الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خبز خبزتوه تكشف العمى الاجتماعي

خبز خبزتوه تكشف العمى الاجتماعي
26 يوليو 2007 03:04
فضيلة المسرح أن يحول النص القصصي الى دراما عبر صراع متجسد في الحوار، حيث يختفي السرد ليختزل الحوار كامل الحكاية فتشتد الذروة لتبلغ منتهاها تأثيراً في المتلقي، ذلك ما ابتدأ به النص المسرحي ''خبز خبزتوه'' الذي قدمه مسرح رأس الخيمة الوطني أمس الأول على خشبة المجمع الثقافي بأبوظبي ضمن مهرجان المسرح 2007 الذي تقيمه جمعية المسرحيين· ''خبز خبزتوه'' من تأليف اسماعيل عبدالله واخراج حسن رجب حيث لعب الكاتب والمخرج معاً على تمثيل القصة كاملة في ثلاثة مشاهد بينها مشهد غنائي مهم بوصفه فاصلاً حرك الفعل المسرحي· هي قصة اخوين ''صلبوخ'' و''نوفل'' ارتحل أبوهما ''مبارك'' منذ زمن بعيد على ظهر باخرة فاختفى وتزوجت أمهما ''حليمة'' من رجل اسمه ''بخيت'' فأنجبت له ''خلود'' ولأن عمتهما ماتت فلا يرثها إلا الأب المختفي ''مبارك'' فيرتحل ''صلبوخ'' لسنة كاملة الى افريقيا باحثا عن ابيه فيعود واخوه نوفل بأب ادعى انه ابوه وحين يلتقي بالأم ''حليمة'' العمياء تنكره في البدء إلا أن الشاهد ''أبوبلال'' بعد أن يتعرف عليه من ''سر الخاتم'' الذي لا يعلمه إلا أبو بلال و''مبارك'' يشهد أن هذا الرجل هو مبارك صلبوخ مبارك فيطلق بخيت زوجته بعد ان طلب إليها ان تختار بينه وبين مبارك فترددت حليمة· عند هذا المقطع القصصي يدخل حسن رجب الأضواء المتحركة والراقصة الى المسرح برقصة غزلية بين ''مبارك'' المزعوم و''حليمة'' العمياء فتقر له بموافقتها على الزواج· المشهد الأخير يدخل فيه ''بخيت'' على صلبوخ ونوفل وحليمة وخلود ليؤكد لهم ان فصل الأمر لا يأتي إلا بفحص الدم ''النووي'' فيرفض صلبوخ ويشك الجميع فيه إلا أنه حين يعرف ان الساحر الافريقي قد هرب بملايين الروبيات يصاب عقله شططا وتجن الأم ويفزع ''نوفل'' الذي انطلت عليه الحيلة· تلك هي قصة اسماعيل عبدالله التي قدمها حسن رجب الى الجمهور، ولكن ماذا أراد أن يقول فيها وما فنية التشكل الحكائي والمسرحي في هذا النص، أي ما المغزى في كلتا الحالتين· تبدو فكرة تشوه البنى الاجتماعية بفعل مؤثرات المال والثروة هي العامل الذي يلعب عليه اسماعيل عبدالله في هذا النص؛ الابن يزوج أمه من ساحر غريب كي يكسب مال عمته ويطلقها من بخيت الرجل الذي اعتنى به، نوفل اخوه يتواطأ معه، انها فكرة لا أخلاقية أراد ان يبثها ''اسماعيل عبدالله'' بمفهوم ارشادي هو مهمة المسرح الاجتماعي، كذلك نجد العلم ''المعرفة'' الطريق الذي يحسم الشك باليقين حينما يحتكم ''بخيت'' الى فحص دم الرجل الغريب ودم الابنين ''صلبوخ'' و''نوفل'' لمطابقته فيعترف صلبوخ بجرمه ويهرب الرجل الساحر الغريب بالثروة· حسناً يلعب اسماعيل عبدالله على مرتكز ''العمى''·· عمى الأم الذي يوظف لصالح النص فلو كانت الأم مبصرة لانتهت الحكاية من أولها؛ انه ذكاء، حيث نجد العمى بمواجهة غياب الحقيقة، والعمى بمواجهة عدم حضور الذات المبصرة ولكننا لا نعرف كيف عرف ''صلبوخ'' بسر الخاتم الذي كان بين الشاهد أبوبلال ومبارك الأب الأصلي المختفي· يبدأ النص بجو افريقي بكل اكسسواراته·· عالم افريقيا السحري والراقص هنا في المشهد الأول هذا ينزف اسماعيل عبدالله كامل الحكاية، حيث صلبوخ يقنع نوفل بالتعرف على أبيه الذي وجده بعد رحلة سنة كاملة· المشهد الثاني يبدأ في الإمارات؛ الاستقبال الحافل لمبارك فيبدأ الصراع الذي تتخلله الكوميديا وهذا مقبول جداً، أما اختيار الأم عمياء فهو لتمرير حكاية الأب المفقود حصراً؛ ولأن اللقاء صعب اجتماعياً بتواجد امرأة مع زوجين فإن الكوميديا تبدو في حالة مفارقة للدراما· الشاهد يهتز فبدلاً من أن يسأل الأب العائد بدأ الأب العائد يسأل الشاهد وهذه التفاتة فيها الكثير من الذكاء أيضا تكرس المكيدة تماماً، انه مجتمع بسيط، فطري، لا يعرف الكذب ولا الخداع يمنح قيمه ومفاهيمه لكل الآتين، فهل أراد اسماعيل عبدالله ان يستنهض في هذا المجتمع، محفزات كشف الآخر المخادع، حتى ان الشاهد أبوبلال انقلب على ''بخيت الزوج'' الذي جلبه، هي بساطة الناس متجسدة في شخوص اسماعيل عبدالله، انه عمى اجتماعي مضاف الى عمى حليمة الأم؛ هذا هو الواقع الذي لا يعرف المعرفة ''العلم'' لكن هذا المجتمع يصل في النهاية الى ''العلم'' عبر طروحات كشف الدم، تلك هي فضيلة تؤشر للنص· نقد النخبة عبر ما طالب ''نوفل'' بأن يبدل سيارته الى ''ماي باخ'' فيرد عليه صلبوخ بأن المرور لن يسجلها له فيرد اخوه لماذا؟ ويكمل نوفل بتهديد صلبوخ وهذا ''ارصاد'' قصصي وكأن نوفل يعرف بتواطؤ صلبوخ مع الافريقي الساحر المخادع، الأم تبدأ باطلاق الحكمة إلا أنها تتحول الى امرأة تريد زواجاً فتقول ''عيالك طالبين الكرب مني''· هنا تدخل النص اغنية اللقاء بين ''حليمة والافريقي'' فيتحرك المشهد الفني من سكون الحكاية وعاديتها الى دفع حركي في النص ليتحول النص القصصي الى مسرح· وقام بتمثيل المسرح كل من: صلبوخ ''أحمد الأنصاري'' وفي دور ''حليمة'' والأب الافريقي ''موسى البقيشي'' ونوفل ''مروان عبدالله'' وبخيت ''جمال السميطي'' وبوبلال ''مبارك خميس'' وخلود ''الهام محمد'' وبوسليمان ''أحمد شاهين''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©