الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاكاة الطيران الديناميكية.. عصا سحرية تحرك الطائرات

محاكاة الطيران الديناميكية.. عصا سحرية تحرك الطائرات
29 يوليو 2007 00:32
حلم عباس بن فرناس بالطيران، فابتكر جناحين من ريش وصعد عالياً فوق المنارة، ثم رمى بجسده على الجموع الملتفة، لكنه حلق لثوان قبل أن يسقط ويموت· تلك الثواني التي طار بها عباس كانت حلمه وأمنيته، دفع عمره ثمنا لها لكنه فتح بابا للعالم ولمهنة وصناعة الطيران· ولأن الحلم يبقى هاجسا تماما كما كان حلم عباس بالطيران، جاء الهاجس هذه المرة غريبا للشابين الإماراتيين أحمد البلوشي ومنصور المرشودي اللذين كان حلمهما أن يستطيعا تحريك الطائرة ورؤية حركتها وهي تطير، ولكن عن بعد· لكن ليس أي طائرة··· بل طائرتهما الخاصة، تلك التي صنعاها بمزيج من تعب وإرهاق وحلم لتأتي على قياس الجهد، جميلة صغيرة ومبتكرة· لم يكن الأمر مجرد مشروع تخرج لطالبي كلية التقنية أحمد ومنصور، بل كان هدفا يجب الوصول إليه، وإنجازا لا بد أن يتحقق وهكذا كان، أنجز الإثنان جهازا ديناميكيا لمحاكاة الطائرات· جهاز خارج الطائرة يتحكم بالطائرة تماما كما تتحكم يد الطيار بها، يحركها بنفس الطريقة ، ترتفع ، تهبط تنحرف وتطير والمثل ينطبق على الطائرات الكبيرة، وطائرات تدريس الطيران- ·فيما يلي حكاية إنجاز جديد لطالبين من الإمارات كما رواها أحمد و منصور. يقول أحمد محمد البلوشي: في مطلع سبتمبر الماضي جلسنا مع أستاذنا لنخطط مشاريع التخرج التي يجب أن نقدمها في نهاية العام الدراسي، يومها اقترحنا الكثير من الأفكار ولكن فكرة طائرة يتم التحكم بحركتها من الخارج التي ذكرها أستاذنا بشكل عرضي لمعت في بالي، فكرت كثيراً بها وبدأت أشعر أن هذه الطائرة إنجازي أنا ويجب أن أصنعها بيدي· طرح أحمد الفكرة على زميله في مشروع التخرج منصور المرشودي الذي أعجبه التصور المبدئي وأعلن موافقته عليه، ليذهب الاثنان الى الأستاذ المشرف ويخبرانه بتصور المشروع · يتابع أحمد: حين وافق منصور أخبرنا المشرف الذي شجعنا، فبدأنا المرحلة النظرية في العمل وهي مرحلة جمع المعلومات، منصور وأنا حاولنا الوصول عبر الانترنت الى كل المعلومات المتوفرة حول نماذج الطائرات المتحركة· ما وجدناه كان ضئيلا مقارنة بما كنا نحتاجه من المعلومات، فتوجهنا الى المعارض والشركات نبحث في أيدكس وغيره من المعارض عن كل نماذج محاكاة الطيران، وصدمنا أن 90% من المعروض هو نموذج المحاكاة الداخلي، أي غرفة الطيار وشاشات تعكس الأجواء الخارجية للسماء والسحاب، بينما كنا نحن نبحث عن نماذج محاكاة خارجية توضح حركة الطائرة وأجنحتها وطريقة ارتفاع المقدمة أو ميلان جسم الطائرة مما زاد المهمة صعوبة · تحديد المجسم يواصل أحمد: في نهاية شهر يناير الماضي كنا وصلنا لتصور أخير ورسم بياني لجسم الطائرة وشكلها وانتهينا من مرحلة العمل النظري لنبدأ الجانب العملي في المشروع· كانت أول الخطوات الحصول على مجسم الطائرة الذي ذهبنا الى دبي وأحضرناه لعدم توفره في أبوظبي، أتينا بالجسم الذي كان مجرد غلاف من الفايبر غلاس وقمنا بطلائه وتركيب المحركات والالكترونيات فيه بأيدينا· استغرق العمل في الطائرة 300 ساعة أو أكثر اضطر خلالها أحمد ومنصور للسهر حتى ساعات الفجر الأولى حتى يصلا لإنجازها· يستطرد أحمد: في البداية كان علي ''احتلال'' غرفة من غرف المنزل وتحويلها لورشة عمل، قدمتها لي والدتي بطيب خاطر وكانت تشجعني دائما وتعبت معي حتى انتهيت من العمل، حملت ''عدتي'' كاملة من أدوات ومحركات وأصباغ لنبدأ بصناعة قاعدة للطائرة متحركة ترفع الطائرة وتحركها وفي نفس الوقت تكون متصلة بعصا التحكم الميكانيكي، وتوضح أيضا ما في الطائرة من معدات وأجهزة· ظروف صعبة ويلتقط منصور أحمد المرشودي طرف الحديث ليخبرنا ببعض الظروف الصعبة التي واجهته وأحمد أثناء العمل في الطائرة، يقول منصور: مررنا بظروف مختلفة، لكن أصعبها كان حادث دراجة تعرضت له وأقعدني أسبوعين في المستشفى، وقع الضغط خلال تلك الفترة بالكامل على أحمد الذي انهمك بالعمل ليعوض غيابي وليستطيع أن ينجز الطائرة في الوقت المحدد· بخلاف الحادث كان هناك الضغط المادي لأن المشروع كلفنا قرابة 15 ألف درهم، لكن تبني شركة بروج لنا كراعٍ للمشروع خفف من الأعباء قليلا بالإضافة لوجود دعم من كلية التقنية العليا التي وفرت لنا فني تركيب يساعدنا في الأعمال بالغة الدقة· ويكمل منصور: كنت أذهب الى منزل أحمد بعد الدراسة ونبقى منهمكين في العمل حتى الفجر، نركب ونشتغل ونحاول حل بعض المشاكل التقنية التي واجهتنا، وأحيانا نذهب للبحث عن قطع ميكانيكية في محلات الألعاب والكمبيوتر والالكترونيات، دخلنا كل مكان حتى السكراب ! واو الأستاذ! اصطحب منصور أستاذه مرتين الى الورشة المنزلية في منزل أحمد-كما يقول منصور - في المرة الأولى استغرب الأستاذ من الإنجاز واطلع على بدايات العمل وطريقته· أما في المرة الثانية فكانت كلمة واو التي قالها الأستاذ وهو يرفع حاجبيه من الدهشة، أجمل تعبير عن روعة الإنجاز· لم يكن يتصور ان الإنجاز سيكون بهذه الطريقة ولم يستطع أن يخفي إعجابه وقال لنا : أنا فخور بكما! هذه الـ واو كانت رد الفعل الأول الذي أردنا معرفته، وكانت بداية الاطمئنان الذي كلل إنجازنا بعرض المشروع ضمن مشاريع التخرج، وفرحتنا بأنه استحق التميز الذي لقيه وأشعرنا بقيمة إنجازنا الرائع· بعد الانجاز في أغسطس القادم سيعرض أحمد ومنصور إنجازهما في أحد المعارض، ويدرس أحمد الآن فكرة مشروع لإنتاج نماذج محاكاة الطيران الديناميكية يود تقديمها لصندوق الشيخ خليفة لدعم مشاريع الشباب عله يحصل على الدعم المادي ويبدأ في تصنيع نماذج المحاكاة بكمية تجارية خاصة وأن الشركات المتخصصة بهذه النماذج قليلة على مستوى العالم، وهو يمتلك الخبرة الفنية والرسوم التخطيطية ويستطيع إنتاج العديد من النماذج التي تفيد في كليات ومعاهد ومدارس الطيران والأماكن المختصة بشؤون الطيران على مستوى العالم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©