الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضايح على الهوا

31 يوليو 2007 03:00
أصبح الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة مسابقة عربية أمرا مضنيا يرفع الضغط ويسبب انتفاخا في الطحال وهبوطا حادا في الحجاب الحاجز، ليس لأن هذه البرامج التافهة تستأثر برفقة شركات الهاتف بمقدرات خيالية تأتي من جيوب السادة المشاهدين السُذج، ولكن لأن تلك البرامج تكشف بشكل مباشر إشكالية غياب المعلومات العامة لدى جمهورنا الحبيب حتى في الحدود الدنيا· للأسف هذا ما تفضحنا به وسائل الإعلام العربية (أمام أمم العالم التي بدأت تتعلم العربية فيما هجرناها نحن)، عبر الكثير من برامج المسابقات التي تطرح أسئلة بدهية وغاية في السطحية، ورغم ذلك يخفق المشاركون في التسابق للتوصل للإجابة البسيطة حتى في حال المساعدة المباشرة (التغشيش الكامل) وهو الأمر الذي لا يزال يتكرر أمامنا كل يوم· في هذا السياق لا أعرف كيف أصف حالنا مع المعلومة في زمن أصبح يوصف بشكل أساسي بعصر ثورة المعلومات، هل هو استخفاف من قبل هذه البرامج بالمعلومة؟ أم إنها حالة من (التمبلة) التي انتشرت كالطاعون بين الناس الذين يخطئون الجواب على الرغم من تلقينهم الإجابة أو التلميح بها والإيحاء بها في أفضل الحالات؟· مناسبة هذا الحديث ليس لأني (ملسوع أو ملسون) فحسب، بل لأن هناك إعصارا من المسابقات التافهة ينتظرنا على الشبابيك والأبواب والطرقات مع حلول شهر رمضان، الذي تعاقبنا فيه الفضائيات العربية عبر تحويل جميع البرامج والمسلسلات الدرامية والفكاهية وحتى برامج الكاميرا الخفية والشقية إلى برامج مسابقات ''على الهوا'' ترصد لها عشرات الملايين، رغم أنها لا تفعل شيئا سوى إضافة المزيد من التسطيح ثم (التصطيح: فعل مشتق من طَصَ يطُصُ، وطَصَهُ: أي خَزَقَ عينيه وكحلها) فهكذا تتم خدمة الجمهور الذي تدعي سائر الفضائيات أنها تقدم له الجديد والمفيد من أجل زيادة وعيه وثقافته ورصيد معارفه· كل خجلي ورعبي أن يشاهد المستشرقون أو عشاق اللغة العربية الجدد قنواتنا الفضائية فيتعرضون لهذا النوع من المسابقات، فساعتها ماذا سيقولون أو يكتبون عنا وعن عقلياتنا في مجتمعاتهم يا ترى؟ لا أظن أن هذا الأمر سيهم أحدا عندنا، بقدر ما سنجد من سيدافع عن هذه البرامج قائلا: ''هؤلاء المستشرقون يشوهون وجهنا الحضاري عامدين مدفوعين بمؤامرة ضاربة الجذور في دواخلهم المريضة منذ أقدم العصور''!!· alhalwaji@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©