الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول التعاون الخليجي تطلق العنان لطفرتها الاقتصادية والحضارية

دول التعاون الخليجي تطلق العنان لطفرتها الاقتصادية والحضارية
1 أغسطس 2007 23:58
رغم التوتر الذي يسود عدداً من مناطق الشرق الأوسط، أدركت بلدان الخليج العربي أن الوقت مناسب تماماً لإطلاق ثورة تطورية متكاملة· وتشهد هذه البلدان الآن طفرة شاملة في كافة المجالات العمرانية والصناعية والسياحية؛ ولم تعد قضية التوترات والصراعات السياسية التي تشهدها مناطق متباعدة من الشرق الأوسط أكثر من ظاهرة غريبة لا يمكنها أن تؤثر في شيء على مسيرة هذه البلدان· ومن الصواب أن يقال أن دول مجلس التعاون الخليجي الإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية تجتاز الآن مرحلة تحول حاسمة في تاريخها؛ وهو التحوّل الذي ستنعكس نتائجه وآثاره الاجتماعية العميقة على المنطقة برمتها وربما على العالم أجمع· وكان لارتفاع أسعار النفط عامل هام في رفع مخزون هذه الدول من الأموال السائلة إلى مستويات قياسية· ويقول تقرير نشرته مجلة (نيوزويك) في عددها الأخير تحت عنوان (الخليج الناهض): إن عوائد دول الخليج خلال السنوات الخمس الماضية بلغت أكثر من 1,5 تريليون دولار وفقاً لإحصائيات أنجزها معهد التمويل الدولي ةةئ· وأشارت مصادر المعهد أيضاً إلى أن هذا النهر المتدفق من العوائد النفطية لا تبدو له نهاية منظورة على المديين القريب و المتوسط· ومع حلول نهاية العام الجاري 2007 ستحصد دول مجلس التعاون الخليجي 540 مليار دولار إضافي أو ما يزيد عن مجمل الصادرات السنوية للبرازيل والهند وبولندا وتركيا مجتمعة· وقفزت هذه السيولة النقدية المتدفقة بدول مجلس التعاون إلى المرتبة 16 في تصنيف أضخم الاقتصادات العالمية بناء على إحصاءات المعهد ذاته· ولو استمر هذا التطور على نفس الوتيرة فإن دول المجلس سوف تقفز إلى المرتبة السادسة في هذا التصنيف بحلول عام 2030 ويبقى التساؤل الأكثر أهمية: كيف يتم إنفاق الأموال الجديدة ؟· سبق لدول الخليج أن شهدت طفرات في أسعار النفط، إلا أنها لم تكن تعرف كيف تستثمر عوائدها· وخلال العقود الثلاثة الماضية أسهمت هذه العوائد في تشييد وتحديث البنى التحتية الأساسية لقطاعات الصحة والخدمات العامة إلا أن الكثير من هذه الأموال كانت تودع في البنوك الغربية· أما اليوم، فإن الأمور مختلفة تماماً؛ وحيث أثبت قادة الدول الخليجية هذه المرة أنهم من ذوي البصائر النفّاذة عندما اختاروا التعاون مع القطاع الخاص حتى يضمنوا استثمار هذه الأموال بطرق وأساليب حكيمة· والآن أصبحت الإمارات مثالاً يحتذى لهذا التطور الكبير وحيث تحولت دبي خلال سنوات معدودة إلى مركز عالمي للخدمات المالية والبنكية· وشهدت مدن وحواضر الدولة من عوامل التطور الحضاري والعمراني ما يجعل منها مدن المستقبل· ونقل التقرير عن إدموند أو سوليفان مدير تحرير مجلة ''ميد'' قوله: ''يشهد الخليج الحديث بزوغ فجر جديد؛ وهو يتطور الآن بسرعة تفوق بكثير تلك التي شهدها في أعوام السبعينات''· ويفسّر المحللون هذه الطفرة الحضارية السريعة في أن دول الخليج العربي اختارت الاعتماد على طاقات فنية عالية المستوى، وإلى بيئة تنظيمية وإدارية عالية التطور، وأعربت عن إرادة صادقة في الترحيب بالقطاع الخاص الذي يرغب في الاستثمار أو الابتكار فضلاً عن تأمين الروابط العالمية القوية في مجال الخدمات· وتضافرت جميع هذه العوامل لتحقق على أرض الواقع مستوى عالياً من مستويات النمو الاقتصادي المستدام· ويقول التقرير إن في وسع المرء أن يتخيل بسهولة دقة هذه التقديرات التي وضعها المعهد المالي العالمي من خلال الإشارة إلى أن 1 تريليون من أصل 1,5 تريليون دولار التي تمثل عوائد دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الخمس الماضية بقيت في بنوكها· وكانت تصرف وتستثمر بالكثير من الحكمة في مجالات الاستيراد والتنمية؛ كما يحمل هذا التطور دلالات كبرى، خاصة عندما يتذكر المرء كيف كانت معظم العوائد النفطية الخليجية قبل عقدين من الزمان أو أكثر تتحول إلى ودائع نائمة في البنوك السويسرية· وأصبح الاهتمام الآن يتركز على إنفاق الأموال بشكل خاص على سوق الاستثمارات العقارية والمشاريع السياحية العملاقة· وحتى الاستثمارات الصناعية التي تعدّ من أهم مصادر التنوع الاقتصادي، أصبحت محور اهتمام أصحاب القرار في تلك الدول الطموحة· ويقول جان فرانسوا سيزنيك من جامعة جورج تاون إن المملكة العربية السعودية تسعى الآن بجد لكي تتحول إلى أكبر منتج للمركبات البتروكيماوية في العالم بحلول عام ·2015 وتشهد المنطقة أيضاً ولادة جيل جديد من الشركات العملاقة التي تتميز بالكفاءة العالية والطموح والقدرة القوية على تحقيق التواصل مع العالم· وأصبحت هذه الشركات الجديدة تخلق مناصب العمل، وتغذّي الدورة التنموية المستدامة، وتسهم في تنويع المصادر الاقتصادية· ولعل الأهم من كل ذلك أنها بدأت بالتأثير على الاقتصادات العالمية برمتها· ويمكن لشركة طيران الإمارات أن تشكل أحد أهم الأمثلة عن هذه الشركات؛ وحيث يتوقع الخبراء أن تتحول في العقد المقبل إلى أضخم مشغّل للخطوط الجوية في العالم أجمع· ويذكر التقرير أيضاً أن شركة إيرباص وقعت خلال تنظيم معرض باريس للطيران في ضاحية لوبورجيه قبل بضعة أشهر عقوداً من شركات الطيران الخليجية بلغت قيمتها الإجمالية 32 مليار دولار لشراء طائراتها الحديثة· وهناك أيضاً شركة إعمار العقارية التي تنشغل الآن بإنجاز المشاريع الكبرى لصالح مؤسسات ودول تمتد من الدار البيضاء حتى كراتشي؛ كما أن شركة ''اتصالات'' الإماراتية ما فتئت تفوز بعقود التشغيل الضخمة لصالح دول تمتد من غرب أفريقيا حتى باكستان· ويذكّر التقرير أن الكثير من هذه الشركات العملاقة هي أملاك حكومية إلا أنها أبعد ما تكون عن الواقع القديم للشركات الحكومية غير الفاعلة والتي تسودها البيروقراطية القاتلة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©