الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب على الإرهاب وضرورة التزام واشنطن باتفاقية جنيف

الحرب على الإرهاب وضرورة التزام واشنطن باتفاقية جنيف
28 يوليو 2007 03:54
رغم أن كلانا شغل منصباً في الإدارة الأميركية، إذ كان أحدنا قائداً لقوات مشاة البحرية بعدما عينه الرئيس الأميركي الأسبق ''رونالد ريجان''، والثاني محامياً بارزاً في إدارة الرئيس ''ريجان'' دافع بشدة عن عمليات التنصت على المكالمات التي كانت تقوم بها وكالة الأمن الوطني، مشدداً على دستوريتها حتى من دون الحصول على إذن قضائي، لكننا مع ذلك لا نستطيع الدفاع، بضمير مستريح، عن قرار نعتقد أنه ألحق ضرراً بالغاً بشرفنا الوطني عندما أنشأت الإدارة الأميركية الحالية ما يسمى باللجان العسكرية المنوط بها محاكمة المشتبه في تورطهم بالإرهاب· وهو القرار الذي نرى بأنه يعرض القوات الأميركية المنتشرة في أنحاء العالم المختلفة لمخاطر جمة· فقد سبق أن بتت المحكمة العليا الأميركية في قضية ''حمدان ضد رامسفيلد'' خلال الصيف الماضي بأن نصت على ضرورة معاملة جميع المحتجزين الذين اعتقلوا في إطار الحرب على الإرهاب بموجب المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف لعام ·1949 وهي المعاهدة التي تنص بدورها على وجوب احترام حد أدنى من المعايير في معاملة جميع الأفراد المعتقلين بعد أن توقفوا عن المشاركة في نزاع مسلح· وفي هذا السياق تحث معاهدة جنيف أيضاً على أنه ''في جميع الظروف'' يتعين على المعتقلين أن ''يتلقوا معاملة إنسانية''· ولا تنص المعاهدة على تجنب ''التعذيب''، بل تقضي صراحة بتحريم ''أي عمل من أعمال العنف التي تمس حياة الفرد في جميع الأوقات والأماكن''، أو ''انتهاك كرامة الشخص، لا سيما المعاملة المهينة التي تحط من الكرامة''· لكن مع ذلك أصدر البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي أمراً تنفيذياً يرمي إلى تفسير المادة الثالثة من معاهدة جنيف لتبرير برنامج وكالة الاستخبارات المركزية المثير للجدل بشأن التحقيق مع المحتجزين· ويعلن الأمر الرئاسي بأن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية ''يتطابق مع التزامات الولايات المتحدة بالمادة الثالثة''، وبأن أساليب الاستنطاق التي تتبعها الوكالة لا تخرق القوانين الفيدرالية (التي تحرم هي الأخرى ممارسة التعذيب، أو التشويه الجسدي)· وقد اعتبر البيت الأبيض أن الأمر الصادر، الذي يبيح الأساليب الجديدة في الاستنطاق، لا يندرج ضمن ''أعمال مقصودة ومشينة موجهة ضد المعتقلين ولا يهدف إلى امتهان الأشخاص، أو الحط من كرامتهم على نحو خطير يمكن لمراقب عاقل أن يعدها أعمالا تنتهك الكرامة الإنسانية''· وبعبارة أخرى، طالما أن الهدف من التجاوزات هو جمع المعلومات وتفادي هجمات مستقبلية، وبأن الانتهاكات ''لا تسعى إلى امتهان الشخص والحط من كرامته''-حتى لو كانت تلك هي النتيجة المنطقية لأساليب الاستنطاق الجديدة- فإنه لا غضاضة من أن تعطى الاستخبارات المركزية كامل الصلاحية للانخراط في ''أعمال مقصودة ومشينة لانتهاك كرامة المعتقل''· وكما هو معروف في القانون الدولي تفسر المعاهدات على أساس ''حسن النية'' والتوافق مع المعنى المفهوم لمنطوق الكلمات والغاية النهائية من القانون· لكن فيما يتعلق باللغة المستخدمة في قرار الرئيس بوش فإنه يتعذر بتاتاً مواءمته مع الالتزامات الأميركية الواضحة التي تتعهد بها تحت المادة الثالثة من معاهدة جنيف والداعية إلى معاملة المعتقلين معاملة إنسانية· وبالرجوع قليلاً إلى التاريخ، وتحديداً إلى شهر أبريل من عام 1793 نجد أن وزير الخارجية ''توماس جيفرسون'' كتب إلى الرئيس ''جورج واشنطن'' يقول إن للدول الحق في تفسير المعاهدات الدولية وفق ما تراه هي مناسباً، لكن ''محكمة الضمير تظل قائمة إلى جانب رأي العالم'' وأضاف ''لذا يتعين علينا ونحن نصدر الحكم على أنفسنا أن نلتزم بأقصى درجات الأمانة والحياد''· واليوم فإن الحرب على الإرهاب وما أسفرت عنه من ضحايا في هجمات 11 سبتمبر، أو الهجمات التي تتكبدها القوات الأميركية في أفغانستان والعراق لم تتجاوز خسائرها 2% من الضحايا الأميركيين في الحرب العالمية الثانية، وأقل من 7% من الذين قتلوا في فيتنام· ومع ذلك لم نلجأ إلى تلطيخ شرفنا، أو التنصل من احترامنا لسيادة القانون عندما كنا نحارب ألمانيا النازية، أو اليابان الاستعمارية، أو حتى عندما كنا نواجه الشيوعية في الهند الصينية· وبالعكس من ذلك تماماً ففي فيتنام -حيث كنا فخورين بالعمل معا- قامت أميركا طوعاً بتمديد الضمانات التي توفرها اتفاقية جنيف إلى ميليشيات فيتنام الشمالية الذين لم يكونوا يختلفون عن ''القاعدة'' اليوم· ولا ننسى أيضاً أن اتفاقات جنيف تمنح ضمانات مهمة لقواتنا المسلحة عندما نرسلهم إلى مناطق العالم المختلفة· وفي هذا الصدد يستحق جنودنا حماية أفضل، ذلك أنه بتفسيرنا لمقتضيات معاهدة جنيف بطريقة قد تعرضهم للخطر فإننا نكون نتخلى عن التزامنا بحمايتهم في أرض المعركة· ويضاف إلى ذلك أن الانتهاكات التي تمس بنود معاهدة جنيف تندرج في إطار ''جرائم الحرب'' التي قد تطال صناع القرار في الولايات المتحدة بمن فيهم الرئيس نفسه· ولو رجعنا مرة أخرى إلى التاريخ نجد خطابا بالغ الأهمية وجهه الرئيس ''جيمس ماديسون'' في 1809 إلى ''جيفرسون'' يقول فيه ''إن اكتساب العامل الأخلاقي إلى جانبنا يكتسي دوراً مهماً لدى الرأي العالمي والمحلي''، وهو قول سديد يتعين على قادتنا الالتزام به وعدم إغفاله· بي.إكس كيلي قائد قوات المشاة البحرية الأميركية الأسبق روبرت تورنر مؤسس مركز قانون الأمن الوطني الأميركي بجامعة فيرجينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة '' لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست ''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©