إسدال الستار على أزمة ممرضات الإيدز

انتهت أزمة ''ممرضات الإيدز'' أمس بوصول الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني الأصل إلى مطار صوفيا على متن طائرة رئاسية فرنسية· وافرجت السلطات الليبية عن المجموعة وفق اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لعبت فيه سيسيليا ساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دوراً محورياً· وأصدر الرئيس البلغاري جورجي بارفانوف عفواً عن الممرضات والطبيب فور وصولهم إلى صوفيا ليصبحوا احراراً بعد 8 أعوام قضوها في السجون الليبية بتهمة نقل فيروس ''نقص المناعة المكتسبة'' (الإيدز) إلى أكثر من 400 طفل ليبي خلال عملهم في مستشفي بنغازي للأطفال في ·1999 ووصلت الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني الذي منح الجنسية في وقت سابق إلى مطار صوفيا بعد أن أطلقت السلطات الليبية سراحهم في السادسة صباحاً لتسليمهم إلى صوفيا بناء على اتفاق قضائي موقع بين الدولتين في ·1984 ورافق الممرضات والطبيب على متن طائرة حكومية فرنسية سيسيليا ساركوزي والمفوضة الأوروبية بينيتا فيريرو فالدنر· واحتشد اهالي الممرضات في مطار صوفيا كما استقبل المجموعة الرئيس البلغاري بارفانوف ورئيس الوزراء سيرجي ستانيشيف ووزير الخارجية ايفايليو كالفين وعدد من الدبلوماسيين· ثم تم اصطحابهم واسرهم إلى القصر الرئاسي حيث سيمكثون عدة أيام للخضوع إلى فحوصات طبية· اتفاق ''الصفحتين'' وبشأن الاتفاق الذي بموجبه تم الافراج عن الممرضات، ذكر مصدر أوروبي أن مفوضة العلاقات الخارجية فيريرو فالدنر وقعت اتفاقاً من صفحتين مع ليبيا بشأن المساعدات الطبية والعلاقات السياسية· وأكد وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن محمد شلقم هذا الاتفاق· وقالت فالدنر إن ''هذا القرار سيفتح الطريق أمام علاقات جديدة ووثيقة بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وسيعزز روابطنا مع حوض البحر المتوسط وأفريقيا بأسرها''· وأوضحت مصادر إعلامية اوروبية أن الاتفاق تتضمن ايضا تعهداً بفتح الأسواق الأوروبية للمنتجات الزراعية والسمكية الليبية، بالإضافة إلى توفير الخبرات الفنية اللازمة لترميم الآثار الليبية ومنح دراسية للطلبة الليبيين· وقال مصدر ليبي مقرب من المفاوضات إن الاتفاق بين ليبيا والاتحاد الأوروبي تضمن تزويد المستشفى الذي كان يعمل فيه الستة ببنغازي بالمعدات الطبية، ومعالجة الاطفال الذين اصيبوا بمرض ''الايدز''· ومن جانبه أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن فرنسا والاتحاد الأوروبي لم يقدما أي ''مدفوعات'' لليبيا مقابل الافراج عن الممرضات· وقال ساركوزي ''هل دفعت فرنسا يورو واحدا؟'' الإجابة ''لا''· و''هل دفعت أوروبا يورو واحدا في إطار هذه المفاوضات خارج بروتوكول الاتفاق المطروح على الطاولة'' الإجابة ''لا''· في المقابل أعلن وزير الخارجية الليبي أن الاتحاد الوروبي وفرنسا ''غطيا'' التعويضات التي دفعها صندوق بنغازي لمساعدة علائلات الاطفال المصابين بالإيدز· وأوضح جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ساهم في المعونة الإنسانية المقدمة لأسر الأطفال· كما أشاد ساركوزي بالوساطة القطرية وتدخلها الإنساني· وأوضح ساركوزي أن ''المفاوضات التي جرت بين قطر وليبيا الدولتين العربيتين هي شأن يعنيها وإذا ارادتا إعلان شئ ما بهذا الخصوص فسوف تفعلان''· وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أنه تعهد للزعيم الليبي معمر القذافي بالعمل على تطبيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وليبيا· وقال انه أوضح خلال اتصال هاتفي مع القذافي أن العلاقات كانت ''متعثرة بسبب عدم تسوية هذه القضية وأنه في حال تسويتها وقد سويت الآن، فإننا مستعدون للمضي أكثر في تطبيعها''· فرحة ودموع ووسط البكاء والعناق في مطار صوفيا، قالت احدى الممرضات ''سنيجانا ديميتروفا (54 عاماً) '' لا أعرف ماذا أقول، عشت من أجل هذه اللحظة''· وذكرت زميلتها كريستينا فلتشيفا (48 عاماً) '' الذكريات التي حملتها من ليبيا ليست سيئة جميعها، فالليبيون العاديون طيبون''· وأضافت ''مازلت عاجزة عن استيعاب ما يجري''· دور مؤسسة القذافي وأعلنت مؤسسة القذافي للتنمية أنها ''تحفظت'' على حكم الاعدام· وقال صالح عبد السلام المسؤول الاول في مؤسسة القذافي للتنمية ''تحفظنا على حكم القضاء الليبي مع احترامنا له''· واضاف عبد السلام ان المؤسسة التي يرأسها سيف الاسلام القذافي نجل القذافي ''كانت ايضا وراء تكليف العالم الفرنسي لوك مونتانييه مكتشف فيروس الايدز بالكشف عن ملابسات اسباب اصابة الاطفال بمرض الايدز''، وهي كانت بالتالي على حد قوله وراء التقرير الذي وضعه مع نظيره الايطالي فيتوريا كوليتزي والذي خلص الى ان اصابة الاطفال بالايدز كانت نتيجة الظروف الصحية الرديئة في مستشفى بنغازي· غير ان القضاء الليبي رفض مضمون التقرير الذي يتعارض مع الفرضية التي تبناها اذ اعتبر ان الممرضات والطبيب البلغار تعمدوا حقن الاطفال بفيروس الايدز· وكشف المسؤول عن ''تحفظ مؤسسة القذافي عن تبرئة ضباط ليبيين'' اتهموا بانتزاع اعترافات من الممرضات تحت التعذيب، مؤكدا ان ''المؤسسة كانت وراء احالتهم الى القضاء بعد ان رصدت حالات تعذيب''· وأكد عبد السلام ''كنا موجودين في هذه القضية منذ سنة 2001 بطلب رسمي من الدولة الليبية والحكومة البلغارية وخضنا مفاوضات مع الاسر والمجتمع الدولي وكان اهتمامنا مشتركا للاطفال والممرضات''· قصة السنوات الثماني واعتقل الممرضات البلغاريات في عام 1999 بتهمة نقل مرض ''الإيدز'' عمداً إلى 438 طفلا ليبياً في مستشفي بنغازي للأطفال عبر حقنهم بدماء ملوثة بالفيروس· وفي بادئ الأمر حكم على الممرضات الخمس والطبيب بالإعدام في 2004 وثبت عليهم الحكم في 2006 وفي 11 يوليو ·2007 ولكن المجلس الأعلى للهيئات القضائية في ليبيا قرر الأسبوع الماضي تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد· وذلك بعد دفع تعويضات بلغت مليون دولار لاسرة كل طفل من المصابين بالفيروس القاتل· ويشير معظم الخبراء إلى أن انتقل للاطفال نتيجة سوء الرعاية والصحية وعدم وجود الحماية الكافية في المستشفي وبسبب الاهمال وليس التعمد كما اشار القضاء البلغاري· وبعد تخفيف الحكم بدأ الاتحاد الأوروبي وليبيا جهود تسليم الممرضات والطبيب والتي كللت بالنجاح أمس· وجوه الأزمة أشرف الحجوج: طبيب فلسطيني كان يتلقى تدريباً في مستشفى الفاتح للأطفال، ببنغازي عندما ألقي القبض عليه وعلى الممرضات البلغاريات الخمس في 29 يناير ·1999 وُلد الحجوج في الإسكندرية بمصر عام ،1969 وهاجر مع أبويه إلى ليبيا وعمره لم يتجاوز السنتين· وأمه ''عفيفة'' مصرية ووالده، أحمد، فلسطيني كان أستاذاً للرياضيات· وقد غادرت أسرة الحجوج ليبيا عام 2005 وتوجهت إلى هولندا حيث منحت حق اللجوء السياسي· فاليا شيرفينياشكا:تبلغ من العمر 52 عاماً· وكان زوج شيرفينياشكا، إميل أوزونوف أول من أثار انتباه بلغاريا لهذه القضية عام ·1999 سنيجانا ديميتروفا :تبلغ من العمر 54 عاماً، وتعاني من مرض السكري، وقد تعرضت لانهيار عصبي عام 2005 كما انكسرت ساقها في خريف السنة الماضية· ديميتروفا أم لبنت وابن، وجدة لفتاة تبلغ من العمر سبع سنوات· ناسيا نينوفا: تبلغ من العمر 41 عاماً وخلال التحقيق وقعت على محضر اعترفت فيه بتعمد نقل عدوى الإيدز إلى الأطفال طمعاً في الحصول على المال· وبعد ثلاثة أشهر قضتها في الحجز، حاولت نينوفا الانتحار فالنتينا سيروبولو : تبلغ من العمر 48 عاماً· كريستينا فالشيفا: 48 عاما واتهمتها ليبيا بكونها العقل المدبر، بدليل العثور على أكياس من الدم الملوث في منزلها بليبيا·