو'' في كاراكاس الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سبعينيات القرن المنصرم، كما يوجد ''بنك التنمية البرازيلي'' الذي يفوق في حجم قروضه ''بنك الأميركيتين للتنمية'' البرازيلي· ويعبر عن هذا الرأي المنتقد لإنشاء بنك الجنوب ''مايكل شيفتر''، نائب رئيس منتدى الحوار بين الأميركيتين في واشنطن قائلاً: ''هناك مخاوف من أن يتحول مشروع إنشاء بنك الجنوب إلى مجرد تلفيق إذا ما اعتمدت سياسته في الإقراض على الولاء الشخصي والاعتبارات السياسية، لا سيما في ظل وجود مؤسسات مالية أخرى مزدهرة في أميركا اللاتينية تستطيع الاضطلاع بهذا الدور''· وبالرغم من حجم التبادل التجاري المتزايد بين البرازيل وفنزويلا، بحيث تقوم كبريات الشركات البرازيلية العاملة في مجال الإنشاءات بالاستثمار في مشروعات البنية التحتية في فنزويلا، فإن الرئيس ''شافيز'' بدأ يفقد صبره من جاره الكبير· فقد قرر ''شافيز'' عدم حضور اجتماع عقد في الشهر الماضي لمجموعة ''ميكوسور''، المنظومة المحلية للتجارة التي تسعى فنزويلا للانضمام إليها، مفضلا التوجه إلى روسيا البيضاء وإيران وروسيا، حيث حظي باستقبال جيد من دون الإشارة إلى سياستــه تجــاه المعارضة ووسائــل الإعلام· مراسل نيويورك تايمز في فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©