الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"حزب العدالة والتنمية" ودلالات الفوز في الانتخابات التركية

"حزب العدالة والتنمية" ودلالات الفوز في الانتخابات التركية
24 يوليو 2007 05:13
حقق حزب ''العدالة والتنمية''، ذو التوجهات الإسلامية في الانتخابات التركية التي جرت يوم الأحد الماضي، أكبر مما يتوقع له من فوز على نطاق البلاد بأسرها، بحصوله على ما يقارب نسبة 50% من إجمالي الأصوات الانتخابية، ما يعني توجيه ضربة كبيرة للحرس القديم· فوفقاً لتصريحات المسؤولين الانتخابيين الأتراك، حصل هذا الحزب الإسلامي الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي، رجب طيب أردوجان، على نسبة 46,6 في المئة من جملة الأصوات التي جرى فرزها وعدها، محققاً بذلك زيادة تتجاوز نسبتها 34 في المئة، عما حصل عليه الحزب نفسه في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام ·2002 وكانت المؤسسة العلمانية الرسمية في البلاد، قد توقعت عكس هذه النتيجة تماماً، إذ كان في تقديرها أن تسعى القاعدة الناخبة لمعاقبة حزب ''العدالة والتنمية'' على دفعه بأجندته الإسلامية الخاصة، على حساب التوجه العلماني التاريخي للدولة التركية الحديثة· ولكن الذي حدث عملياً، هو حصول الحزب العلماني الرئيسي في البلاد، ''حزب الشعب الليبرالي'' على نسبة لا تتجاوز 20,9 في المئة فحسب من جملة الأصوات، مقارنة بنسبة 19 في المئة حققها الحزب في انتخابات عام ·2002 وإلى ذلك حصل ''حزب العمل الوطني'' الذي يلعب على أجندة الخوف من نشاط الحركة الكردية الانفصالية العرقية، على نسبة قدرها 14,3 في المئة فحسب، على حد قول المسؤولين· وتعد هذه النتيجة الانتخابية بمثابة تفويض شعبي لحزب ''أردوجان''، مصحوباً برسالة ضمنية بعثت بها أغلبية ناخبة كبيرة، تفيد بقناعتها بأن حزب ''العدالة والتنمية'' لا يمثل خطراً ولا مهدداً لمسار الديمقراطية التركية· يذكر أن النتيجة الانتخابية التي أحرزها الحزب، قصرت من دون ضمان أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، وهي الأغلبية المطلوبة لتمكين الحزب من إجراء تعديلات دستورية، وهو أشد ما كان يخشاه العلمانيون الأتراك، إن حدث· ووفقاً للنتائج الأولية للانتخابات المذكورة، فإن المتوقع أن يحصل حزب ''أردوجان''، على 340 مقعداً من مقاعد البرلمان على أقل تقدير، من جملة 550 مقعداً· أما الحزب العلماني الرئيسي، فيتوقع له أن يحصل على 111 مقعداً، بينما يخصص 71 مقعداً لحزب ''العمل الوطني''، في حين يحصل المستقلون على 28 مقعداً أو أكثر بقليل· يذكر أن طيب رجب أردوجان، شدد خلال قيادته لمجلس الوزراء طوال الفترة الماضية من توليه للمنصب، على الإبقاء على عضوية تركيا في حلف ''الناتو''، فضلاً عن كونها حليفاً قوياً للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، إلى جانب محافظته على استقرارها الأمني والسياسي، وهو أمر له أهمية كبيرة في منطقة تتنازعها الاضطرابات من كل جانب· وعليه فإنه ليس مستغرباً أن يسعى هذا البحث عن الروح السياسية لتركيا، عن إجابات طالما ظل يثيرها الحلفاء الأميركيون منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر على بلادهم· ويدور هذا البحث بالدرجة الأولى، حول السؤال التالي: هل يمكن لحكومة ذات توجهات إسلامية منتخبة شرعياً في أنقرة، أن تنهج نهجاً ديمقراطياً، وتظل على ولائها للغرب؟ يذكر أن طيب رجب أردوجان، قد ثمّن الفوز الانتخابي الأخير الذي حققه حزبه، أثناء حديث له أمام ناخبيه في المقر الرئيسي للحزب في أنقرة· غير أنه لم يفت عليه في ذات الوقت، أن يرسل من التضمينات في حديثه، ما يوحي برغبته في سد الهوة التي نشأت بينه وبين العلمانيين بقوله: لقد شهدت أمتنا لحزب ''العدالة والتنمية''، بكونه قوة رئيسية في البلاد· بيد أني أوجه حديثي كذلك للمواطنين الآخرين الذين لم يكن حزبنا خياراً سياسياً يؤيدونه بأصواتهم الناخبة· وإني لمتفهم لمختلف الرسائل التي بعثتم إلينا بها عبر صناديق الاقتراع· وعليه فنحن نعبر عن احترامنا لخياراتكم، ونعتبر خلافاتكم تلك، جزءاً لا يتجزأ من ثراء أمتنا وديمقراطيتها''· بيد أن ردة فعل الجيش التركي المعروف بقوته وسطوته في البلاد، لا تزال مجهولة بعد· وكانت المؤسسة العسكرية قد بعثت إلى طيب رجب أردوجان، برسالة قوية اللهجة للغاية في شهر أبريل الماضي، أنذرته فيها من أنه قد ضل طريقه بعيداً عن التوجهات العلمانية للبلاد· أما تاريخياً، فيعرف للمؤسسة نفسها، إطاحتها بأربع حكومات منتخبة ديمقراطياً، منذ تأسيس دولة تركيا الفتية في عام ·1923 وفي اتصال هاتفي بالسيد ''أونور أويمن''، نائب رئيس ''حزب الشعب الجمهوري'' قال إنه تحدث إلى كثير جداً من الفلاحين الذين شكوا له عن عدم رضاهم عن الأداء الاقتصادي، وأعربوا عن حيرتهم ودهشتهم إزاء النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأخيرة، خاصة وأن من رأيهم أن حزب ''أردوجان''، ظل يتلاعب بالمشاعر الوطنية للأتراك، ويدفع بأجندته الإسلامية· لكن وعلى صعيد الممارسة العملية، فإنه يحسب لحزب ''أردوجان''، دفعه بخطى انضمام بلاده إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، بما فيها إعادة سن التشريعات والقوانين، بما يتلاءم وتلبية المعايير الأوروبية لنيل عضوية الاتحاد، إلى جانب تلبيته لمتطلبات البرنامج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي، وتحسينه لعلاقات بلاده الاقتصادية مع الجارة إسرائيل، وسعيه إلى حل مشكلات الأقلية الكردية داخلياً· لكن وعلى رغم هذه الإصلاحات، فإن الشكوك في نوايا حزب العدالة والتنمية، لا تزال تساور الكثير من علمانيي المدن والمراكز الحضرية· ففي نظر ''نوري جوفينميز''، وهو موظف في صناعات الغاز، فإن حزب ''أردوجان''، ينتمي إلى أصول دينية، وينحدر اجتماعيـــاً من طبقـــة التجار في الريف التركي، بينما تتباين آراء ورؤى كبار قادته، تبايناً كبيراً فيما بينها· أما القاعدة الاجتماعية الناخبة التي أوصلت حزب ''العدالة والتنمية''، إلى ما هو عليه اليوم، فهي القاعدة الإسلامية· وعليه فإن من الصعب جداً على الحزب أن يفارق جذوره الدينية هذه· ومما لا شك فيه، أن حديث ''أردوجان'' المشار إليه آنفاً، كان على درجة من اليقظة والحساسية إزاء كل هذه المخاوف، ولذلك فقد ضمنه القول:''لن نساوم مطلقاً في صيانة المبادئ العليا التي تقوم عليها الجمهورية التركية· كما لن نسمح لفرحتنا بالنصر الذي حققناه، أن تكون سبباً لأحزان الآخرين''· مراسلة نيويورك تايمز في اسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©