شهر الأفلام العربية يختتم فعالياته في الشارقة

اختتمت فعالية ''شهر الأفلام العربية القصيرة'' عروضها مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة، وحفلت عروض الأسبوع الرابع والأخير من الفعالية التي نظمتها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بالتعاون مع تلفزيون الشارقة بأفلام وازنت بين الشكلين الروائي والوثائقي، وبمزج بصري يسعى إلى حيازة التعبير الشعري والروائي بإزاء عالم متسارع ولاهث ولا يعير اهتماما للتجارب الفيلمية الرصينة والمتجاوزة في طرحها الفني والإنساني· الفيلم الأول في جدول العرض حمل عنوان (غريبة في بيتي) وهو فيلم تسجيلي مدته 38 دقيقة ركزت من خلاله المخرجة ساهرة درباس على قصص الأسر الفلسطينية التي تركت بيوتها في القدس بعد عام 1948 ولجأت إلى دول مجاورة، ففي هذا الشريط الإنساني تعيد المخرجة العزف على أوتار الوجع الذاتي والحنين المغيب، والذي أصبح يطل تدريجيا إلى الشاشة من خلال الدهشة الطفولية المستعادة على وجوه الغائبين، أولئك الذين هجروا بيوتهم واحتلها الأغراب في ظروف صعبة وقاهرة، يحاول الفيلم هنا اقتناص اللحظة المشرقة للذاكرة، وتدوير الزمن باتجاه التفاصيل المتجذرة والعصية على القلع والإجتثاث· الفيلم الثاني حمل عنوان (رباعية الفرح) وهو شريط تسجيلي نفذه المخرج أحمد قلش اعتمادا على السيرة الذاتية والأدبية للشاعر المصري المعروف محمد عفيفي مطر الذي يعود من خلال هذا الشريط إلى منابع طفولته ومنزله الأول الذي شكل وعيه الأدبي والشعري، وهيأ له المناخات المناسبة لتطوير خياله والزج به في عوالم خرافية وأسطورية، والتي لولاها لما استطاع محمد عفيفي مطر استلهام طاقة التعبير الذي أعانته بعد ذلك على اقتحام غابة الكتابة بعدّة مناسبة من الحلم والدهشة والثراء الشعري واللغوي· ترافق الكاميرا الشاعر كي تتماهى مع جولاته الرهيفة وتأملاته المقرونة بمحطات حميمة وأمكنة مرصودة لحياتها الخاصة وذاكرتها المتفاعلة مع العائدين، يبوح (مطر) في الشريط الجميل بقصائد بصرية تتجاوز سقف الكتابة وترتقي لمراتب صوفية ومباهج عرفانية تبزّ منطق الزمان وسطوة المكان، وتنقل التجربة الحياتية والروحية إلى أفق متحرك يعيد صياغة الذات في مواجهة العالم· الفيلم الثالث في البرنامج حمل عنوان: ''في ظل الشجرة'' ويحكي قصة المصور الفوتوغرافي البريطاني (بيتر) الذي اعتنق الإسلام وأصبح اسمه عبداللطيف، بعد مكابدات جسدية ورحلات متعددة في جهات الأرض وجهات الروح أيضا، نفذ هذا الشريط التسجيلي المحكم جدا والغني بمادته البصرية والأرشيفية المخرج الليبي محمد مخلوف الذي رافق المصور البريطاني في رحلته الإشراقية نحو الذات والآخر والتي دامت سنين طويلة باحثا فيها عن الحكمة وعن تفسير مقنع للوجود· الفيلم الرابع حمل عنوان (بيت من ورق) وهو فيلم روائي قصير يقدم من خلاله المخرج هاني أبوأسعد قصة الطفل الفلسطيني الرافض لواقع الاحتلال بواسطة المقاومة الرمزية، فرغم هشاشة هذه المقاومة إلا أنها تترجم نقاء التمرد الداخلي المفضي إلى التغيير، ومن هنا يقوم هذا الطفل ببناء منزل من الورق والخشب لعائلته بعد أن يهدم جنود الاحتلال بيتهم ويهجرهم نحو الشتات·