السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماري أبي صعب موهبة أنضجها الألم

ماري أبي صعب موهبة أنضجها الألم
16 مارس 2008 03:51
في ''بيت شباب الضيعة'' اللبنانية، في قلب الجبل، تعيش ماري ألين أبي صعب مع غيرها من المقعدين المتعبين· تعيش في عالم، الريشة فيه هي صديقتها الوحيدة والأثيرة· ترسم وتكتب وتدرس حتى حصلت على شهادة الماجستير في الفلسفة الإسلامية من الجامعة اللبنانية ودكتوراه في المنطق الأصولي لهذه الفسلفة· وماري، فنانة برسم الألم، ترسم وتكتب المقالات وغيرها بواسطة فمها في تجربة غير مسبوقة لتحدي الإعاقة والإصرار على النجاح رغم كل المعوقات والصعوبات والإهمال· ولدت ماري ألين أبي صعب في عام 1965 وعاشت طفولة ومراهقة وبداية شباب أكثر من طبيعية، حلمت خلالها بمستقبل باهر تكون فيه أٍستاذة جامعية، لكن المرض غافلها، تقول: ''في السادسة عشرة من عمري بدأت أعراض مرض التصلب اللويحي تظهر علي· فبدأت أفقد توازني شيئا فشيئا إلى أن أصبت بشلل نصفي، ما لبث أن تحول إلى شلل كامل في العشرين من عمري، وصرت جراءه عاجزة عن المشي وتحريك جسمي باستثناء رأسي· اعتنى بي أهلي في بداية الأمر وساندوني وعانوا معي كثيرا، ولكن بعد وفاتهم قررت الانتقال إلى مستشفى ''بيت شباب'' لأجد من يهتم بي''· وبالطبع كان الانتقال إلى بيت شباب يعني أن ماري ربما ستعيش بين جدران مغلقة ومعزولة عن العالم الخارجي، خصوصا أنها تواجه صعوبة في التنقل· ولكنها مع ذلك لا تضع هذا الأمر عائقا أمام حبها للحياة· ولا تتردد في طلب سيارة أجرة لتخرج للتنزه بمفردها ولتزور من حين لآخر شقيقتها وعائلتها· ماري شغوفة بالرسم منذ الصغر· فهو هوايتها المفضلة، ولكنه أصبح اليوم مصدرعيشها بعد أن قررت أن ترسم بواسطة فمها· وتقول: ''جاءتني الفكرة من سيدات مهتمات بالرسم جئن لزيارة ''بيت شباب''، وعندما شاهدن رسوماتي قبل إصابتي بالشلل اقترحن عليّ أن أحاول الرسم بواسطة فمي· فبدأت أحاول القيام بذلك· إلا أن الصعوبة كانت في التحكم بالريشة، ولكن مع الوقت أصبح الأمر سهلا رسماً وكتابة''· بعد ذلك بدأت ماري تتعلم تقنيات الرسم الصحيحة دون الاعتماد على موهبتها الفطرية· ومن هنا كانت المفاجأة السعيدة التي حصلت عليها عندما طلب منها عرض لوحاتها في معرض الكتاب العربي العام الماضي في بيروت، الشيء الذي كان فرحة كبيرة لها· وتصف ذلك قائلة: ''كان مرسمي في المعرض الوحيد بين آلاف الكتب، حيث تجمهر الناس ليشاهدوني وأنا أرسم بواسطة فمي حتى أن الكثيرين لم يصدقوا ذلك!''· وتطمح ماري إلى نشر رسوماتها في معارض عربية ومحلية، والتعرف إلى أسماء كبيرة في عالم الرسم التعبيري· وفي الوقت الراهن تكتفي بالمعارض الخاصة بالمؤسسة التي تسكن فيها· ويكفي النظر في عيني ماري لنلمس الراحة والسكينة التي تنعم بهما رغم معاناتها، وحين تسألها عن السر تجيب: ''الفضل الأول والأخير يعود لله سبحانه وتعالى''· وتتابع: ''فمن دون قوة الإيمان والصلاة كان من المستحيل أن أتعايش يوما واحدا مع مرضي· فلقد عرفت الكثير من أوقات الضعف والملل من الألم خاصة في فترات الصباح، حيث كنت أرى زميلاتي يذهبن إلى الجامعة وأنا شبه عاجزة· لكنني في النهاية تغلبت على مشاعر الضعف، ولم أعرف اليأس والإستسلام، بل أقنعت نفسي بضرورة الاستمرار بما تبقى لي من قدرة''·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©