الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حصة الحكومة تقلص الفرص وتقلل عمق الأسواق

حصة الحكومة تقلص الفرص وتقلل عمق الأسواق
28 يوليو 2007 00:12
معظم الحكومات في المنطقة مساهم رئيسي في أسواقها المالية بسبب امتلاكها حصة مهمة من رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة المدرجة في هذه الأسواق، وهذه الملكية الكبيرة تساهم في تقليص الفرص الاستثمارية المتاحة أمام مختلف شرائح المستثمرين باعتبار أن حصة الحكومة مجمدة، أي غير قابلة للتداول، وهي استثمارات طويلة الأجل، وعدم تداولها يؤدي ايضاً الى انخفاض عمق الأسواق المالية وانخفاض مؤشر معدل دوران الاسهم، باعتبارها تحسب في مؤشر القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة· كما ان امتلاك الحكومة حصة كبيرة من رؤوس أموال بعض الشركات لا يشجع الاستثمار المؤسسي، وخاصة الأجنبي، على الاستثمار في أسهم هذه الشركات، باعتبار ان القرارات المختلفة بيد الحكومة وليس بيد القطاع الخاص، الأمر الذي قد ينعكس على كفاءة استغلال الموارد وبالتالي انعكاسه على مؤشرات أداء هذه الشركات ومؤشرات ربحيتها ونموها· وبالاضافة الى حصة الحكومة فإن حصة المؤسسين في رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة تعتبر ايضاً من الناحية العملية مجمدة وغير قابلة للتداول، وبالتالي تبقى الحصة القابلة للتداول أو ما يطلق عليها Free Float محدودة جداً، مقارنة برؤوس أموال هذه الشركات وقيمتها السوقية مما يؤدي إلى انخفاض سيولة أسهم هذه الشركات، فعلى سبيل المثال شركة ''اتصالات'' تمتلك الحكومة الاتحادية ما نسبته 60 % من رأسمال الشركة، ويمتلك المؤسسون 30 % من رأس المال، وبذلك تبلغ النسبة القابلة للتداول 10 % من رأس المال· واذا كانت القيمة السوقية لأسهم الشركة تبلغ 92,5 مليار درهم، فإن حصة الحكومة وحصة المؤسسين من القيمة السوقية تبلغ 83,25 مليار درهم، وبالتالي عند احتساب معدل دوران أسهم الشركة أو نسبة سيولتها نلاحظ انخفاضها الكبير مقابل الشركات التي ترتفع فيها نسبة الأسهم القابلة للتداول· ومثال آخر بنك أبوظبي الوطني، والذي تمتلك حكومة أبوظبي ''مجلس أبوظبي للاستثمار'' ما نسبته 73 % من رأسمال البنك ويمتلك المؤسسون أو كبار المساهمين ما نسبته 20 % من رأس المال، ومن ثم نجد ان نسبة الأسهم القابلة للتداول لا تزيد عن 10 % من عدد اسهم البنك المصدرة، وهو ايضاً ما ينطبق على أسهم بنك أبوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني وبنك الإمارات الدولي والعديد من البنوك والشركات الوطنية· والمعلومات المتوفرة تشير الى ان حصة الحكومة السعودية وحصة المؤسسين تشكل حوالي 80 % من رؤوس أموال الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية و20 % فقط هي الحصة القابلة للتداول، وهو مؤشر على الخلل الهيكلي في ملكية الشركات المساهمة العامة، مما أسهم في خلق مضاربات شديدة على أسهم الشركات· ولاشك أن الأهداف من استمرارية تملك حكومات المنطقة حصة مهمة من رؤوس أموال العديد من الشركات العامة التي تعمل في قطاعات حيوية واستراتيجية وتتميز بمؤشرات مالية ومؤشرات ربحية قوية، انحسرت بعد نضوج وارتفاع كفاءة القطاع الخاص وقدرته على إدارة المؤسسات المالية والاستثمارية وامتلاكه سيولة كبيرة تبحث عن فرص استثمارية مجدية خاصة اذا أخذنا في الاعتبار ان أسعار أسهم الشركات وصلت الى مستويات قياسية مقارنة بأسعار تأسيسها وبالتالي حققت الحكومة عائداً استثمارياً متميزاً من استثماراتها في تأسيس الشركات· وتستطيع الحكومة توظيف أموال الأسهم المباعة في قنوات مالية واستثمارية أخرى تعزز أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة وتساهم في تنويع القاعدة الالقتصادية والانتاجية للدولة وخاصة في القطاعات ذات المزايا النسبية لكل دولة، وبحيث يتم بيع حصة الحكومة أو جزء منها تدريجياً وفق منهج يتناسب ومعطيات السيولة وأوضاع الأسواق المالية كما تستطيع الحكومات بيع جزء من حصصها في رؤوس أموال هذه الشركات لمساهمين استراتيجيين يساهمون في دعم نمو وكفاءة وأداء هذه الشركات· والأسواق المالية في دول المنطقة هي الأداة التي من خلالها يتم بيع أسهم حصص الحكومات الى القطاع الخاص سواء للأفراد أو للشركات والذي سوف يساهم في توسيع قاعدة المستثمرين أو المساهمين، وبالتالي توظيف جزء من السيولة المتوفرة لدى صغار المستثمرين في أسهم شركات قوية ولها سجل حافل بالانجازات والذي يساهم في رفع مستوى معيشتهم بدلاً من استثمار أموالهم في قنوات غير محفزة للنمو، اضافة الى ابعادهم عن اسهم المضاربة وبالتالي تعتبر عملية البيع جزءا من سياسة توزيع الثروة وتوسيع مكاسب التنمية اضافة الى اعطاء القطاع الخاص حصة أكبر في الاستثمار والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد وزيادة حصته من الناتج المحلي الاجمالي· والمعلوم ان محدودية فرص الاستثمار في أسواق المنطقة خلال عامي 2005/2004 قابلها سيولة كبيرة تدفقت عليها ادى الى ارتفاع أسعار أسهم الشركات المدرجة الى مستويات غير منطقية وغير مبررة لا تتناسب مع مستوى أدائها، والذي ادى الى تعرضها الى تصحيحات قوية ومؤلمة سببت خسائر ضخمة لشريحة كبيرة من المستثمرين ولعل زيادة حجم وعمق الاسواق المالية من خلال ادراج اسهم شركات جديدة وتحرير أسهم مجمدة سوف يساهم في رفع كفاءة الأسواق ومستوى سيولتها وتنويع الفرص الاستثمارية المتوفرة فيها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©