الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبور.. محاولات في حديقة الفن التشكيلي

عبور.. محاولات في حديقة الفن التشكيلي
24 يوليو 2007 05:18
يشكل معرض ''عبور'' المقام في متحف الشارقة للفنون ويستمر حتى الثاني من الشهر المقبل، وسيلة لاختبار حساسية التعارف بين المتفرج وبين المنتج البصري لحظة خروجه من عتمة التجربة الخاصة وعزلتها واقتحامه لفضاء العين الواسعة والمتعددة الأحكام· ''عبور'' يساهم بشكل أو بآخر في خلق التمازج المفتقد بين الروحية اللصيقة بالعمل الفني وبين انطباعات المشاهد وتفاسيره المضمرة، ومن هنا فإن العلاقة بين اللوحة وبين العين لابد وأن تتفتح على اللحظة المضيئة والعامرة بالانفعال والرؤية والكشف· وتقول مدونة المعرض:''إن معارض الطلبة ومنها هذا المعرض ''عبور'' هي فرصة لبناء الثقة لدى الموهوبين بإنجازاتهم، وتفعيل صلتهم بزملائهم المتدربين من جهة ومحبي الفن من جهة أخرى، وهذه المحاولات الفنية جزء من حديقة الفن، وسيكون على المشاركين البحث أكثر عن جوهرة الإبداع في ميادين الحياة وإمعان النظر بالتفاصيل المتنوعة في مكتبة الفن، وتوسيع النظر على مدى الموضوعات المختلفة لتتطور تجاربهم وليتمكنوا من العبور من حالة الهواية إلى عالم الفنان الذي يعيد تشكيل العالم على نحو اختباري وجمالي''· برزخ العين كما تشير أهداف المعرض فإن الفترة الدراسية لأي هاوٍ للفنون هي مرحلة اختبارية لقدراته ومحاولة تطوير أفكاره ورؤاه استعداداً للانخراط في مجتمع أوسع من البيئة الأكاديمية والتدريبية التي عاشها، ولعل العبور من هذه الحالة إلى مواجهة جمهور الفن والاستمتاع بنقاشاته ومحاوراته تعيد إلى الموهبة حساباتها بأن الفن قضية حياتية أشمل وأوسع من الصعوبات التي واجهها على المستوى التقني والمعلوماتي· إن العبور من التقيد بالمفاهيم إلى فسحة الفضاء التعبيري، وسعة هامش الحرية يتيحان لهذا الهاوي تلمس معاني الاحتراف باعتبار الفن مسؤولية ومشاركة في الهموم العامة، واستعداداً وتفعيلاً لكل ما هو جميل، وفي هذا البرزخ بالذات يأتي المعرض لطلبة أنهوا دوراتهم في معهد الشارقة للفنون وباتوا يعيشون هذه الحالة، وأعمالهم التي ما زالت بمجملها تنتمي إلى المرحلة القديمة من تجربة تحمل في الوقت نفسه بذور الانتقال إلى المرحلة الجديدة ومؤشرات تؤكد استعدادهم للتفاعل مع وضعهم الجديد· التأملات المسحورة شارك في المعرض كل من مهند كزار ونسرين عبدالكريم وأليسيا سيدورينكو، تميزت لوحات كزار بالطابع التراجيدي والسوداوي الذي عززته الألوان الداكنة وذوبان المشهد المعبر عنه في بيئة لونية مهدمة ومنزوعة الأمل، وفي لوحات موازية للهزيمة الفردية، يعبر كزار عن خسائر عامة تنتجها الحروب وحالات الحصار والركام الهائل من المنافي والخيبات، وطغت التصاوير السريالية على بعض اللوحات كي تعلي من شأن الحلم والخرافات المنسية، وتذهب بذلك في اتجاه التعويض الغرائبي عن واقع مفتت وغير مهيأ لتشكيلات الفرح· أما لوحات نسرين عبدالكريم فتبوح من خلال التأملات الأنثوية الحزينة عن حالة مغلقة من الكآبة والنزف الذاتي، وهي تستعين بالطبيعة الصامتة كي تخاطب روح الأشياء وتترجم اللغة المبهمة بين العين والموضوع، وتعبر لوحات الشخوص عن عذابات دفينة، وجراح مندسة في الدواخل، كما يعبر''البورتريه'' في أعمال نسرين عن تلك اللحظة المأساوية والصاخبة للوجوه، تلك اللحظة التي تفجر الألم، وتوزع شظاياها على الملامح، فالحالات هنا رهينة لانكسارات وشروخ وحوافٍ شاهقة· أما أليسيا سيدرينكو فتعبر من خلال لوحاتها عن الحنين اللوني للأرياف، ولأرض الطفولة وفراديسها، تتوزع الظلال بألفة وتهيمن التعريشات النباتية كي تخلق الحماية العاطفية للذاكرة، وتذهب الأناقة التعبيرية في لوحات أليسيا باتجاه التفاصيل الصغيرة على الرغم من طغيان المشهد العام والفائض، هذه المشهدية البانورامية لم تلغ الحس الفردي المتصاعد تدريجيا نحو مراتب صوفية وعرفانية، هي في نهاية نشيد العين المسحورة، وغناء الراحلين إلى ''اليوتوبيا'' وحدائقها المجنحة·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©