الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الممرضات البلغاريات ··· وسياسة خارجية جديدة لـ ساركوزي

أزمة الممرضات البلغاريات ··· وسياسة خارجية جديدة لـ ساركوزي
26 يوليو 2007 23:06
وصل الرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي'' يوم أمس الأربعاء إلى العاصمة الليبية طرابلس لمساعدة ليبيا في الانفتاح على أوروبا والعالم· ويأتي هذا اللقاء مع المسؤولين الليبيين بعد يوم واحد على نقل طائرة فرنسية للممرضات الخمس البلغاريات إلى ديارهن وإسقاط حكم الإعدام الذي أصدرته ضدهن محكمة ليبية في صفقة مثيرة قامت بترتيبها زوجة ''ساركوزي'' وسيدة فرنسا الأولى· وفي معرض حديثه عن النجاح الدبلوماسي في التعامل مع معمر القذافي، قال رئيس المفوضية الأوروبية ''خوسيه مانويل براسو''، وهو على عتبة قصر الإليزيه في باريس بأنه يشعر ''بالامتنان للتدخل الشخصي لساركوزي وزوجته''· لكنه مع ذلك أضاف بأن إطلاق سراح الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، بعد إدانتهم من قبل المحاكم الليبية بتهمة حقن أطفال ليبيين بفيروس الإيدز، كان ''نتيجة جهود طويلة'' فاوض من أجلها الدبلوماسيون الأوروبيون· لكن بالنسبة للرئيس الفرنسي النشيط والمتعدد المواهب- الذي التقطت له صور في جميع أنحاء أوروبا وهو يرفع إبهامه خلال العشرة أسابيع الأولى في منصبه- فإن إنجازه الدبلوماسي الأخير قد لا يبدو أكثر من نشاطه المعتاد· ففرنسا التي مرت من مرحلة الجدب الدبلوماسي، ولم تبرز سوى في الصيف الماضي عندما شاركت بقواتها في جنوب لبنان، باتت تتصدر اليوم العناوين الرئيسية في كل مكان· فمنذ أن أصبح ''نيكولا ساركوزي'' رئيساً لفرنسا في 6 من شهر مايو الماضي، ممثلا الجيل الجديد في فرنسا، وهو يلقي بثقله في جميع القضايا الدولية المسموع بها، فضلاً عن لقائه بالعشرات من قادة الدول، وكما يحلو للإعلام الفرنسي أن يصفه ''إنه موجود في كل مكان''· فهو يتنقل بين بريطانيا وبروكسيل، وبرلين؛ وتارة تراه يقدم التحية للجنود الفرنسيين في قصر الإليزيه بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، وتارة أخرى يوزع الورود في قرية صغيرة على جبال الألب على المشاركين في سباق الدراجات الهوائية الدولي الذي تحتضنه فرنسا· وفي شهر يونيو المنصرم قام ''ساركوزي'' برعاية مؤتمر باريس حول دارفور بمشاركة كل من الولايات المتحدة والصين وفرنسا، فضلا عن باقي الأعضاء في مجلس الأمن لبحث موضوع الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور وسبل الخروج منها· كما ساعد المستشارة الألمانية في تمرير اتفاق حاسم حول المعاهدة الأوروبية، وتمكن أيضاً من حشد التأييد الأوروبي لمرشحه، اليساري الفرنسي ''دومينيك شتراوس''، لرئاسة صندوق النقد الدولي· وهكذا أصبحت آراء ''ساركوزي'' بالإضافة إلى الموقع الفرنسي، محط انتباه متزايد من قبل المهتمين في العالم· فالرئيس الفرنسي يدعم تأجيل منح الاستقلال لكوسوفو، كما يصر على رفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ويرى بأن على الصين أن تعيد تقييم عملتها· ويفسر ''فريديريك بوزو'' من جامعة السوربون، هذا الحضور المكثف للرئيس الفرنسي بقوله: ''إن الانتخابات الفرنسية منحت ساركوزي تفويضاً كاملاً لتحريك المعاهدة الأوروبية والتركيز على موضوع الممرضات البلغاريات، وقد نجح في ذلك· أما الباقي فعلينا النظر إلى كل حالة على حدة، لكنه عموماً أعاد لفرنسا حضورها العالمي''· بيد أن ما تمور به الكواليس الدبلوماسية يختلف بعض الشيء عما هو ظاهر، إذ بدأت تبرز بعض الأصوات في الدوائر الأوروبية الخاصة التي تعبر عن استيائها من احتكار ''ساركوزي'' لفضيلة الإنجاز أكثر مما يبذل على أرض الواقع، مثل إسهامه في الإفراج عن الممرضات البلغاريات· وانتقد ''ساركوزي'' أيضاً لأنه أقل التزاماً بسياسة السوق الحرة، مما ادعى في حملته الانتخابية، حيث حذرت صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' مطلع الشهر الجاري من أن ''ساركوزي'' يكاد يزعج حلفاءه بسبب سياسات فرنسا الحمائية· ولم يكن غريباً أن ينعت ''ساركوزي'' بأنه نابليون آخر بالنظر إلى نشاطه المفرط وقوة شكيمته التي يعبر عنها ''بيير هاسكي''، صاحب موقع إلكتروني يهتم بالقضايا السياسية قائلاً ''هذا النشاط المفرط يولد الذهول، فأنت تشعر بأن معه لا وجود للحكومة، لأن ''ساركوزي'' دائماً في قلب الصور يتخذ القرارات السريعة· ويبدو أن الحكومة تدار من قبل الرئيس وكبير موظفيه وزوجته''· وفي هذا السياق يبدو أن المفاوضات الليبية حول موضوع الممرضات جرت من دون مشاركة وزير الخارجية ''برنار كوشنير'' الذي بدا، كما وصفته ''نيويورك تايمز''، في منطقة الظل· وعن ''كلود جيو''، مساعد ''ساركوزي'' الذي ذهب مع زوجة الرئيس إلى بلغاريا مع الممرضات يتساءل ''بينوا هامون''، العضو الفرنسي في البرلمان الأوروبي ''أي شرعية ديمقراطية يتمتعان بها، عدا أنها زوجة الرئيس، وأنه سكرتير معين في قصر الإليزيه؟'' ويبدو أن الرئيس ''ساركوزي'' يتبع في سياسته الخارجية، حسب بعض المراقبين، نصيحة وزيرة المالية ''كريستين لاجار''، التي دعت الفرنسيين في الأسبوع الماضي إلى العمل أكثر قائلة ''إن فرنسا بلد يفكر، لكن كفانا من التفكير ولنشمر عن سواعدنا''· السياسي الفرنسي ''بيير موسوفيشي''، وهو الاشتراكي البارز والوزير الأوروبي السابق يقارن، في موضوع الممرضات البلغاريات، بين صبر الدبلوماسيين الأوروبيين في التفاوض مع ليبيا، وبين تدخل ''ساركوزي'' الذي كان حاسماً في إنهاء القضية· غير أن نجاح عائلة ''ساركوزي'' في إطلاق سراح الممرضات البلغاريات أثار انتقادات من بعض الأوساط الأوروبية التي اتهمتها بسرقة الأضواء واحتكار النجاح· ومع ذلك يرى ''فرانسوا هيزبورج''، رئيس مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس بأن منتقدي ''ساركوزي'' يغفلون أمراً أسياسياً يتمثل في ''أسلوب ساركوزي الجديد في العمل الذي يعتمد على الحضور الطاغي والمراهنة على الفوز مع ما يترتب على ذلك من مغامرة واحتمال الخسارة أيضاً· كما يتطلب هذا الأسلوب درجة عالية من النشاط والحركة المتوثبة التي تتخذ القرارات السريعة والحاسمة''· مراسل ''كريستيان ساينس مونيتور'' في باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©