الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشاعر عبدالكريم كاصد: الحنين شعور إنساني عظيم

الشاعر عبدالكريم كاصد: الحنين شعور إنساني عظيم
24 يوليو 2007 05:20
عبد الكريم كاصد شاعر عراقي يعيش بالمنفى منذ 30 سنة، يقيم حالياً بلندن بعد أن عاش سنوات في اليمن ومنافي عربية أخرى، صدر له منذ 1975 إلى الآن 14 كتاباً موزعة بين الدواوين الشعرية والمجموعات القصصية والمسرحية والتراجم الشعرية، كما أن له 20 كتاباً آخر جاهزاً لكنه لم يصدر لأسبابٍ يتحدث عنها الشاعر في هذا الحوار،حيث يتطرق أيضاً إلى العلاقة بين المنفى والإبداع والترجمة إلى اللغات الأخرى ومسرحيته المترجمة''حكاية جندي'' لاقت استحساناً وقضايا أخرى تأتي في الحوار التالي: ؟ كيف نظر إلى العلاقة بين المنفى والإبداع الأدبي؛هل يفجر المنفى طاقة إضافية لدى الأديب تجعله يبدع بشكل أكبر ممّا لو كان يعيش في بلده؟ ؟؟لا· المبدع هو المبدع في أي مكان، يمكن أن يكون هناك مبدعٌ متميز حتى وهو في عزلته، ليس هناك مقياس لكي نقول إن كُتَّاب المنفى أكثر قدرة على الإبداع من كُتَّاب الداخل أو العكس، ليس هناك قانون، حتى في العلم هناك احتمالات كما في تركيب الذرة وقوانينها مثلاً، فكيف حينما يتعلق الأمر بمسائل الأدب؟ القانون الوحيد هنا هو قدرة المبدع على استيعاب الواقع جمالياً واستيعاب الواقع الجديد الذي يقيم فيه؛ استيعاب حضارته وثقافته؛ لا ليكون جزءاً من الواقع الجديد بل ليكون جزءاً من واقعه القديم ويتخطاه· إن المبدع سواء كان في الداخل أو الخارج، ليس منفصلاً عما يجري في الواقع وخاصة منجزات التكنولوجيا والعلوم وغيرها· ؟ يقال إن موضوعات أدباء المنفى هي الحنين والشوق إلى الأوطان أكثر من قضايا وموضوعات الأوطان· ما رأيك؟ ؟؟ ولماذا نحتقر الحنين؟ لماذا نخاف هذا الشعور الإنساني العظيم؟ المتنبي قال: خُلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا/ لفارقت شيبي موجع القلب باكيا· لماذا لا يكون لدينا حنينٌ إلى طفولتنا وأصدقائنا؟ هناك كُتَّاب يقولون إن كل كتاباتهم منبعها طفولتهم، لماذا نتخوف نحن من هذه الألفاظ ونحاول أن نجد منافذ أخرى لفهمها؟ ما هو مهم في الحقيقة هو: كيف توظف الحنين؟ كيف تعكسه، بأي معادل موضوعي كما يسميه إليوت؟ كيف أقدِّم الحنين من خلال موضوع بسيط ورؤية معينة إلى الواقع؟ الحنين هو الكثير من الأساطير والملاحم؛ ملحمة''أوديسا''مبنية على الحنين حتى في شخص خشن مثل أوديسيوس الذي على الرغم من شراسته وقسوته،إلا أنه مملوء بالحنين· ؟ هل تُرجمت بعض دواوينك إلى الإنجليزية ولغات أخرى؟ ؟؟ أنا مشغولٌ بالكتابات أكثر مما أنا مشغول بأن يُترجم لي، وقد ترجمتُ قصائدي مع ابنتي سارة وأيضاً لديَّ صديق انجليزي عزيز اسمه ديفيد كيرت قمنا بترجمة عدد كبير من قصائدي سوياً، وربما سأطبعها في كتاب، وهناك أمسيات عديدة أحضرها مع إنجليز، وأقرأ أشعاري بالعربية وديفيد يقرأها بالإنجليزية· كما أنتجت مسرحية ''حكاية جندي'' على مسرح أولدفيك الذي كان شكسبير يقدم فيه مسرحياته، وكذا اليوت، وقد ترجمتُ النص الفرنسي شعراً إلى العربية ثم تُرجم إلى الإنجليزية شعراً وقدمه المخرج بالعربية والإنجليزية معاً بتداخل مذهل في الإخراج· الإبداع والنقد ؟ هل تعتقد أن أدب المهجر قد نال ما يستحقه من اهتمام الإعلام والنقاد والجماهير في الأوطان العربية؟ ؟؟ الإعلام العربي محدود وله توجهاته وسياسته الخاصة، وله رموزه أيضاً و''نجومه'' التي يختلط فيها المبدع بغير المبدع، هو أداة إيديولوجية في يد السلطة، وينطبق هذا الحصار والإقصاء على الأدباء في الداخل أيضاً، وهناك أدباء في المهجر ولكنهم حكوميون رسميون وقد تحوَّل بعضهم إلى موظفين في مؤسسات عربية· وفي الداخل نجد بعض المبدعين يقفون ضد المسار السلطوي في هذا الجانب أو ذاك· أما النقد، فأعتقد أنه لم يستطع أن يجاري الكتابات الإبداعية، سواء في المنفى أو في الداخل، من النادر أن تجد كتابات جادة عن الأدب العربي في الداخل أو المهجر، وما تجده- إن وجدت- هو مجرد متابعات صحفية أكثرها ذات دوافع وأهداف خاصة، وعندما نقيس جهد الكتابات الإبداعية باللغة العربية بالجهود المبذولة في أوروبا نبقى مندهشين؛ في أوروبا أبسط الشعراء والكتَّاب تجد مكتبة خاصة كُتبت عنهم، كل أديب صدرت عنه دراسات وبحوث ولقاءات وندوات، بينما نحن ندعي أننا أمة الشعر وهذا يحمل الكثير من المبالغة، لأن ما يصدر من دراسات وكتب عن شعرائهم أضعاف ما يصدر عن شعرائنا· ؟ وكيف ترى المشهد الشعري العربي الآن؟ ؟؟ هناك أجيال جديدة ومبدعة، والشعر العربي بحاجة إلى استقرار أكثر وبحاجة إلى نقاد منصفين؛ قبل أن نقيِّم هذا الشاعر العربي أو ذاك، هل استطعنا فعلاً أن نحقق الشيء الأبسط وهو طبع دواوينه وتوزيعها؟ أنا أكتب الشعر منذ أكثر من أربعين سنة، وهناك زملاء كثيرون مثلي، وإلى حد الآن لا نستطيع أن نطبع دواويننا وكتبنا في المؤسسات العربية، دور النشر أغلبها إما نشتري منها نسخاً أو تطبع على نفقتنا، هل تعرف أن لديَّ أكثر من 20 كتاباً مترجماً وغير مترجم لم أطبعه إلى حدِّ الساعة؟ أنا لا أستطيع أن أصرف فقط على طبع كتبي في دور النشر، في هذه السنة قد تطبع لي أربعة كتب أو خمسة لأن هناك فرصة أتيحت لي، ولكن لا أدري ما إذا كانت هناك فرص أخرى متاحة لي مستقبلاً بالنسبة لبقية الكتب، المسألة تتعلق بالصداقات والولاءات والعقائد·· وهذه الإشكالات قد توجد في أوروبا ولكن ليس بهذه الأشكال الطاغية والسائدة الموجودة في وطننا العربي· ليس هناك أزمة في الشعر؛ فالشعراء المبدعون موجودون في كل مكان في الوطن العربي، بل الأزمة هي كيف يصل الإنتاج الشعري العراقي أو السوري إلى الجزائري والمغربي؟ لقد التقيتُ هنا بالجزائر شعراءَ لهم كتابات مهمَّة لكنها لم تصل إلينا·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©