الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كاميرات المدارس.. «عيون إلكترونية» تحوّل المدرسة إلى مسرح لتلفزيون الواقع

كاميرات المدارس.. «عيون إلكترونية» تحوّل المدرسة إلى مسرح لتلفزيون الواقع
4 فبراير 2011 23:24
(دبي) - لم يكن أمام بعض الطلبة سوى أن يتخيلوا أنفسهم نجوم أحد برامج تلفزيون الواقع. هذه هي الطريقة الوحيدة التي صالحتهم مع فكرة وجود “عيون إلكترونية” تراقب تحركاتهم، ترصد سلوكياتهم، تتابع ردود أفعالهم داخل الحرم المدرسي. وترسيخ فكرة النجومية بالنسبة لبعض الطلبة، لم يكن ينقصه سوى التطبيق، لذلك يقف في بعض الأحيان الطالب الحالم بمواجهة الكاميرا، يحوّل يده إلى “مايكروفون” يتنقل به في حوارات مع الطلبة المحيطين به، ومن ثم يباشر بتأدية ما حفظه من أغانٍ أو أناشيد، متماهياً مع حركات “النجم الصاعد” أو “المنشد الأول” في العالم العربي. وفي إحدى الغرف الصغيرة في المدرسة، تقبع شاشة واحدة فقط تختصر بمربعات صغيرة ملونة عشرات الممرات والفصول والمداخل، تضم مئات الأمتار المربعة من مساحة المدرسة، وذلك من خلال كاميرات مثبتة في الزوايا العليا للجدران تبث ليلاً ونهاراً ما تلتقطه مباشرة من دون توقف. هيبة المدرسة الأهم لكن مسألة التعاطي بطرافة مع وجود كاميرات مراقبة داخل المدرسة لا تنسحب على جميع الطلبة، فبعضهم مثل الطالب أحمد عمر من مدرسة دبي الثانوية تمكّن بصعوبة من “هضم” فكرة الرقابة الدائمة المسلّطة عليه داخل المدرسة، بالرغم من محاولات الإدارة عقب تدشين المشروع بشرح أهميتها والهدف منها، إلا أن أحمد لا يمكنه نزع إحساسه من أنه يتجول داخل أحد الأقسام الأمنية وليس داخل مدرسة. وقال الطالب حسن باقر إن الكاميرات مفيدة من ناحية ضبط سلوك الطلاب داخل أسوار المدرسة، والحد من السلوكيات السلبية مثل التدخين، إلا أنه يرفض وجودها داخل الفصول الدراسية لكونها تربك الطالب والمعلم معاً. ورأى الطالب حسن يوسف من مدرسة محمد بن راشد أن ضبط السلوكيات لا يتوقف على كاميرات المراقبة إنما بقدرة المدرسة والإدارة والمعلم على فرض هيبتهم على الطلبة، وقدرتهم على الضبط وحسم الأمور. ضبط السلوكيات وتتفاوت آراء مديري المدارس حول ماهية الدور الذي تلعبه كاميرات المراقبة داخل المدرسة، ففي حين رفض بعضهم فكرة وجودها من الأساس، اعتبرها آخرون مثل منصور شكري مدير مدرسة دبي الثانوية عاملاً مهماً في ضبط إيقاع مدرسته في ضوء قلة عدد الكادر الإداري، الأمر الذي كان سابقاً يصعب من السيطرة على سلوكيات الطلبة وبعض التجاوزات التي يقومون بها، مشيراً إلى أن مشروع تركيب كاميرات مراقبة أدى إلى تراجع عدد من الظواهر التي تحدث داخل المدرسة مثل تدخين الطلبة، وهروبهم خارج المدرسة، وطرد المعلمين للطلبة من الفصول من دون الرجوع إلى الإدارة للحصول على إذن. وقال شكري إنه يجب عدم التعاطي مع موضوع كاميرات المراقبة من باب التباهي بوجود تقنيات حديثة داخل المدرسة، فالأهم من ذلك هو التمكّن يومياً من الاطلاع على ما تبثه تلك الكاميرات ومعالجة الأمور مع المشاغبين بهدوء وعقلانية تفادياً لأي ردّ فعل سلبي قد يفتعله الطالب. وأضاف أن الكاميرات تسهم من دون شك في حل معاناة إدارة المدرسة في بعض الجوانب الأخرى، إذ تحث الطالب والمدرّس على الانضباط والالتزام في المناوبة والمتابعة، كذلك تضمن التزام عمال النظافة بالعمل. وأكد شكري أن من شأن الكاميرات أيضاً لعب دور مهم في حماية المدرسة ليلاً والحفاظ على المختبرات والمقتنيات. كما تمّ في إحدى المرات كشف محاولة سرقة أوراق امتحانات في العاشرة ليلاً من قبل اثنين من طلبة “الثانوية”.ولفت شكري إلى أنه بدأ تنفيذ المشروع من خلال استخدام كاميرات الحاسوب داخل إحدى القاعات المدرسية بناء على اقتراح المعلمين، ومن ثم تمّ توسيع المشروع عبر وضع 16 كاميرا مثل ساحة المدرسة، وخلف المدرسة والممرات، والجهة الخلفية للمدرسة وفي أماكن يصعب الوصول إليها. «تربية بوليسية» في المقابل، يرفض محمد حسن مدير مدرسة محمد بن راشد للتعليم الثانوي رفضاً قاطعاً فكرة وجود كاميرات مراقبة داخل المدرسة، معتبراً أنها تصلح للشرطة وليس لحرم تربوي مدرسي. وأشار إلى أن هذا النوع من المشاريع يعتبر تخلياً عن روح الدور التربوي الذي يفترض بالمدرسة أن تلعبه من متابعة الطلبة وسلوكياتهم. وأكد حسن أن الكاميرات لا يمكن أن تُثني الطالب ذي النية السيئة من تنفيذ ما يُضمر له. فمن يتوانى عن التدخين بين الفصول، أو ساحة المدرسة، سوف يلجأ إلى داخل الحمام، أو الشارع عقب انتهاء الدوام. وتساءل عن معنى وجدوى الانشغال بمراقبة سلوك الطلبة بدلاً من وضع الخطط لتوجيههم وتحسين سلوكهم بغض النظر عما يمكن للكاميرات أن تنقله. ولفت حسن إلى أنه من الضروري تعزيز الدور التربوي داخل المدرسة من خلال تعليم الطالب كيفية العناية بنفسه، وآداب المشي بالشارع وغيرها والتي من دون شك ستنعكس على تصرفاته في المنزل والمدرسة. وقال حسن إنه يقوم بنفسه بمتابعة الطلبة والاستماع إلى شكاواهم، كما أنه يقوم يومياً بجولة على الصفوف والأروقة والحمامات لرصد أي تجاوز من قبل الطلبة. وختم بأنه الهدف من كل ذلك هو تخريج رجال ملمين بفنون الحياة ومعتدين بثقتهم بنفسهم. وتتخذ انتصار عيسى مديرة مدرسة ماريا القبطية موقفاً وسطياً بالنسبة لاستخدام الكاميرات داخل المدرسة، حيث قالت إنها تؤيد الكاميرات لناحية تعزيز دور الأمن والسلامة في المدرسة مثل رصد الحالات المرضية مثل غياب أحد الطالبات عن الوعي في ركن بعيد عن موقع الإدارة. أما بالنسبة لسلوك الطالبات، فرأت عيسى أن دورنا تربوي بحت وليس بوليسياً، وبالتالي فإنها ترفض تركيب كاميرات لمراقبة سلوكيات الطلبة. رفض في «التأسيسية» ورفضت زكية عبدالله محمد مديرة مدرسة الجسر للتعليم الأساسي تركيب كاميرات رقابة خاصة في المرحلة التأسيسية، ووجود العاملات والمشرفات يكفي لمراقبة الأطفال، أما طلاب المرحلة الثانوية فيحتاجون إلى تلك الكاميرات، بسبب انتشار سلوكيات خاطئة بينهم والمشاجرات والاعتداء بالضرب والهروب من المدارس. وأكدت المعلمة نورة عبدالكريم بمدرسة عبدالله بن مبارك للتعليم الأساسي الحلقة الأولى أن الكاميرات تقوم بدور إيجابي مهم في الحد من السلوكيات الخاطئة، فوجودها في ساحة المدرسة يشعر الطالب بالمراقبة فينأى بنفسه عن إثارة الشغب. وأضافت المعلمة عائشة ابراهيم صادق أن الشعور بالمراقبة يولد عند الشخص الخوف والحذر فيبتعد عن كل عمل سيئ، مؤيدة بعكس زميلتيها السابقتين نصب كاميرات في مدارس المرحلة التأسيسية من الصف الأول إلى الخامس الأساسي. ورفضت فاطمة المغني مديرة مركز التنمية الاجتماعية بخورفكان فكرة وجود كاميرات المراقبة في غرف مقاعد الدراسة، معتبرة أنها “تنتهك حريات المعلمات والطالبات”، فقد تخلع الطالبة حجابها في الفصل وكذلك بالنسبة للمعلمة لا تشعر بظهور شعرها أثناء الشرح. لكنها شددت على أن الكاميرات ضرورة تؤدي دور الرقابة وتحد من ارتكاب السلوكيات الخاطئة، وعلينا نحن كأولياء أمور أن ننمي الرقابة الذاتية والخوف من الله عز وجل من الشروع في ارتكاب أي سلوك خاطئ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©