الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المؤتمرات المتلفزة ··· والدبلوماسية الشخصية بين بوش والمالكي

المؤتمرات المتلفزة ··· والدبلوماسية الشخصية بين بوش والمالكي
26 يوليو 2007 03:10
بمعدل مرة كل أسبوعين تقريباً وقد يتكرر حدوثها أكثر من ذلك في بعض الأحيان، تتابعت جلسات الرئيس بوش المتكررة مع مستشاره للأمن القومي بمكتبه في البيت الأبيض، والنظر مباشرة عبر عدسة إلكترونية إلى عيني رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي يعلم علم اليقين أن الجزء الغالب من تركته السياسية، أصبح معلقاً بيديـه· وفي هذه الجلسات المتلفزة، يتبادل القائدان الحديث لمدة تتجاوز الساعة في بعض الأحيان، يتناولان خلاله القضايا المتعلقة بالقيادة والتحول الديمقراطي، ونشر القوات العسكرية، فضلاً عن الحديث عن التحديات الداخلية التي تواجه كل واحد منهما· بل أضاف مسؤول أميركي رفيع المستوى، سبق له أن شارك في هذه الجلسات، إن الرجلين يتحدثان أحياناً عن إيمانهما، مع العلم أن أحدهما مسيحي ملتزم من ولاية تكساس، والآخر مسلم شيعي من العراق، سبق له أن عاش منفياً خارج بلاده في كل من إيران وسوريا إبان عهد نظام صدام حسين· ويتمكن بوش من متابعة التواصل الإلكتروني مع حليفه نوري المالكي، عبر شاشة بلازما تلفزيونية، فيما يعتبره أمراً في غاية الأهمية، في إطار المساعي التي يبذلها لمساعدة الحليف العراقي على اجتياز المحنة السياسية والأمنية العصيبة التي تمر بها بلاده· ومن رأي المراقبين والمحللين لهذه المحادثات الإلكترونية، أنها تمثل صورة طبق الأصل لنمط الدبلوماسية الشخصية المباشرة، التي اتسم بها بوش طوال مدة توليه للمنصب الرئاسي، على غرار ما فعل من قبل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والخديعة التي انطلت عليه من قبل هذا الأخير، الذي كان قد أظهر له عبر شاشة التلفزيون، صورة لصليب كان يضعه حول عنقه، قال لبوش إنه أهدي إليه من والدته، فما كان من بوش إلا أن ظن به خيراً، وأطلق فيه قولته الشهيرة عن أنه نظر إليه ملياً في عينيه، فنفذ إلى روحه وقلبه الطيبين· وتلك هي الخديعة بعينها في نظر النقاد والمحللين السياسيين· وحتى هذه اللحظة، فقد تمكنت هذه اللقاءات الإلكترونية من وضع السقف اللازم للوصول إلى نتائج هذه الدبلوماسية الشخصية المباشرة· وفيه أثيرت الأسئلة عن مدى قدرة المالكي على إبرام الصفقة الوطنية الصعبة، التي من شأنها تحقيق المصالحة السياسية في بلاده التي مزقتها الحرب والنزاعات الطائفية الداخلية· غير أن ما أخذه المحللون على هذه المحادثات، أن رئيس الوزراء العراقي، وشريك بوش وحليفه الأول في بلاد الرافدين، لم تعرف له مهارات سياسية تذكر، إلى جانب افتقاره لأدنى حماس يشير إلى رغبة جدية له في الانعتاق عن المصالح الطائفية الخاصة بمؤيديه الشيعة الذين يقفون من خلفه، خاصة وأن لهؤلاء شكوكاً عميقة في نوايا العرب السُنة إزاءهم· على أنه ورغم ذلك، كما يقول بعض المسؤولين الذين رفضوا ذكر أسمائهم لأسباب تتعلق بحساسية مناصبهم في الإدارة، فقد حاول بوش القيام بأدوار شتى ومختلفة خلال هذه المحادثـــات، منها كونـــه صديقاً للمالكي، وكونه حليفاً ومستشاراً له، بل بدا في بعض الجلسات كمـــا لو كان موجهاً ومرشداً له، طالما أن الولايات المتحدة قد واصلت سعيها المستمر، في سبيل حمل الحليف العراقي على الوفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه وشعبه· وقال مسؤولون في البيت الأبيض تعليقاً منهم على هذه المحادثات، إن الرئيس بوش تحدث إلى المالكي، خلال الأشهر القليلة الماضية، أكثر مما فعل مع أي قائد سياسي أجنبي، بما في ذلك المحادثات التي أجراها مع كل من بريطانيا وألمانيا· ووصف المسؤولون المحادثات هذه، بأنها وفرت للرئيس بوش منبراً يتمكن عبره من إقناع المالكي بأن يكثر من الظهور عبر وسائل الإعلام العراقية، بصفته قائداً سياسياً لعامة العراق، بدلاً من كونه قائداً شيعياً· وعبر المؤتمرات المتلفزة التي حدثت من على البعد بين الحليفين، تمكن بوش من إقناع المالكي بضرورة العمل مع بقية زملائه في الحكومة من أجل تقليص مدة عطلة أعضاء البرلمان، التي يفترض لها أن تمتد لشهرين كاملين خلال موسم الصيف الحالي· وعلى رغم موافقة أعضاء البرلمان المتبرمة على تخفيض عطلتهم الصيفية إلى شهر واحــد فحسب، إلا أنها لم تقلل من موجـــة الانتقــــادات الموجهـــة لهم ولحكومــــة المالكي معـــاً· ومهما يكن فقد أثنى مسؤولون في البيت الأبيض، على أداء المالكي خلال الفترة الماضية، في أكثر من جبهة وعمل· منها على سبيل المثال، التزامه بنشر ثلاثة ألوية عسكرية إضافية في العاصمة بغداد، فضلاً عن التسهيلات العديدة التي قدمها لكل من القوات الأميركية والعراقية، في ملاحقة المليشيات الشيعية، على رغم تصريح مسؤول رفض ذكر اسمه، بأن قوات الأمن الموالية للشيعة، كثيراً ما عرقلت تلك الجهود والمساعي المبذولة ضد المليشيات هذه· غير أن ''جون بولتون''، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، حذر من مغبة الاعتماد بكل هذا القدر، على قائد عراقي واحد· واستطرد ''جون بولتون'' قائلاً:''فإن الأمر لا يتعلق في هذه اللحظة بالثقة التي تضعها بلادنا في شخص واحد· ذلك أن القضية الرئيسية بالنسبة للعراقيين هي ما إذا كانوا قادرين على إيجاد السبيل الذي يمكنهم من التعايش معاً أم لا''؟ وعلى رغم التصور السائد لدى الرئيس بوش عن معرفته الجيدة بالمالكي، فإن المرجح أنه لا يزال يخطئ قراءة الرجل والمناخ السياسي الذي يعمل فيه· ولكي نضرب مثالاً واحداً فحسب، على سوء الفهم هذا، فربما يتفق المالكي نظرياً مع حليفه بوش على كافة الخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار المنشود في العراق، بما فيها إعادة المزيد من المسؤولين ''البعثيين'' السابقين إلى دوائر الحكومة ومواقع اتخاذ القرار· لكن وفيما لو حاول المالكي المضي شوطاً بعيداً في هذا الطريق، فإن من المرجح أن يُحدِثَ انشقاقاً أوسع في قاعدته الشيعية المؤيدة له· محررا الشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©