الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشارقة.. في كل شيء ثقافة

الشارقة.. في كل شيء ثقافة
30 مارس 2016 21:44
سعيد حمدان قبل سنوات قريبة كان هناك مشروع ضخم سيغير قلب الشارقة. مكان قديم شبه مهجور كان لا بد من هدمه ليبنى محله مبنى حديث يليق بالحاضر وتحولات المكان المحيط به، كل شيء جاهز: المخططات، القرارات الإدارية، موافقات أعضاء اللجان، والجميع ينتظر لحظة البدء، البدء في الهدم وبناء الجديد. همس خفيف بدأ يعلو كلما اقترب الموعد، حتى صار كتابة وحديثاً، قرأه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وجاء قراره السامي صادماً لجميع من شجع ودعم ذلك المشروع. أوقفوا كل شيء وليبق ذلك المكان القديم مكانه، بل عليكم أن تطوروه ويعود كما كان في زمنه الجميل.. لم يكن ذلك سوى همس بعض المثقفين المحبين للشارقة وللإمارات وللماضي الجميل، المخلصين للعمل الثقافي ولذاكرة المكان، كان منهم الإعلامي والمسرحي محمد عبدالله «رحمه الله». أما المبنى القديم الذي أنقذه الحاكم من ثورة التحويل والتحديث فهو قاعة أفريقيا. تلك القاعة التي لفها النسيان اليوم، كانت لها صولات في زمنها، استضافت نجوماً وأحداثاً، كانت مسرحاً، وملتقى للشعر والمحاضرات والأمسيات الفنية، كانت في عصرها تعد الوهج والمتنفس الثقافي الأبرز للشارقة والدولة. هنا.. مجرد رحلة عاجلة لشريط قديم بدأت تمسح بعض أطرافه، تحاول أن تستحضر أسماء وأماكن وذكريات.. يأخذك الطريق، إذا أتيتها من الذيد، إلى دوار الكتاب المفتوح، هل لازم النصب محله؟ لم أعد أتذكر، لا تأخذ المنعطف الأول بل الثاني يميناً، ستشاهد- أنت الشعباوي، بيتك الثاني الذي ضمك بعضاً من سنوات الشباب. قلعة (الكوماندوز) - كما شبهوه - إنها هناك تتسيد يمين المكان في منطقة (الحزانه)، لماذا أسموها هكذا؟..لا أدري. يعود بك الشريط إلى زمن كانت الجماهير تزحف من كل الأماكن لتحضر أقوى ديربي عرفته رياضة الإمارات ولتشاهد أشهر نجم هتفت له الجماهير واحبته، هو (الطلياني) في فنون لعبه وبعدها أو قبلها أخلاقه العالية، ستتذكر – ياسيدي، في تلك اللحظة وأنت تكتب اسم عدنان، نجوم تلك المرحلة مثل: سعيد مبارك وصالح الرمسي وغانم بلال وراشد عبدالرحمن وجمعة مطر وعبدالرحمن ابراهيم وفيصل خليل وعيال الدوخي وفركي قديما.. وستتذكر أن الشعب هو أول من عرّف كرة الإمارات بالمدرب حشمت مهاجراني والتونسي لطفي البنزرتي. ستعود لك صور فريق الإدارة المميز الذي انتشل الشعب من قاع دوري المظاليم وصعد به إلى مكانة وصيف بطل آسيا في نفس العام، ذلك الذي قاده الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، وضم أسماء مثل: غانم الهاجري ومحمد الدوخي وإسماعيل وعمران عبدالله وراشد الجروان وعلي الخضر وسيف الحويدي وعبيد الشامسي. ستتذكر أيضاً أن الشعباوية في انتصاراتهم يعودوا ليفرحوا مع الشيخ فيصل بن خالد الذي قاده دهراً وفاء منهم، وأن الشيخ الفنان محمد بن خالد، رحمة الله عليه، كان أحد الذين أحبوا هذا النادي وكان يحلم وينتظر صعوده وبطولاته في كل موسم. أعرف أنك شعباوي متعصب، لكن عليك أن تنصف نادي الشارقة ذلك الذي يحمل اسم الإمارة والواقع في طرفها الآخر، إنه على يسارك بعيدة هي المسافة بين الناديين، تذكر انه كان أكثر أندية الدولة بطولات ومهارات، وانه قدم أسماء لا تنسى للمنتخب وللكرة من: محسن مصبح وعيال حديد وعيال مير.. وغيرهم كان نجما فهوى، ينطبق عليه هذا الشطر عندما تنظر لحاله الآن، لكن ناديك حاله اليوم أسوأ! أترك عنك حديث الرياضة سيرفع عندك الأدرينالين والعمر لا يسمح بذلك. أكمل سيرك، سيستقبلك دوار المرور، هذا المركز الذي دخلته مرات تبحث عن ليسن أو رقم سيارة مميز أو تدفع مخالفات أو تبحث عن واسطة تلغيها عنك، وستتذكر أسماء كثيرة كانت لها رنة وحضورا، فمن ينسى مدير المركز صالح الهاجري أو عمر العويس. لا تتوقف هنا، السيارات تمر مسرعة قلقة، فمقابل المركز يقع مستشفى (الكويتي)، خذ اليسار نحو الداخل، سيلاقيك دوار المطافئ إذا أكملته سيأتيك أكبر أو أطول دوار عرفته الإمارات وهو (دوار الساعة)، هل الساعة التي كانت تسكن برجها العاجي ما يزالا صامدين كما كانا؟ لا أدري، لكن قبله على اليمين في الداخل قليلا كانت هناك بناية لا تزيد طوابقها على اثنين أو ثلاثة، فيها تقع أشهر عيادة عرفها البدو والحضر معا، إنها (زليخة) الذين وصلوا لها وفي مختلف الأزمنة وجربوها، يعلنون بكل ثقة أنه لا يوجد طبيب او مستشفى افضل من زليخة! إبريق علاء الدين طريقك ليس من هنا، إنه على يمين الدوار أكمل السير أسفل الجسر هناك دوار، قبله بخطوات على يمين الناصية كان يقع أشهر مطعم لبناني شعبي انه (قرطبة) في أي مساء تقصده كنت تجده مزدحما بالوجوه الشابة والكهلة وسيدات ينتظرن الطلب، جلسن خلف زجاج سياراتهن المظلم، الزحمة لا تخفّ، وفي نهاية الأسبوع تكون محظوظا لو وجدت عنده كرسيا شاغرا في أول الليل. الجرسون اللبناني (..) بحركته السريعة ولسانه قد يكون علامة ذلك المطعم بالإضافة إلى ثقافة التنوع والكثرة في طعامه الشهي، أغلق بعد سنوات قيل بسبب مخالفته لشروط الصحة العامة! إذا تجاوزت الدوار سيلقاك البحر، أمامك فندق ضخم تغير اسمه وتحسن شكله مرات، بجانبه قصر الحاكم كنت تسأل نفسك عندما تراه بكل هذا الجمال والهندسة المعمارية المختلفة، أي مهندس اختار هذا الطراز الفريد على المنطقة، لتجد ضالتك وجواب حيرتك في تصريح للحاكم عندما سألته المذيعة مرة عن هذا القصر، قال سموه إنه كان متأثرا بقصر (المنتزه) في الإسكندرية وحاول أن يحاكي فنه وجمالياته. قبل سنوات كانت تقابله على الطرف الآخر عمارة طويلة أعلاها يسكن نصب إبريق (علاء الدين) تشاهده من بعيد وأظنه كان فندقاً يحمل اسم هذه الشخصية الأسطورية، هدم ومر عليه شارع فسيح مزين بالورود ونافورة ماء. إذا تركت البحر خلفك، فإن يمين الطريق سيأخذك إلى الداخل، على اليسار الى مخبز ومحل لبيع الفالودة الإيرانية وكافتيريا (شيكاغو) والذي كان أشهر من يخلط العصائر ومن يجذب الشباب، قبله كان يقع سوق الخضار والفواكه الذي تحول بعدها إلى مركز تجاري رائع الجمال تميزه قبته وهندسته الإسلامية كان يحمل اسم (سوق المجرة)، ورغم تصميمه الأخاذ لم ينجح في جذب الجمهور، كانت المنطقة حوله تغص بالدكاكين وزحمة المرتادات تحديدا على محلات التخوير والخياطة، فأعلن انسحابه أمام الهوية الشعبية لأسواق تلك المنطقة وتحول إلى متحف الحضارة الإسلامية. على بعد خطوات منه أسواق البحر الشعبية ما تزال حاضرة في المشهد، تبدلت قليلا لكنها حافظت على نكهة المكان. زمزم والخيام ليس هذا طريقنا، لنعد إلى ذلك الدوار والذي لا أعرف اسمه، سيأخذك إلى (مستشفى القاسمي) الذي كانت تديره شركة أجنبية، هناك شاهدت وجوها جميلة تخدم المراجعين بابتسامة وعرفت أن النظام والدقة ومهارة التعامل يمكن أن تصلح الكون والمشفيات ونفوس المرضى.عليك أن تأخذ الاتجاه المعاكس نحو الداخل، سيلقاك مطعم (الخيام) هذا الذي كان يضرب به الوصف في طبقه الأشهر (ناشف الخيام) لحمه حاضرا للفطور كل يوم. ومنذ ما يزيد على أربعين عاما، لا يتفوق عليه في القدم والشهرة سوى مطعم (زمزم) القابع داخل المدينة القديمة، قبل أن تصعد الجسر إلى قلب شارع العروبة، تذكر أن هناك بناية عالية على الزاوية كانت فندقا حمل أسماء عديدة ثم هدم ذلك البنيان أو تغير شكله، مرة أخرى لم أعد أتذكر. على بعد مسافة قصيرة منه كانت هناك شقة في بناية عاش بها أشهر مصور عرفته الإمارات، سكن (نور علي) شقة أو شقتان فتحهما على بعض وكدّس كراتين الصور والنيجاتيف في كل الزوايا حتى بالممرات والمطبخ وفوق الثلاجة وأسفل الدرج، تذكر أنه دعاك مرة قبل نحو عشرين عاما مع صديقك الإعلامي علي عبيد وذهبتما معه، وهو نادرا ما يقوم بهذا الفعل خوفا على ثروته من العين فلا يدخل بيته إلا من يألف لهم قلبه، قضيتما أكثر من ساعة وأصابتكما الصدمة لحجم ثروته وندرة ما كان يملكه والفوضى التي كانت عليها، وكانت عندكما أفكار عديدة محورها أن يكون لهذه الشخصية التي حفظت تاريخ الإمارات في صور، أن يكون لها متحف يحفظ للأجيال هذا التاريخ الناطق، لكن إيقاع الحياة ومشاغلها وموته – رحمه الله- قضى على ذلك الحلم. قبل صعود الجسر، توجد سوق صغيرة تزدحم أوقات الأعياد، فيها تباع العطور والغتر وكماليات الرجل تحديدا. منذ ذلك الزمن لا تعرف اسمها ولا تتذكر سوى وجوه صينية كثيرة قابلتها تبيع هناك. مكتبة وحلوى وتسجيلات ارجع إلى الدوار، فأسفل الجسر كانت هناك سدرة ومسجد على يمينه، حاول أن تسرع في سيرك، فالدوار صغير إنه كعنق الزجاجة لا تتوقف الزحمة حوله، فجميع الاتجاهات تصب عنده. تخطاه يميناً وأدخل في أول منعطف، ستجد نفسك في أجمل متنفس كنت تزوره كلما دخلت الشارقة، هنا على الشارع مباشرة كانت تقع مكتبة (الآداب) وقبلها بخطوات مصنع (علي للحلوى العمانية) وبعدها بخطوات تسجيلات (العروبة) وتمشي قليلا لتجد منافسة محل تسجيلات (برج العقرب) واقفا بالمرصاد على الزاوية. ترغب أن تذكر تفاصيل كثيرة في هذا المكان.. اتركها الآن مساحة الكتابة قصيرة، تحرّك فأماكن كثيرة لا بد أن تطوف بها على الورق، اذهب نحو الداخل، فعلى يمين هذا الجسر القديم والضيق المزدحم دائما والذي لا أمل في توسعته بسبب هذه المباني القديمة على جانبيه والتي تكاد تلتصق به، عند أول منعطف على اليمين في نزولك، ستدخل إلى سوق الشارقة القديم، هي محلات متداخلة كأنها سلسلة، تبيع كل شيء، وتخصصها الأكبر والأشهر هو ما يخص عالم النساء. كان كل من في الشارقة أو من يأتيها يمر هنا ويتبضع من هنا. في منتصف السوق رمم المسجد القديم وفيه منازل الشخصيات التاريخية التي تحولت إلى متاحف، وقربه قصر الشارقة، قلعة الحكم القديمة (المحلوسة)، اهتم الشيخ سلطان أن يعاد ترميم كل جزء في هذه المنطقة كما كان، واحتاج العمل إلى مجهودات وسنوات طويلة، واختار ابناً من الشارقة هو الباحث عبدالعزيز المسلم ليسلمه مهمة البحث في الذاكرة وتنفيذ مشروع إحياء المكان. أكمل السير ستقابلك (الرولة) وميدانها الأكبر، في ظلال هذه الشجرة كانت تقام احتفالات العيد، كانت مهرجانات المدينة وضيوفها يأتون ويفرحون في هذه الاستراحة، ستتذكر أنك شاهدت بانوراما لها في إحدى المناسبات بعدسة مصور قديم هو (حميدو)، اقتنيت منه عشرات الصور التاريخية يوما، هل ما يزال ساكنا فوق التراب أو غاب هو الآخر مع من غابوا، لا أعرف جوابا عنه. ابتسم أنت في الشارقة هناك كانت سينما على يمين الطريق وخلفها مطعم (حلب الشهباء) كانت أسعاره مرتفعة آنذاك وكنت تدخله في المناسبات أو معزوماً من صديق. سيأتيك الجسر الكبير والذي كتب بالعشب الأخضر والورود الملونة على زاويته (ابتسم أنت في الشارقة) يشاهدها كل من يدخل المدينة. إذا أكملت السير سيقابلك منتزه (الجزيرة) الأشهر في زمنه والذي كان يستقطب جمهورا من مختلف الإمارات وخارجها، قد يكون فريدا ولا شك إنه كان مبهرا ومتطورا بالألعاب التي ضمها آنذاك. لا تكمل السير، هناك السوق (المركزي) أو كما يسميه البعض الإسلامي لزخرفته وطراز عمارته المميز، كتب عن هذا السوق الكثير لأنه ملهم في مختلف الأزمنة. ذكر السوق يستحضر عندك منظر الذهب وجماله والمحلات التي تعرضه بشكل ملفت جذّاب لعيون النساء، ورائحة العطور من محلات (الحواج) أو (باريس جاليري) الذي بدأ خطوة الشهرة والتوسع من محله القابع هنا والذي لا يزال يحتفظ به وفاءً للبدايات ولذلك الزمن الجميل. يسارا إلى الداخل، سيلفت انتباهك مسجد (الملك فيصل) الضخم في بنيانه وفنون عمارته، في هذا المكان أقيمت أول دورات معرض الشارقة للكتاب في خيام ملونة. وإذا اتجهت إلى اليمين ستصل إلى البحيرة وأبراجها ومحلاتها، هنا أشهر متنفس لا يأتي الليل إلا وتجد أهالي المدينة وزوارها يتحركون بسياراتهم حولها، تجذبهم الأضواء ومنظر الماء وفضول السير مع الجموع، تتذكر أنه كان هنا مطعما بحريا في سفينة ضخمة سكنت (السيف) الشاطئ دهرا حتى شب فيها الحريق يوما، ومقهى شعبي يقدم أكلات تراثية بما فيها (الدنقو) أو النخي الذي شاع وارتبط بأهل الشارقة ولا أجد تفسيرا لهذه العلاقة. الطريق الوسط هو شارع الملك فيصل، في أوّله غاليري الفنان إحسان الخطيب، لكم زرته بهدف شراء براويز أو محاولة اقتناء لوحة أصلية سعرها معقول لطالب أو موظف بسيط. قربه يقع محل (اوتوليس) هنا عرفت أكثر: (بو سلطان) و(بو ميرة) و(بو سالم)، إخوة أصدقاء تعلمت منهم المحبة والثقافة والطيبة، التقيت عندهم وجوها وشخصيات كثيرة، لا تنسى منهم الإعلامي احمد حلمي والصحافي محمد صالح الذي قال لك عنه الزملاء، انه من أفضل وأشهر الأقلام التي كتبت في جريدة (الاتحاد) في مرحلة السبعينيات وأنه كان في لحظات حماسه صحافيا مميزا كان يكتب (غواص) وزاوية (يا أهل بلدي)، لكن المهنة ضيعته أو هو ضيعها. شوارع وأزمنة في آخر الطريق، وأنت تدخل إلى الصناعية كان هناك مخبز (المختار) هدمت البناية وتحول مقره اكثر من مرة، هو الذي نشر ثقافة المناقيش، وجودة المنتج جعلته خيار السهارى العرب والإماراتيين وحتى الأجانب وتحديدا الذين يعملون في المناوبات. منعطف الشارع إلى اليمين سيقودك إلى شارع (الوحدة) وهذا كان أغلى شارع، فهنا كانت تأتي أو تصنع وتنتشر الموضة، تسمع أحدث الأغاني وأشهرها وتشاهد الأضواء تجذبك من بعيد. أسموه شارع الحمرا، لأن تجاره من اللبنانيين، أو لأنه شابه بيروت في أناقتها وجمالها ورقتها وشطارتها عندما كانت كذلك. خلفه شارع (عبدالناصر) وتجد العرب يتركز وجودهم هنا، من أوله لآخره مقاه ومطاعم وخاصة محلات الفلافل، كان (فريحه) أشهرها كما كان (فراس) والواقع داخل المدينة في صناعة الكنافة، هذا المحل الذي كبر وتوسّع في مختلف مدن الدولة، قدّم الكنافة النابلسية بشكلها التقليدي الداكن بالإضافة إلى التي يعرفها كل الناس والمشهورة عندهم بلونها البرتقالي. مجلة (الأزمنة العربية) كان مقرها يقع على الزاوية في أول الطريق وفي هذه العمارة أفتتح أول مقر لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات بعد ذلك، أما جريدة (الخليج) فاستقرت في بداياتها بمبنى مؤجر يقع في أول شارع الوحدة على جهة اليسار للقادم من دبي. (الطبق الطائر) والنادي الثقافي العربي ومدينة الشارقة للخدمات الانسانية، الشيخ أحمد بن سلطان أول رئيس للدائرة الثقافية، يوسف عايدابي ومحمد دياب الموسى، راشد الشيخ، غسان طهبوب، جمعة اللامي، رأفت السويركي، عبدالرزاق إسماعيل. تريم وعبدالله عمران رحمهما الله.. وأسماء أخرى عديدة لأماكن وشخصيات تحضر عندما تعود تتذكر عمر الصبا والمدينة وتحولاتها، وستسمع من صدى الحنين صوت الشيخ سلطان وكتاباته للإنسان والثقافة، فكل شبر في الشارقة فيه من روح سلطان وحلمه. افتقدت في هذه الرحلة، مطعماً شهيراً كان يقع قريباً من مكتبة الساعة يقابل مستشفى (الزهراء)، اختفى مطعم (العثماني) من الوجود ولا عاد أحد يذكر حتى اسمه، نسيت ما هي هوية أكله والأطباق التي كان يقدمها، فقط أذكر منه اللوحات الفنية التي كان يعلقها على جدرانه. لوحتان إحداهما عبارة عن: حيوانات في الغابة لعلها نمور حاصرت ثورا لتفترسه - تخيل هذه اللوحة معلقة في مطعم! والثانية هي لوحة (الطفل الباكي) للرسام الإيطالي (أماديو)، من يقرأ تاريخ هذه اللوحة يعرف أنها كانت لعنة على الرسام والطفل وأي مكان وجدت فيه، حتى قيل إنها هي التي تسببت في حرائق لندن في ستينيات القرن الماضي، فأي مكان توضع فيه هذه الرسمة، ولو كانت منسوخة يصيبه الحريق وتحل عليه لعنة الطفل الباكي، ويبدو أن مطعم العثماني لم يسلم من ذلك! قلب الشارقة.. العالمي أُدرجت منطقة قلب الشارقة، التي تشرف عليها هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، بالتعاون والتنسيق مع دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وذلك في إنجاز جديد يعكس ثراء التراث الأثري والتاريخي في دولة الإمارات، وتزامناً مع احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014، وقد شكّلت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لجنة مؤقتة لترشيح موقع قلب الشارقة في قائمة مواقع التراث العالمي، ويأتي هذا الإدراج تمهيداً للإدراج النهائي ضمن القائمة العالمية. هويّة مصانة رغم التحولات الزمنية، والتحديث الذي شمل معظم مناطق الشارقة، والتطور العمراني الذي يستهدف خير هذا الإنسان ورفاهيته، واستكمال المشروع الثقافي والفني والتعليمي أو بمعنى آخر الحياتي المعني بتنمية الفكر، والذي هو نهج حياة وجهد الحاكم ورؤيته، مع ذلك، حافظت على هوية المكان، بل كان المطلب أن تظل الذاكرة حاضرة دائما. شجرة في البال تحتضن الشارقة في ذاكرتها وعلى أرضها، ذكرى شجرة مميزة، لها حضور هائل في ذاكرة من عايشوها قبل أن يطويها العمران، وينشئ بدلاً منها نصباً يذكر العابرين بها.. إنها شجرة الرولة التي كانت ملتقى الإماراتيين في الأعياد والمناسبات، وشاهدة أفراحهم وأتراحهم.. كتبت فيها الأشعار، وتغنى بها المطربون الشعبيون.. ولعب تحتها الأطفال في الأراجيح. وحملت أول مجلة مسرحية في الإمارات اسمها، أعني مجلة الرولة. واليوم، ثمة ميدان في الشارقة يحمل اسمها «ميدان الرولة» قامت حكومة الشارقة بتطويره وتوضيبه عام 1976، ليليق بالشجرة الجميلة.. أما النصب فهو مجسم نحاسي تم تصميمه على شكل الرولة، ووضع تصميمه المهندس كارلوس مارينات، وانتهى العمل به عام 1982. لكن أهم حدث شهده الميدان كان جنازة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©