الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السويسريون يغلقون أبوابهم في وجه المهاجرين الأوروبيين

السويسريون يغلقون أبوابهم في وجه المهاجرين الأوروبيين
10 فبراير 2014 22:16
زوريخ ، باريس (رويترز، أ ف ب) - قال التلفزيون السويسري إن الناخبين في سويسرا أيدوا بفارق ضئيل، أمس الأول، مقترحات لإعادة نظام تحديد حصص للمهاجرين مع الاتحاد الأوروبي، وهي نتيجة تثير تساؤلات حول الاتفاقات الثنائية مع الاتحاد، وقد تغضب الشركات متعددة الجنسيات. والناخبون السويسريون صوتوا بـ «نعم» بغالبية 50,3% في الاستفتاء الذي حمل عنوان «ضد الهجرة الكثيفة»، ونظم بمبادرة حزب اتحاد الوسط الديموقراطي (يميني شعبوي) بزعامة كريستوف بلوشر، الذي ضاق ذرعا من الارتفاع الكبير لعدد المهاجرين منذ انضمام سويسرا إلى اتفاقية حرية التنقل في أوروبا. وسويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، لكن سياستها المتعلقة بالهجرة تستند إلى حرية تنقل الأشخاص من دول الاتحاد وإليها، مع بعض الاستثناءات، وأيضاً السماح باستقبال عدد محدود من المواطنين غير الأوروبيين. ووقع الاتفاق المتعلق بحرية تنقل الأشخاص، والذي دخل حيز التنفيذ قبل 12 عاماً، في إطار حزمة من الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي، والتي أصبح بعضها الآن معرضا لخطر الانهيار، فضلا عن التأثير على اقتصاد البلاد الذي يعتمد على اجتذاب أعداد كبيرة من المهنيين الأجانب. وقالت وزيرة العدل سيمونيتا سوماروجا للصحفيين في برن «هذه نقطة فاصلة.. تغيير نظام مع آثار بعيدة المدى بالنسبة لسويسرا». وقالت المفوضية الأوروبية في بروكسل في بيان: إن التصويت يتعارض مع مبدأ حرية التنقل للأشخاص. وأضافت أنها ستبحث تأثير ذلك على علاقتها مع سويسرا مع الأخذ بعين الاعتبار موقف الحكومة التي حثت المواطنين على التصويت بالرفض. وقال هانيس سوبودا العضو بالبرلمان الأوروبي: «بالنسبة لنا فإن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا تأتي كحزمة واحدة.. إذا أوقفت سويسرا الهجرة من الاتحاد الأوروبي فلن يكون بمقدورها الاعتماد على كل المزايا الاقتصادية والتجارية التي تتمتع بها حالياً.. لن نسمح بأن تأخذ ما يروق لها». قانون مُلزم وتلزم هذه النتيجة الحكومة بتحويل المبادرة التي قادها حزب الشعب السويسري اليميني إلى قانون. وتعكس النتيجة قلقا متزايدا بين الشعب السويسري من أن المهاجرين يقوضون ثقافة البلاد، ويساهمون في ارتفاع الأجور، وازدحام وسائل النقل، وازدياد معدلات الجريمة. ويقول المعارضون لهذه الخطوة إنها قد تقلص بشكل كبير استقدام العمال المهرة إلى سويسرا. وفي السياق ذاته، تساءلت الصحف الأوروبية أمس عن تداعيات نجاح الاستفتاء السويسري حول الحد من الهجرة، لاسيما لجهة العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي. في فرنسا تحدثت صحيفة الأعمال ليزيكو عن «نتيجة ذات عواقب اقتصادية صعبة». واعتبرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية الليبرالية أن مع هذه النتيجة «يغلق السويسريون حدودهم». وأوضح المحلل السياسي جان ايف كامو في مقالته أن «الأنانية الاقتصادية هي العنصر الرئيس في هذا التصويت»، مضيفاً «أن السويسريين يصوتون لاعتماد الحصص»، كما كتبت صحيفة لوفيجارو التي تعتبر يمينية على صفحتها الأولى. ورأت صحيفة لومانيتيه الشيوعية أن «اليمين المتطرف بزعامة بلوشر كسب رهانه بفرض اعتماد سقف صارم للهجرة». وخلصت صحيفة مترو نيوز المجانية إلى القول «الهجرة الكثيفة: السويسريون قالوا كفى». وفي ألمانيا كتبت صحيفة داي فيلت «إن على سويسرا أن تعيد النظر في تقاربها مع الاتحاد الأوروبي». واعتبرت الصحيفة «إن الاستمرار على هذا النهج ليس خياراً. إن اتحاد الوسط الديمقراطي سيدرك مدى صعوبة الفصل بين الجوانب الإيجابية في العقود الثنائية مع بروكسل والجوانب غير المرغوب بها». في المقابل بدت صحيفة برلينر تسايتونج أكثر تفهما وكتبت «إن الذين يهزأون هنا من الخوف من اجتياح الأجانب لهم يجب أن يفكروا على الأفل بأن نسبة الأجانب في سويسرا هي 23% من التعداد السكاني الإجمالي، أي أكبر بنحو ثلاث مرات من نسبتهم في ألمانيا». وعنونت صحيفة لوسوار البلجيكية بشكل استفزازي «السويسريون إلى الأوروبيين: اخرجوا»، ولفتت الصحيفة الفرانكفونية إلى أن «كل أساس الاتفاقات الثنائية التي عقدتها سويسرا مع الاتحاد الأوروبي مهدد بالانهيار». وفي إسبانيا اعتبرت صحيفة الـ «باييس» الوسطية اليسارية على موقعها الإلكتروني «إن هذه النتيجة سترغم الاتحاد الأوروبي على إعادة التفكير في علاقته الوثيقة مع سويسرا، ويضع حدا لحرية تنقل الأشخاص الساري المفعول منذ 2002». وكتبت أن هذا الاستفتاء «سيفتح أزمة سياسية خطيرة بين الجانبين». نتائج سلبية وفي نسختها الورقية نشرت الـ «باييس» مقالا بعنوان «نتائج سلبية»، جاء فيه أن «فوز المعارضين لـ «الهجرة الكثيفة» إلى سويسرا سيكون له تداعيات على الجميع في أوروبا». وأضافت «لن يعيد ذلك الاتفاق حول حرية تنقل الأشخاص المبرم مع الاتحاد الأوروبي على بساط البحث فقط، بل سيعكس أيضا الاضطراب الشعبوي والمعادي للأجانب العابر في القارة القديمة قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الأوروبية».«إنها أسوأ نتيجة ممكنة لغالبية السياسيين والشركات السويسرية». ورأت صحيفة إي بي سي المحافظة أن هذا الاستفتاء «يعرض علاقات سويسرا مع الاتحاد الأوروبي للخطر»، مضيفة «إن هذه النتيجة فاجأت الطبقة السياسية وتشكل صفعة للسياسة الأوروبية التي يعتمدها المجلس الفيدرالي الذي يتعين عليه الآن أن يعيد النظر في علاقاته السياسية مع الاتحاد الأوروبي». أما الصحف السويسرية فعبرت في تعليقاتها الأولى عن «ذهولها» بعد «صفعة» فوز المؤيدين للحد من الهجرة في الاستفتاء. وفي سويسرا الناطقة بالألمانية، والتي صوتت لفرض حصص للهجرة باستثناء المدن الكبرى فإن تعليقات الصحف كانت أكثر انقساما. وكتبت صحيفة لوتان الصادرة في جنيف «إن العودة إلى نظام الحصص بالنسبة للعمال الأوروبيين» يشكل «منعطفا تاريخياً في سياسة سويسرا الأوروبية، وسيكون لها تداعيات غير متوقعة». المدن والريف ولفتت إلى التعارض بين المدينة والريف في التصويت، الهوة بين سويسرا الروماندية الناطقة بالفرنسية التي صوتت بـ «لا» وسويسرا الناطقة بالألمانية التي صوتت بـ «نعم». وكتبت «مرة أخرى تؤكد المناطق الأكثر تأثرا بالهجرة وحرية التنقل رغبتها بضبطها»، معبرة عن أسفها لأن ما من أحد في الحكومة أراد التعمق في أسباب هذه القطيعة الجديدة بين المناطق اللغوية وبين المدن والأرياف. وجرت تظاهرتان مساء أمس الأول في سويسرا تمت الدعوة إليهما عبر الفيسبوك احتجاجا على نتيجة الاستفتاء ضد الهجرة. فقد تظاهر بين 500 و600 شخص في برن العاصمة الفيدرالية للتنديد بنتيجة الاستفتاء، رافعين لافتة كتب عليها «سويسرا التي ينادون بها كابوس». كذلك تم التعبير عن الاستياء نفسه في لوسيرن حيث نزل نحو 300 شخص إلى الشارع. وتحدثت «لا تريبون»، الصادرة في جنيف، عن «صفعة للمجلس الفيدرالي» والحكومة، معبرة عن قلقها بشأن اقتصاد المدينة الذي يعمل بوجود كبير للأجانب، وكذلك في المصرف (35% من الموظفين) والمؤسسات الدولية. وصحيفة 24 ساعة، الصادرة في لوزان، عنونت «اليوم الذي اختلق فيه بلد مزدهر أزمة كبرى»، وقالت «إن المرحلة تبدو صعبة لبلد مندمج اقتصاديا بشكل كبير لكنه معزول سياسيا». وكتبت صحيفة «نيو زوريشر تسايتونج»، الصادرة في زوريخ، حيث تقدمت المعارضة للاستفتاء، «من المؤكد أن النعم على نص حزب اتحاد الوسط الديمقراطي ليست مشجعة للاقتصاد السويسري، وبالتالي لرفاهية السكان». لكن صحيفة «باسلر تسايتونج»، الصادرة في بال، حيث فازت الـ «لا» لا تؤيد هذا الرأي، واعتبرت أن «كل سويسرا» حققت «نصراً»، معتبرة أن هذا الاقتراع شكل «أكبر هزيمة للاقتصاد والنقابات». رئيس البرلمان الأوروبي مٌحبط عبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أمس الأو ل، عن إحباطه إزاء تصويت السويسريين على مقترحات لإعادة نظام تحديد حصص للمهاجرين مع الاتحاد الأوروبي، وقال إن الاتحاد قد يتعين عليه إعادة التفاوض على اتفاقه مع سويسرا. وقال أثناء زيارة إلى الضفة الغربية «أنا محبط. كنت آمل أن ترفض الأغلبية المقترحات.. لكن هذه هي الديمقراطية. على الجانب الآخر علينا أن نثبت ملاحظاتنا بشأن النتيجة. أعتقد أن للاتحاد الأوروبي اتفاقات مع سويسرا». ويقدر متوسط عدد المهاجرين إلى سويسرا من دول الاتحاد الأوروبي بنحو 70 ألفاً سنوياً. وتفيد بيانات رسمية أن الأجانب يمثلون حالياً ما نسبته 23% من إجمالي سكان سويسرا، وعددهم ثمانية ملايين نسمة. وهذه أعلى نسبة في أوروبا بعد لوكسمبورج. فابيوس: خبر سيئ لأوروبا قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، إن تأييد السويسريين للحد من الهجرة خبر سيئ لأوروبا، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي سيضطر إلى مراجعة علاقاته مع سويسرا. وقال الوزير الفرنسي لإذاعة ار تي ال: «إن نتيجة التصويت مقلقة لأنها تعني أن سويسرا تريد الانغلاق على نفسها، وفي ذلك تناقض، لأن سويسرا تجري 60% من تجارتها الخارجية مع الاتحاد الأوروبي». وتابع «برأيي أنه خبر سيئ، سواء لأوروبا أو للسويسريين، لأنهم سيدفعون ثمناً لانغلاق سويسرا على نفسها»، معتبراً أن «سويسرا وحدها لا تشكل قوة اقتصادية كبرى». وأضاف فابيوس: «سنراجع علاقاتنا مع سويسرا»، بعد قرارها اعتماد حصص للهجرة. وأوضح: «منذ 1999 هناك اتفاقات مع سويسرا تتعلق على الأخص بحرية تنقل العمال والكثير من العناصر الأخرى، كما هناك مادة سميت «المقصلة» التي تؤول، في حال إسقاط أي من العناصر، يسقط كل شيء، ما يعني الحاجة إلى إعادة التفاوض». ميركل تتوقع مشكلات تتوقع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ينجم عن الاستفتاء الذي أيد فيه السويسريون الحد من الهجرة إلى بلادهم مشكلات كبيرة. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أمس في برلي: «الحكومة الألمانية علمت بنتيجة الاستفتاء وتحترمه، لكن يبدو بلا شك أن هذه النتيجة ستؤدي إلى مشكلات كبيرة من وجهة نظرنا». وذكر المتحدث أنه على سويسرا التواصل مع الاتحاد الأوروبي لتوضح له، كيف ستتعامل مع هذه النتيجة. وتوقع المتحدث أن يكون هناك محادثات صعبة حول هذا الأمر، وقال: «لكن يتعين أن يكون اهتمامنا هو الحفاظ على علاقات وثيقة بقدر الإمكان بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا». ومن جهة أخرى، أوضح المتحدث أن المستشارة ميركل لا ترى الاستفتاء الأخير في سويسرا مدعاة لإجراء استفتاءات مماثلة في ألمانيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©