الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قاتل الحبيبة

4 فبراير 2011 19:15
أوَّل ديوان في الحب وقع بين يدي في الصف الأول الثانوي كان ديوان جميل بثينة، ولم أستطع تركه حتى النهاية، ولا أظن أن أحداً يبدأ بقراءة قصص هؤلاء المحبين دون أن ينهيها كاملة، لشدة تأثيرها وجاذبيتها! عرف العرب بعواطفهم الجيَّاشة وعاشوا قصص حب صادق «رومانسية»، تكاد تكون ضرباً من الخيال، لشدة حبهم وهيامهم، وسمي هؤلاء المحبون بالمجانين، لفرط حبهم وبلوغهم درجات لا تصدق. فمنهم مجنون ليلى ومجنون لبنى ومجنون بثينة وغيرهم. روي أن أبا بكر محمد بن خلف بن المرزبان قال: خرجت أبتغي ضالة لي فآواني المبيت إلى خيمة أعرابي معه تلْد من غنم. فقلت: هل من قِرى. قال لي: انزل. فنزلت فثنى لي وسادة، وأقبل عليّ يحدّثني، ثم أتاني بقري، فأكلت فبينما أنا بين النائم واليقظان، إذا أنا بفتاة قد أقبلت، لم أر مثلها جمالاً وحسناً، فجعلت تحدث الأعرابي ويحدثها ليس غير ذلك حتى طلع الفجر، ثم انصرفت. فقلت: والله لا أبرحُ موضعي هذا حتى أعرف خبر الجارية والأعرابي. قال: فمضيت في طلب ضالتي يوماً، ثم أتيته عند الليل، فأتى بقِرى، فبينما أنا بين النائم واليقظان، وقد أبطأت الجارية عن وقتها وقد قلق الأعرابي فهو يذهب ويجيء ويقول: ما بــال مَيَّةَ لا تأتــي كَعادتهـــــا أعَاقهـــــا طَرَبٌ أمْ صَدَّهــا شُغُلُ لكنّ قلبي عنكُــم ليــس يشــغَلُهُ حتى الممــات ومـا لي غيرَكُم أمَلُ لَوْ تعلَميـن الــذي بي مِنْ فِراقِكُمْ لمــا اعتذَرْتُ ولا طالَتْ لَكِ العِلَلُ نَفْسي فداؤُكِ قد أحْلَلْتِ بي سِقماً يكادُ مـن حـرِّهِ الأعضــاءُ تنفصــلُ لو أنَّ غادِيــةً مِنـــهُ علــى جبـــلٍ لمـــادَ وانهدَّ مــن أركانِهِ الجبــلُ ثم أتاني فأنبهني، ثم قال لي: إن خلَّتي التي رأيت بالأمس قد أبطأت عليَّ وبيني وبينها غيضةٌ، فلست آمن الليث عليها، فأنظرني حتى أعلم علمها، ثم مضى فأبطأ قليلاً، ثم جاء بها يحملها، وإذا الليث قد أصابها، فوضعها بين يدي ثم أخذ سيفه ومضى، فلم أشعر إلا وقد جرّ الليث مقتولاً وهو يقول: ألا أيها الليثُ المُحـــلَّ بنفسِــــهِ هُبِلتْ لقد جرَصتْ يداكَ لنا شَرَّا وأخلَفْتَني فــرداً وحيــداً مُدلّهــــا وصَيَّرتَ آفــاق البــلاد بها قَبْــرا أأصْحَـبُ دهــراً خاننــي بفَراقِهــا مَعــاذ إلهــي أن أكــونُ لَها نَــزْرا ثم أقبل عليّ فقال: هذه ابنة عمي كانت من أحب الناس إليَّ فمنعني أبوها أن أتزوجها وزوجها رجلاً من أهل هذه الأبيات، فخرجت من مالي كله، ورضيت بالمقام هنا على ما ترى، راعياً إبلاً تُرعى لهم، لتأتيه ابنة عمه فيراها وتراه. فكانت إذا وجدت خلوة أو غفلة أتتني فَحَدّثتني وحَدَّثتها ليس شيء غيره. وقد آليت على نفسي ألا أعيش بعدها. فأسألك بالحرمة التي جرت بيني وبينك إذا أنا متّ فكفني وإياها في هذا الثوب، وادفنا في مكاننا هذا واكتب على قبرنا هذا الشعر: كُنّا على ظهرهـا والدَّهـرُ في مهَــلٍ والعيـشُ يجمعُنـا والـدارُ والوَطنُ ففرَّقَ الدهـر بالتصــريف أُلفَتَنــا فاليومَ يجْمَعُنـا في بطْنِهـا الكَفَـنُ ثم اتكأ على سيفه فخرج من ظهره، فلففتهما كما قال، وكتبت الشعر عليه كما أمرني. ويتمثل الشاعر الأخطل الصغير موت عفراء ودفنها في قبر واحد مع حبيبها عروة بن حزام، فيقول: ضمّـوا الفتــاة إلى الفـتى في حفرةٍ مـن فوقهــا غُصنــــان ملتفّــــانِ روحان ضمّهمـا الهــوى فتعانقــا وتعاهـــدا فتعانــــق الكفَنَـــــانِ إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©