السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جوانتانامو وطرق جديدة لاستجواب المعتقلين

25 يوليو 2007 05:59
خلال زيارة قمت بها مؤخراً إلى معتقل ''جوانتانامو'' اطلعت، عبر كاميرا للمراقبة مثبتة في أحد مبانيه، على جزء بسيط من عملية الاستنطاق التي يخضع لها المعتقلون الأجانب· وبالطبع لم أستطع رؤية وجه المعتقل ولا المحققين، لكني شاهدت الأساور التي تلف المعصمين وملابس نسائية، ما يدل على أن المحققين هن من النساء· وحسب الشريط المصور تبين أن إحدى النساء كانت المحققة، فيما الأخرى كانت تقوم بالترجمة· ويبدو أن حضور المرأة، بالإضافة إلى كيس من الفستق وضع على طاولة الاستنطاق هو أحد الوسائل الجديدة التي يتبعها المحققون للحصول على معلومات مفيدة من المعتقلين في سجن ''جوانتانامو''· ورغم أني كنت في جولة تنظمها وزارة الدفاع الأميركية، إلا أنه ما رأيت لم يكن ملفقاً، بل كان مشاهد حقيقية نقلتها كاميرا الفيديو بأمانة· فبعد مرور خمس سنوات من خوض تجربة احتجاز المعتقلين في ''جوانتانامو'' بدأ المحققون يتعلمون الطرق الأكثر نجاعة للحصول على المعلومات والتخلص من تلك التي أثبتت التجربة ذاتها عدم فعاليتها· وفي هذا الصدد أخبرني مسؤول بارز في الاستخبارات أن تجاوب المعتقلين مع المحققين إنما يأتي ''من المعاملة الإنسانية وعدم التشدد في ممارسة الضغوط على السجين''· لكن مع ذلك تستعصي هذه الرسالة على النفاذ إلى أذهان المسؤولين في البيت الأبيض الذين مازالوا يصرون على ضرورة حصول وكالة الاستخبارات الأميركية على الترخيص اللازم لاستخدام ما يسمى ''بالوسائل البديلة'' مثل الحرمان من النوم، وإخضاع المعتقل لدرجات حرارة عالية بهدف انتزاع المعلومات من عناصر ''القاعدة''· ويزعم الرئيس بوش، الذي أصدر أمره يوم الجمعة الماضي بإعادة الترخيص لاستعمال التقنيات القاسية في عملية الاستنطاق، أن تلك المعاملة ساهمت في كسر مقاومة المعتقلين المدربين على مواجهة أساليب الاستنطاق العادية، مضيفاً أن ذلك ضروري لتفادي هجمات أخرى ضد الولايات المتحدة· وعندما لجأ المحققون في ''جوانتانامو'' إلى استخدام الأساليب القاسية لاستنطاق المعتقلين الذين ألقي القبض عليهم في أفغانستان كانت النتيجة كارثية سواء على صعيد درجة انضباط السجناء، أو على الصعيد الدبلوماسي بعدما تحول المعتقل إلى رمز للانتهاكات الأميركية لحقوق الإنسان· وبعد أن تعرض المعتقلون في ''جوانتانامو'' للممارسات المهينة مثل تجريدهم من ملابسهم وتهديدهم بالكلاب وغيرها من السلوكيات المشينة انتقلت التجاوزات بسرعة إلى العراق لتفضي إلى الكارثة الأخرى في معتقل ''أبو غريب''· لكن يبدو أن ''جوانتانامو'' اليوم بدأ يغير من أسلوبه، إذ رغم استمرار عمليات التحقيق مع المعتقلين المتبقين والبالغ عددهم 360 معتقلا بمعدل مائة جلسة في الأسبوع، إلا أنها تجري وفقاً لدليل جديد للجيش الأميركي حول الاستنطاق يلتزم بمعاهدة جنيف، ويحظر بوجه خاص الأساليب التي كان وزير الدفاع السابق ''دونالد رامسفيلد'' قد تبناها· وفي هذا الإطار تم استبدال الأساليب المحطة للكرامة بطرق جديدة تقوم على بناء علاقة إيجابية بين المحقق والمعتقل، كما تقوم أيضاً على منح امتيازات لمن يتعاون من السجناء· وقد أكد لي المسؤولون الذين أشرفوا على تطبيق الأساليب الجديدة مع المعتقلين خلال الزيارة التي قمت بها إلى ''جوانتانامو'' أن النتائج كانت إيجابية· فقد أخبرني أحد هؤلاء المسؤولين، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أنه ''لا يمكن التأثير على بعض المعتقلين من خلال العنف، أو التهديد''، لا سيما وأن معظمهم مر بتجارب قاسية في السابق ولم تعد تنفع معهم الأساليب القاسية· لكن المسؤول أضاف أيضاً أن المحققين الناجحين ''هم الذين يعاملون المعتقل معاملة جيدة وبطريقة مهنية بعيدة عن العنف والتجريح''· فكيف يتم ذلك؟ يقوم المحققون بتليين المعتقلين من خلال السماح لهم بالخروج من الزنازين الضيقة التي يقبعون فيها واستبدالهم بأخرى أوسع مجهزة بجهاز تلفزيون ومقاعد مريحة، بالإضافة إلى توفير وجبات طعام أفضل· وخلال هذه المرحلة يتم تجنب طرح الأسئلة على المعتقلين· وفي مرحلة لاحقة تنبني بالتدريج علاقة احترام بين المحقق والمعتقل يصعب معها على هذا الأخير الاستمرار في الإنكار، أو التكتم على المعلومات المهمة· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©