الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله حسن أحمد: الفيلم الروائي القصير يعيد صياغة الحياة

عبدالله حسن أحمد: الفيلم الروائي القصير يعيد صياغة الحياة
30 يوليو 2007 02:50
في رأس الخيمة، وفي منطقة ''الضيت'' بالتحديد انطلقت شرارة الرؤية عند المخرج الإماراتي الشاب عبدالله حسن أحمد، هذه الشرارة الأليفة والمحروسة بالموهبة تحولت فيما بعد إلى ما يشبه الوهج والاستبصار والهوس العارم بالصورة، وهي الصورة التي أرادها عبدالله أن تنطق وتتلوى وترقص على بكرة الفيلم، صورة قادرة على تمزيق الثبات الفوتوغرافي، وخلخلة النسق السائد في الدراما التلفزيونية· وعندما يصور عبدالله طفولته مثلا، فإنه يصور طفولة البحر أيضا، ويفاعة الجبل، وشغب الرمل، وهي طفولة تحتاج لعدة بصرية كاملة، لا يمكن لعبدالله أن يهمل الخيال المشتغل على تروسها، وعلى الميكانيزم المروض لجنون النص الذي غالبا ما يرميه شقيقه محمد حسن أحمد على صفحات السيناريو، هذا النص الحار والملتهب وكأنه خارج للتو من مصهر الروح وتنور الكتابة! يتعامل المخرج عبدالله حسن أحمد مع الإخراج السينمائي كهبة لا يمكن التفريط بها، فالإخراج عنده أشبه بغواية تجترح مصائدها على الدوام، أو قل إنه غابة ألوان ورؤى واحتمالات لانهائية للعين في تقديم شروحاتها المربكة وخرائطها الدالة على المتاهة !، فعندما توغل كاميرته في سينوغرافيا الطبيعة، فإنها تكتشف عن جماليات الشخوص وعن ألقهم الدفين، كما أنها تكتشف عن قبح الخارج وعن جرح التقاليد ومكر الأعراف، وهذا ما قدمه عبدالله مؤخرا في فيلمه ''تنباك'' الذي شاهدنا أجزاء منه في غرفة المونتاج، وكان فيلما شبيها بقبو سري وبعيد تشتعل فيه الحواس والإيقاعات والأصوات المعذبة للمهمشين والمنبوذين، ''الاتحاد'' تلقي الضوء على تجربة عبدالله حسن أحمد الشخصية التي احتكت بالساحة السينمائية الوليدة في الإمارات واستدلت على المشهد السينمائي المحلي قبل ست سنوات تقريبا من خلال أفلامه الروائية القصيرة والتسجيلية التي عرفت طريقها إلى منصات التتويج والحاملة لعناوين مثل: ''سمو الفعل'' و ''الميرحانه'' و''سماء صغيرة'' و ''آمين'' و ''الفستان''، حيث كان معه الحوار التالي: الثقافة السينمائية ؟ بعد مرور ست سنوات على التجربة السينمائية في الإمارات، كيف يمكن الحكم على هذه التجربة، انطلاقا من خوضك لمجال الإخراج وتواصلك مع السينمائيين الشباب المهمومين بتطوير هذه التجربة ؟ ؟؟ قبل الحديث عن فترة السنوات الست السابقة من عمر التجربة السينمائية في الإمارات، علينا أن نتذكر أولا التجارب التأسيسية السابقة من خلال مخرجين عملوا بصمت وتفان وبعيدا عن أي مظلة رسمية من أجل صياغة شكل تعبيري مغاير للشكل التلفزيوني التقليدي، أما اليوم فيمكن أن يشير المرء وبثقة إلى النضج الفني والموضوعي الذي تحقق لدى مجموعة جادة وموهوبة من الشباب الإماراتيين المنتمين لهذا الفن الإبداعي البكر في المكان، ولعل ظهور حدث مهم مثل مسابقة أفلام من الإمارات ساهم وبقوة في تفعيل هذه التجربة ومنحها الزخم النوعي والكمي الذي نشهده الآن ونتحسس شكله المنتظر في المستقبل، ونتمنى أن يستمر مهرجان دبي السينمائي في دعمه وتشجيعه للحركة السينمائية المحلية، وهو الدور المنتظر أيضا من مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الأولى ودوراته القادمة· وأنا في هذا السياق أعتبر نفسي نتاجا لهذه المسابقة التي شكلت وعيي الخاص والمختلف في التعامل مع الفيلم الروائي القصير والتسجيلي، كما أنها ساهمت في تثقيفي سينمائيا في الوقت الذي لا يمكن للسينما التجارية السائدة أن تمنحنا هذه الثقافة في بعدها الانتقائي وطرحها العميق للقضايا البشرية· ؟ هل يعني هذا أن خوضكم للتجربة السينمائية خلا من الصعوبات التي واجهها الجيل المؤسس للشكل السينمائي المستقل ونذكر منهم هنا عبدالله النقي وجاسم جابر ومحمد نجيب وعلي العبدول ؟ ؟؟ لا يمكن إغفال الصعوبات التي يواجهها الجيل الحالي، فهي متشعبة ومتعددة المصادر، ولعل أولى الأسباب تتمثل في التعامل مع السينما بشغف ولكن من خلال الهواية وتجريب الأدوات، الأسباب الأخرى تمثلت في الفقر الإنتاجي القائم على التقشف والاجتهاد الذاتي، وهناك أيضا الوعي الناقص لدى الجمهور حول طبيعة الفيلم الروائي القصير، فتنفيذ أفلام سينمائية في وسط يخلو من الثقافة السينمائية والتنوع الفني يعتبر ضربا من التحدي والاستبسال المقاوم لثقافة الاستهلاك والتسطيح· الفيلم التلفزيوني ؟ مقارنة بما تم إنجازه من قفزات فنية ملحوظة مع الفيلم الروائي القصير فإن الفيلم التسجيلي مايزال ضعيفا ومغيبا من المشهد السينمائي المحلي، ما هي أسباب هذا التراجع ؟ ؟؟ أعتقد أن السبب يعود للفهم القاصر لطبيعة الفيلم التسجيلي، أضف إلى ذلك إلا أن الفيلم التسجيلي يحتاج إلى جرأة أكبر وهامش حرية أوسع، كما أنه يحتاج لمعالجة مباشرة وصريحة مع موضوع الفيلم، وهذه المعالجة تصطدم دائما بالحواجز الاجتماعية والأفكار الرافضة لكشف الحقائق، أما الفيلم الروائي القصير فإنه يعيد صياغة الحياة والقصص من خلال الرمز والتورية والتلميح، لذلك فهو مرغوب لدى صناع الفيلم الذين يخشون الدخول في الإشكالات والحساسيات المرافقة للفيلم التسجيلي· ؟ قام تلفزيون الشارقة مؤخرا بخطوة مهمة في احتضان مشاريع الشباب السينمائية، وتقديم التسهيلات الإنتاجية والفنية لإنجاز أربعة أفلام روائية قصيرة وعرضها في شهر رمضان المقبل، حدثنا عن هذا المشروع وعن هذا المزج المفتقد بين الشكل السينمائي والتلفزيوني· ؟؟ نحن بلا شك نثمن هذه المبادرة التي تدخل في صلب التوجهات الثقافية لحاكم الشارقة من خلال دعم وتشجيع التجربة السينمائية الوليدة في الإمارات· وتلفزيون الشارقة في سياق هذه التوجهات وبمتابعة مباشرة من مدير القناة، حمل على عاتقه مسؤولية التعامل مع المشاريع السينمائية ودعمها فنيا وتقنيا وتغطية كلفتها الإنتاجية، وهي خطوة أراها مهمة وكبيرة لخروج الفيلم التلفزيوني الذي لم يجد فرصته بعد في محطات التلفزة العربية، رغم أنه شائع ومتداول في أرجاء العالم، وأتمنى أن تلقى هذه التجربة الصدى الجيد والتفاعل الفني من جمهور التلفزيون· والأفلام المختارة لهذا المشروع تحاور الأشكال الاجتماعية ولكن بنسق سينمائي ورؤية مختلفة عن الطرح الدرامي بشكله التلفزيوني الخالص· أكاديمية السينما ؟ ظهور أكاديمية للسينما وبدعم مباشر من هيئة الثقافة والتراث مؤشر جديد بأهمية الدور الثقافي للسينما في الإمارات والمنطقة، فما هي المشاركة المنتظرة منكم كسينمائيين هواة للاستفادة من هذه الأكاديمية ؟ ؟؟ ولادة أكاديمية للسينما في الإمارات هي أشبه بالنقلة النوعية والمبادرة التي انتظرناها طويلا، إنه الحلم الصعب الذي بدأنا نتحسس وجوده في المكان، ونحن هنا نثمن دور هيئة الثقافة والتراث في الالتفات للسينما كفن لا يمكن عزله من منظومة الفنون الأخرى، كما أن هذه الأكاديمية ستغطي النقص الحاصل في كليات التقنية، فالأكاديمية ستعوض بلا شك غياب عنصر التخصص في أقسام صناعة الفيلم كالإخراج والسيناريو والمونتاج والتصوير والمكساج والإنتاج وغيرها من التخصصات· وأتمنى وبالتكامل مع هذه الأكاديمية أن يتم استدعاء سينمائيين مخضرمين من الخارج للتواصل مع السينمائيين الإماراتيين، أو إشراك هؤلاء الشباب في الجو الحقيقي لصناعة الفيلم وذلك من خلال بعثات ومهمات تخصصية في الخارج، حتى يتحقق نوع من المعايشة والاحتكاك مع التجارب العالمية في هذا السياق·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©