الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القدرات العسكرية اليابانية··· وبوادر التغيير التدريجي

القدرات العسكرية اليابانية··· وبوادر التغيير التدريجي
26 يوليو 2007 03:12
أثناء مناورتها العسكرية المشتركة التي تجريها القوات العسكرية اليابانية سنوياً مع نظيرتها الأميركية في سلاح الجو يقوم هذه المرة الطيارون اليابانيون بالتمرن على إلقاء قنبلة تزن 500 رطل في إحدى الجزر الصغيرة التي تقع في المياه الغربية للمحيط الهادي· وقد بدت على الطيارين اليابانيين، وهم يتدربون في الجزيرة البعيدة، الحماسة والفرحة لأنها المرة الأولى التي يقومون فيها بإلقاء قنبلة من طائرة منذ الحرب العالمية الثانية· وبرغم أن التمرين العسكري روتيني لدى الجيوش الأخرى ولا يستثير كل تلك المشاعر، إلا أنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة لبلد مثل اليابان مازالت تتقيد بدستور يحظر عليها شن الحروب، ولا يسمح لها سوى بعدد محدود من القوات المسلحة بهدف الدفاع عن النفس· ولفترة طويلة اعتبرت عملية إلقاء القنابل من طائرات عسكرية خطوة موغلة في العدائية إلى درجة أن اليابان لا تملك طائرة واحدة مجهزة لإطلاق القنابل· غير أن الانطلاق بالطائرات إلى جزر بعيدة والمرور فوق أراض أجنبية يشكل سابقة في التاريخ العسكري الياباني وتنطوي على مدلولات مهمة، فذلك يعني أنه بات بمقدور اليابان تجهيز طائراتها وقصف أهداف في كوريا الشمالية، ثم العودة سالمة إلى قواعدها· لكن على امتداد الجزر البعيدة والمترامية في المياه الفيروزية للمحيط الهادي وحتى مياه الخليج العربي المجاورة للعراق شرعت اليابان في تجاوز المحظور من الخطوط التي وضعت في مرحلة سابقة من تاريخها عقب الحرب العالمية الثانية· ويعتقد المراقبون بأن التغييرات التدريجية التي أدخلتها اليابان على مؤسستها العسكرية، لا سيما منذ هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، تعتبر أهم ما طال تلك المؤسسة منذ توقيع معاهدة الاستسلام عام ·1945 هذه التغييرات التي جعلت من الجيش الياباني، على قلة عدد أفراده، أقرب من أي وقت مضى إلى الجيش الأميركي من ناحية القدرة على تنفيذ العمليات· وبالطبع ساهم هذا التغيير في التوجه العسكري الياباني إلى إذكاء القلق في نفوس جيرانها في منطقة شمال شرق آسيا· وقد استطاعت اليابان في أقل من نصف عقد من الزمن إدخال تعديلات على قواتها المسلحة لم يكن أحد يتصورها قبل سنوات قليلة فقط· وهكذا تقوم سفن تزويد الوقود اليابانية المتمركزة في المحيط الهندي بتقديم مساعدات مهمة للجيش الأميركي، كما جيوش أخرى لتسهيل القتال في أفغانستان· وفي العراق تقوم الطائرات اليابانية بنقل المعدات والجنود الأميركيين من الكويت إلى بغداد· والواقع أن اليابان بصدد حيازة أسلحة جديدة يصعب تحديد ما إذا كانت دفاعية، أم هجومية· فلإجراء المناورة العسكرية المشتركة مع الجيش الأميركي والتمرن على إلقاء القنابل استخدمت اليابان طائرات F-2 التي طورتها بالتعاون مع الولايات المتحدة· وخلافاً للطراز القديم من الطائرات التي كانت تعتمد عليها اليابان في السابق تستطيع طائرات F-2 قطع مسافات طويلة تصل إلى 1700 ميل من شمال اليابان إلى الجزر البعيدة في المحيط الهادي من دون الحاجة إلى التزود بالوقود· وقد أبدت اليابان أيضا رغبتها في شراء طائرة أميركية متطورة قادرة على اختراق المجال الجوي للبلدان وضرب أهداف العدو من دون رصدها، وهي الطائرات التي يحظر القانون الأميركي تصديرها إلى الخارج· ويُذكر أن ما كان يصطلح عليه في اليابان بـ ''وكالة الدفاع''، التي أبقيت طيلة الفترة السابقة في الظل، تحولت خلال السنة الجارية إلى وزارة دفاع حقيقية· وتُعتبر اليابان أيضاً من الدول التي تنفق بسخاء على التطوير العسكري، بحيث تصل موازنة الدفاع إلى 40 مليار دولار، محتلة بذلك المرتبة الخامسة عالمياً· ولم تقتصر اليابان على تطوير ترسانتها، بل عمدت في السنوات الأخيرة إلى إطلاق أقمار اصطناعية للتجسس، وتعزيز حرسها الحدودي· ولتبرير هذا التحول العسكري الذي تشهده اليابان يشير المسؤولون في البلاد مثل رئيس الوزراء ''شينزو آبي'' إلى الخطر المحتمل لكوريا الشمالية، والصعود المتنامي للصين في المنطقة وموازنتها العسكرية الآخذة في الارتفاع، فضلا عن هجمات 11 سبتمبر والتهديد الإرهابي· ويسعى السياسيون اليابانيون، وفي مقدمتهم ''شينزو آبي'' إلى تلميع صورة بلادهم وإعادة تأهيلها من خلال تنظيف سمعة الجيش الإمبراطوري البائد من الجرائم التي يتهم بأنه ارتكبها إبان الحرب العالمية الثانية مثل الاسترقاق الجنسي، وغيرها من الفظائع الأخرى· ويرى منتقدو الخطوات اليابانية الرامية إلى إعادة عسكرة البلاد مرة أخرى، وهي المساعي التي تحرص الحكومة على إبقائها طي الكتمان، لا سيما مهامها العسكرية في العراق، أنها تنتهك الدستور والقيود التي يفرضها على عملية التسليح· وفي هذا الصدد يقول ''يوكيو هاتوياما''، الأمين العام للحزب الديمقراطي المعارض ''إنهم يدركون بأن الحقيقة باتت معروفة لدى الرأي العام، لذا يسعون اليوم إلى الدفع في اتجاه مراجعة الدستور''· ويرى ''ريتشارد سامويلز''، الخبير في الشؤون اليابانية بمعهد ''ماساشوستس'' للتكنولوجيا أن السياسيين المطالبين بمراجعة الدستور مثل ''آبي'' و''كوزومي'' كانوا يعيشون في السابق على هامش الحياة السياسية، لكنهم نجحوا خلال السنوات الأخيرة في استقطاب اهتمام الرأي العام واستمالته، مستغلين تزايد الشكوك والمخاوف على الأمن في المنطقة· ويتفق هؤلاء السياسيون، حسب ''سامويلز'' حول الرأي القائل بأن ''القيود العسكرية التي فرضت على اليابان جراء سلوكها في حرب المحيط الهادي قد انتهت صلاحيتها، لذا يتعين على اليابان، على غرار باقي الدول، استئناف تطوير قدراتها العسكرية''· واليوم تعتبر اليابان الشريك الأكبر للولايات المتحدة في تطوير وتمويل الدرع الصاروخية في آسيا، بالإضافة إلى دخول قوات يابانية إلى القواعد الأميركية المتمركزة في البلاد لإجراء التدريبات المشتركة وتنسيق مستوى التعاون بينهما· مراسل نيويورك تايمز في اليابان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©