الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشراكة الهندية الأفغانية... والعقبة الباكستانية

4 فبراير 2011 21:52
مارك ماجينر نيودلهي يعلق القادة الهنود آمالاً كبيرة على الزيارة المرتقبة للرئيس الأفغاني إلى الهند خلال الأسبوع الجاري، أقله لجهة التشديد على حماية وتقوية المصالح المتبادلة بين البلدين والقائمة على تاريخ وثقافة مشتركين، هذا في الوقت الذي يُنتظر فيه أن تبدأ القوات الأميركية انسحابها من أفغانستان خلال الصيف المقبل. وكانت الهند قد تعهدت في إطار مساعيها للتقارب مع أفغانستان، ولكسب موطئ قدم لها في البلاد، بتخصيص 3.1 مليار دولار لإعادة إعمار ما دمرته الحرب لتصبح الهند بذلك خامس أكبر دولة مانحة لأفغانستان، حيث مدت الطرق وبنت المستشفيات وتعاملت بمرونة في مسألة منح التأشيرات، فضلاً عن فتحها في السابق أبوابها للعديد من الطلبة الذين أصبحوا قادة المستقبل ومن بينهم الرئيس كرزاي نفسه الذي درس في الهند. ولكن من منظور الهند هناك العقبة الباكستانية التي تحول دون توسع نفوذها في أفغانستان، فحتى في الوقت الذي تشجع فيه واشنطن الهند على لعب دور إقليمي أكبر، تبقى الحكومة الباكستانية متخوفة من مشاريع إعادة الإعمار التي تنخرط فيها الهند، معتبرة أنها تندرج في إطار التجسس وضرب المصالح الباكستانية، ولا يبدو أن القادة في إسلام آباد نسوا استغلال الهند لأفغانستان في السبعينيات لدعم الانفصاليين البلوش. ومن المتوقع أن يلقي الرئيس كرزاي خلال زيارته خطاباً بعد لقائه برئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينج، والرئيسة "براتيبا باتيل"، في مؤتمر سيشارك فيه حول موضوع التنمية المستدامة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولكن عدم توفر الهند على حدود مشتركة مع أفغانستان يحرمها من إمكانية التواصل المباشر معها دون المرور عبر باكستان، هذا بالإضافة إلى المشاكل الأخرى المرتبطة باستهداف المشاريع الهندية التي وصلت حد تفجير بعثة دبلوماسية هندية، وضرب مصالح نيودلهي، ما أدى إلى تراجع حماستها وفعاليتها. وفي هذا الإطار يقول "باراتا ساراتي"، السفير الهندي السابق لدى باكستان "إن الطريقة التي نتعامل فيها مع أفغانستان لا تخرج عن المساعدات الاقتصادية باعتبارها الطريقة الأمثل لإظهار قوتنا الناعمة، ولكن باكستان ترفض تواجدنا وتضيق علينا الخناق". ويرى محللون مطلعون أن الهند تستبعد إقدام الولايات المتحدة على سحب قواتها بحلول 2014 خوفاً من ترجيح الكفة في أفغانستان لصالح قوى التطرف، وإن كان البعض يعول على القوى المجاورة لأفغانستان في لجم نفوذ "طالبان"، لاسيما روسيا المنزعجة من تهريب المخدرات إلى أراضيها ما قد يدفعها إلى دعم قوى التحالف الشمالي. وفي كل ذلك يبقى الهدف الأساسي للهند في أفغانستان استراتيجيّاً واقتصاديّاً، إذ لا تريد الهند من الناحية الاستراتيجية أن تتحول أفغانستان إلى أرض خصبة لتفريخ التطرف وتصديره إليها، كما أنها تسعى اقتصاديّاً إلى تأمين الطاقة الضرورية لتحريك عجلة اقتصادها المتعطش إلى مصادر الطاقة، ولذا سيهتم الهنود خلال زيارة كرزاي بما سيقوله حول جهود المصالحة، والدور الذي يمكن أن تلعبه "طالبان" في المستقبل وتحت أية شروط. غير أن الهند تهتم أيضاً بخطوط نقل النفط والغاز الطبيعي، وخاصة أن خطي نقل الغاز من تركمانستان إلى الهند يعبران باكستان، وهو المشروع الذي بلغت تكلفته 6.7 مليار دولار ويقطع حوالي 230 ميلاً ليصل إلى نيودلهي. ولكن بالنظر إلى الواقع الجغرافي سيكون على الخطين معاً المرور بالأراضي الباكستانية، وهو ما يجعل أمن الطاقة بالنسبة للهند في أيدي جار خاضت معه ثلاث حروب منذ الاستقلال في عام 1947. وعن هذا الموضوع يقول "سوبا شاندران"، المحلل في معهد دراسات السلام في نيودلهي: "إن مشاريـع نقـل النفـط تمـر كلهـا من باكستان، وعلى رغم ما يدعيه البعض من أن أفغانستان هي الممر إلى آسيا الوسطى تظل الحقيقة كما تؤكدها الخريطة أن باكستان هي البوابة الفعلية التي بدونها لا يمكن الولوج إلى آسيا الوسطى والجنوبية". هذا وقد كشفت البرقيات الدبلوماسية التي سربها موقع ويكيليكس أن أمام الهند العديد من الطرق لتوسيع نفوذها في أفغانستان مثل تدريب رجال الشرطة ومراقبة الانتخابات وتقديم مساعدات غذائية، فضلاً عن ترويح المنتوج السينمائي الهندي. ولكن البعض يحذر من استغلال الأفلام الهندية التي تلقى رواجاً كبيراً في المنطقة من قبل الإسلاميين والعناصر المتطرفة للتحريض أكثر على المصالح الهندية، لاسيما في ظل ما تحمله تلك الأفلام من مشاهد الرقص والغناء، وهو ما يوضحه السفير السابق "ساراتي" قائلاً: "إننا نخطو بحذر كبير فيما يتعلق بالمنتوج الثقافي الهندي الذي يراد نشره في أفغانستان لما قد يسببه من حساسيات في مجتمعات محافظة". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©