الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستحيي من حالي!

26 يوليو 2007 03:57
''أخجل من الذهاب الى أي مكان، فأنا أستحيي من حالي، وأخجل من وضعي الاجتماعي، لا نملك البيوت ولا العقارات ولا الأموال الطائلة، بالإضافة الى أن وضعي المعيشي والبيئي بسيط جداً، فعائلتي تنتمي الى طبقة متوسطة تميل الى الدنيوية، ولكننا مستورون ولله الحمد، وبالرغم من ذلك لا زلت أستحيي من وضعي، وعندما أذهب الى جامعتي أو أتقابل مع صديقاتي لا أشعرهن أبداً بهذا الشيء، بل أحرص على أن أقتني أرقى الملابس والمجوهرات وآخذ من أمي وأضغط عليها بمصاريفي التي لا تنتهي، أو أن أستعير من غيري، كل هذا فقط من أجل أن أكون من الطبقة الراقية، وألا أبين لمن حولي بأنني أقل شأناً من أحد، فكما تعلمون الدنيا مظاهر، ولا بد من أن نواكب الدنيا، ونبتعد قليلاً عما ألفه السابقون من قبلنا''! ·· قابلت في حياتي العديد من هؤلاء، ممن همهم المظاهر والخروج بالقدر (غير المستطاع) وبأفضل حلة، فلا هم لهم في هذه الدنيا إلا أنفسهم، فيستحيون من ذكر أن أباها فلان بن فلان، بسيط المعيشة قليل الراتب وصاحب مهنة بسيطة، ويستحيون من قول أن أمهم أمية قليلة المصرف كثيرة الاهتمام بأمور لا تمت للموضة بصلة، ناهيك عن بعض آخر همهم كسر ظهور آبائهم وأمهاتهم بطلبات لا تعد ولا تحصى، كل هذا فقط من أجل المظاهر، ومن أجل أن يكونوا بأفضل صورة، كونهم يستحيون من حالهم، ويخافون خسران من حولهم بسبب اكتشافهم لواقع معيشتهم البسيطة! نعم، ما أكثر هؤلاء، وما أكثر تواجدهم بيننا في هذا الزمان، هؤلاء، وليسمحوا بأن أسميهم بالجاهلين، لا يعلمون أن الله سبحانه وتعالى خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، وأكرمنا وفضلنا على بعضنا لا بالنسب ولا بالمال ولا بالشهرة ولا بالزينة ولا بأي شيء آخر، بل اختار العملة النادرة والكنز الثمين، وهو كنز التقوى والعمل الصالح حتى يقسمنا الى مراتب في الآخرة، فهكذا هو الرحمن، يرى العبد الغني هو ذلك المسلم البعيد كل البعد عن المظاهر، والقريب الى التقوى والمحافظ على مكارم الأخلاق والمتواضع لله في كل شيء، فهذا بالفعل هو العبد الناجح في امتحان الدنيا، وهو من سيدخل الجنان، لأنه ترك شهوات الدنيا لأصحابها الذين يخدعون بمظاهرها· كلمة أخيرة لهذه الفئة: أقول لهم إن الله تعالى لن يدخل أحد الجنة بنسبه، بل بعمله الصالح، وإن كنتم تتسترون وراء ستار المظاهر الخداعة فاعلموا أنه ستار شفاف سوف يكشف عاجلاً أم آجلاً، فاستيقظوا من سبات الركض وراء المظاهر، وكونوا دائماً وأبداً على فخر بما أنتم فيه، ومن ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل، ولا تكلفوا أهاليكم فوق طاقتهم، فأنتم محاسبون على كل شيء، ومجبرون على طاعتهم والإحسان إليهم ومساعدتهم لا تكليفهم بما ليس ضروريا لكم، وتذكروا دائماً وأبداً أن الجنة للمجاهدين في الدنيا، وإن كان نصيبكم أن تعيشوا بسطاء وفقراء فافرحوا واستبشروا خيراً لأن الفقر رسالة حب من رب العالمين لكم، يبين لكم فيها أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وأن المساكين هم أول الداخلين الى الجنة، فاحرصوا على أن تغتنموا هذه النعمة العظيمة، واشكروه في السراء والضراء، وافخروا بما أنتم عليه، يرزقكم الله من خزائن رحمته دون أن تحتسبوا، وإنه على كل شيء قدير· ريا المحمودي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©