الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار كوسيلة لاختلاف الرأي وانتقال الإبداع

الحوار كوسيلة لاختلاف الرأي وانتقال الإبداع
16 مارس 2008 04:05
ابتدأ الحوار مع المغربي محمد بن عيسى ـ الحائز على جائزة شخصية العام الثقافية ـ حيث تحدث عن تجربته مع مهرجان ''أصيلة'' المغربي للفنون منذ عودته بعد إكمال دراسته في أميركا وأوروبا، والعقبات التي واجهته في تلك الأيام السبعينية من القرن الماضي، حيث الظروف المادية السيئة والصراعات الفكرية بين النخب والاتجاهات الثقافية المؤدلجة، وأشار ابن عيسى الى نظرية إقصاء الآخر ـ حين الاختلاف في الرأي ـ التي كانت سائدة وما زالت في الوسط الثقافي، أو الممارس للثقافة العربية، وقال في هذا الصدد: إن المبدأ الذي أؤمن به هو أن الثقافة ليست وقفا على أي أيديولوجيا واتجاه فكري، وان التحاور يجب أن يكون مع الذين نختلف معهم في الآراء، لا مع الذين ينسجمون معنا فيها، لأن ذلك يخرج الحوار عن حقيقته وجوهره· وأضاف ابن عيسى: لقد أطلقت على بعض الاتجاهات في المغرب ـ حين بدأت بتنفيذ مشروع ''أصيلة'' للفنون ـ شتى الألقاب ونعتني بكيل من الاتهامات، بينما كان همي الأكبر هو إقامة مشروع ثقافي فكري فني يتداخل فيه المسار العام لحياة الناس البسطاء في تلك المدينة الصغيرة ''أصيلة'' مع المشهد الثقافي الخاص، لتولد حالة من الحياة الجديدة في المدينة، ولقد كانت الظروف المادية صعبة لدرجة أني كنت أرهن منزلي كل سنة ليتسنى لي تسديد نفقات المهرجان، وأقوم طيلة العام بتسديد ذلك الرهن للبنك، الى أن عجزت في ذات مرة عن التسديد الى أن تدخل أحد الأشخاص لدى الديوان الملكي لفكاك الرهن، وتم ذلك، وتحول المهرجان لما هو عليه اليوم، يقصده الآلاف من عشاق الفن والحياة من كل أنحاء العالم· ودعا ابن عيسى في ختام حديثه الى تفعيل العلاقات الثقافية والفكرية والاقتصادية بكل أشكالها مع ''القارة السمراء، لأنها ـ على حد قوله ـ ظهر وسند العالم العربي، وان المستقبل معها لا مع الشمال ـ يعني أوروبا ـ وان الروابط المشتركة بين العالم العربي وأفريقيا تحتم هذه العلاقة عاجلاً أم آجلاً· مكانة الكتاب وتحدثت هدى الشوا قدومي، الفائزة بجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل، فبدأت حديثها بالقول: إن فوز كتابها ''رحلة الطيور الى جبل قاف'' هو فوز وتكريم للكتاب العربي الذي نال منه الغبار على رفوف النسيان، وان تخصيص الإمارات لهذه الجائزة الكبيرة ـ معنوياً ومادياً ـ أعاد المكانة للكتاب والكاتب العربي بعد عقود وقرون من الإهمال في المشهد الثقافي العربي، أما بالنسبة لتجربتي مع الكتاب لأدب الطفل، فهي تكمن في المحاولة لتقديم كتاب طفل عقلي وتاريخي، لا يستغفل الطفل ولكنه في ذات الوقت يقدم له المعلومة والحكاية بروح ممتعة وجديدة· وأضافت الشوا إن الكتاب مستوحى من زمن الأدب الإسلامي والعربي في أوج عظمته أيام كانت الحضارة الإسلامية بوتقة لكل ثقافات وحضارات العالم الممتدة من الصين الى إسبانيا، ويصور عبر حكاية خيالية مستوحاة من الأدب الإسلامي القديم، قصة حوار رمزية أرادتها أن تكون مشروعاً جديداً لتعليم فن الحوار للأطفال· ثم تحدث المعماري العراقي رفعت الجادرجي، الحائز على جائزة الشيخ زايد للفنون، عن كتابه ''في سببية وجدلية العمارة''، حيث أشار الى التراكم الكتابي الذي طال لعشر سنوات حتى إنجاز هذا الكتاب، موضحاً أن ''فن العمارة'' الذي يناقشه الكتابة، لا يمكن أن ينفصل عن ثقافة المكان والحضارة التي يمثلها، بل أن هذا الفن يتجاوب مع الحسيات ومع المحيط الاجتماعي بشكل كبير، وأشار ''الجادرجي'' الى المنظور الجديد الذي يحاول تقديمه من خلال الكتاب لمحددات فن العمارة بين الحاجات النفعية والرمزية والجمالية على المستويات الجماعية والفردية، وان الرؤية للمعارصة التي طرحها في فن العمارة الحديث وإن كانت مشبعة بالقيم الجمالية المطعمة بالعناصر التراثية، إلا أنها تقوم بدورها الوظيفي البحت الذي يقوم على حسابات هندسية دقيقة· التاريخ وصنع التاريخ ثم تحدث إبراهيم الكوني عن سيرته مع الكتابة الروائية وبخاصة روايته الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب، وقال: منذ 6 سنوات كنت في مؤتمر بالاسكندرية وقد التقيت بصديقي الدكتور صلاح فضل فحدثني عن أهمية استبدال الصحراء التي تناولتها في أعمالي الروائية بالكتابة عن المدينة أو أن أستبدل الأسطورة بالتاريخ وقال لي: إننا لا نعرف شيئاً عن تاريخ ليبيا ومن واجبات أي مبدع أن يقدم للعالم تاريخ بلده من وجهة نظر إبداعية، فصار هذا الأمر لدي هاجساً، ولذا فإنني اتجهت الى قراءة الحوليات الليبية لشارل فيرد، فاكتشفت عالماً جديداً وهو أن تاريخ ليبيا في القرنين الـ 18 و 19 يحمل في داخله ملحمة روائية جاهزة للكتابة، وما علي سوى أن أتسلح بالتقنية حيث ترد روح الحياة للسرد التاريخي الميت· ''نداء ما كان بعيداً'' تحكي عن تاريخ ممتد ما بين 1711 ـ 1835 للأسرة القمرلية التي حكمت 125 عاماً، واكتشفت أن أهمية هذه الأسرة تأتي كونها حكمت وسط صراعها مع الآخر، أحمد القمرلي الحاكم من هذه الأسرة كون قوة بحرية في البحر المتوسط واستطاع أن يذل دول الشاطئ الآخر وعلى رأسها فرنسا ليصبح هذا الرجل بديلاً للصدر الأعظم ـ ما يسمى هكذا ـ في الاستانة· ويضيف الكوني: هذه الملحمة من 5 أجزاء أصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ولا أريد أن أتحدث عن مضمونها، فالعمل يتحدث عن نفسه، إلا أنني اكتشفت أيضاً أن الكتابة القصصية عن المدينة أسهل من الكتابة عن الصحراء، فالرواية هي تحد كبير، ولذا أقول إن انتقالي من الكتابة عن الصحراء الى الكتابة عن المدينة كانت بفضل صلاح فضل، أما السبب وراء هذه السهولة كما أتصورها فيعود الى ثراء المدن وتشابك علاقاتها وهذا يُعد عوناً للمبدع، لكن صعوبة العمل التاريخي هي الالتزام بالوقائع التاريخية وكما أفهم أن عليه مهمة صناعة الدراما· لقد درست الرواية في الاتحاد السوفييتي سبع سنوات وتوصلت الى أن العمل الروائي هو الدراما وحتى في أعمال تيار الوعي ونموذجه رواية ''البحث عن الزمن الضائع'' لمارسيل بروست، فهي ملحمة درامية، ولذا فإن التحجج بأن أي خواطر ذات بعد شعري تبيح للمؤلف أن يسمي هذه رواية فهي مسألة خطيرة جداً· الترجمة النوعية ثم تحدث فايز الصياغ عن تجربته في الترجمة وفوزه بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن هذا الفرع بقوله: أريد أن أطرح لماذا هذا الكتاب (علم الاجتماع) لأنتوني كيدنز، وأرى أن هذا أهم سؤال لابد من الإجابة عنه، وقبل ذلك أود أن أشكر مجلس جائزة الشيخ زايد ولجانها الاستشارية والفاحصة للنصوص على ما قدموه من جهد في إدارة هذه الجائزة وأعتبر تكريمي بها هو تكريم للكتاب والأدباء في الوطن العربي، وأقول إن المشرفين على هذه الجائزة يستحقون كل الشكر والتقدير· يقول د· الصياغ: إن تجربتي في الدراسة والترجمة والمعرفة تمتلك طرافة لابد من أن أعرج عليها: فأنا منذ الستينيات عندما كنت طالباً في الجامعة الأميركية في بيروت، اطلعت على كتاب في علم الاجتماع لأنتوني كيدنز، وتحيرت في أن أدرس الأدب العربي أو الأدب الإنجليزي، وقد اخترت في السنة الأولى الأدب العربي ثم تحولت الى الأدب الإنجليزي، ثم تحولت الى دراسة علم الاجتماع السياسي· درست كدينز ورجعت الى الأردن وعزفت عن التدريس في الجامعة واعتبرتها أشبه بالمدرسة فهي دراسة تلقين وانها لا تبيح الاستقصاء بل تحجب عليهم آليات النقد وإذكاء روح البحث العلمي· ويقول أيضاً: انضممت الى مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية وهو مركز بحثي وأذهلني ما وجدته في المكتبات وهو ان أكثر الكتب مقرصنة عن الكتب الأوروبية، حتى الأساتذة ترجموا تلك الكتب ـ للأوروبيين ـ ونسبوها لأنفسهم وطالبوا الطلبة بحفظها، بل تقليد أساليبهم هذه، وإن الطالب في كل سنوات ومراحل الدراسة الجامعية لا يطلب منه أن يتوجه الى المكتبة· من هنا قررت أن أترجم ولكنني لا أترجم كما يترجم الآخرون· وأضاف الصياغ: إن ترجمتي نوعية من حيث المستوى الأدبي والفني· وهكذا أردت ترجمة كتابي هذا فأخذت موافقة المؤلف والناشر حسب الأصول، نعم استأذنت بأن أدخل قراءات وآراء العلماء العرب في هذا المجال حول كل الموضوعات التي تناولها الكتاب، والكتاب بذلك من ترجمتي للنص الأصل وإضافات عربية عليه وكان من ضمن من اخترت لهم: أحمد كمال أبو المجد وابن خلدون وبرهان غليون وحليم بركات وخلدون النقيب وسلمى الخضراء والجيوسي وصادق جلال العظم وغسان سلامة وآخرون· ثم تحدث محمد العلي عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع النشر والتوزيع فقال: بداية نتقدم للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية باسم الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالشكر والتقدير والامتنان على الدعم اللامحدود للرعاية التي يحظى بها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية· المركز أسهم في إعداد الكوادر البحثية الوطنية وهو في كل ذلك يخدم البنية الاجتماعية في هذا المجال· وأضاف العلي ان المركز يحتوي على 570 إصداراً باللغتين العربية والإنجليزية وهي تتمحور في ثلاثة مجالات أولها مجال عقد المؤتمرات والندوات، وثانيها ترجمة بعض الكتب عبر اللجان الاستشارية المختصة التي ترشح هذه الكتب، وثالثها مجال الدراسات بأنواعها العالمية، والاستراتيجية والمحاضرات داخل المركز· قراءة نقدية وعن جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع المؤلف الشاب والتي فاز بها الدكتور محمد سعدي عن كتابه ''مستقبل الصراعات الدولية'' قال سعدي: هذه الجائزة تأتي لتعلي شأن الفكر في العالم العربي وبقدر ما هي تشريف لي فهي تكليف كبير أيضاً· وأهم شيء هو أنها تجعل الفكر في خدمة مجتمعاتنا وان كتابي هذا هو أطروحة قدمتها عام 1993 رداً على مفهوم صدام الحضارات لصموئيل هنتنغتون والذي تصديت له ولأفكاره في هذا الكتاب· وقال: أرى أن أغلب المفكرين لم يقرأوا كتاب ''صدام الحضارات'' ولذا عمدت الى قراءة الكتاب بشكل نقدي وخاصة ما يتعلق بتصوره حول الإسلام وقد أجبت على أسئلة مهمة ومنها سؤال الهوية ويسعدني أن أرى أن الإمارات قد جعلت عام 2008 عاماً للهوية الوطنية، وقد طرحت مفهوم الحوار إذ وجدت أننا لا ننتج حواراً وناقشت مفهوم التسامح فوجدت كثرة التطرفات والكراهية والأصوليات في عالمنا العربي· وقد قدمت في هذا الكتاب حلولاً على المستوى التربوي في سلوكياتنا اليومية· وعن تعاملنا مع الآخر ومع ذواتنا وجدت أننا يجب أن نتحاور داخلياً مع ذواتنا قبل حوارنا مع الآخر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©