الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نواف الجحمة: آن الأوان لإخراج أدب الرحلة إلى القارئ المعاصر

نواف الجحمة: آن الأوان لإخراج أدب الرحلة إلى القارئ المعاصر
3 أغسطس 2007 05:08
الدكتور نواف عبد العزيز الجحمة، أستاذ مساعد في كلية التربية الأساسية بالكويت، حاز على ''جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات'' التي ينظمها ''المركز العربي الجغرافي'' في أبوظبي· وهي الجائزة التي سلِّمت له مؤخراً بالجزائر في ختام أعمال ''ملتقى أدباء المهجر''· كما قدم أطروحة دكتوراه بعنوان: ''صورة المشرق العربي في عيون الرحالين المغاربة والأندلسيين من القرن السادس الهجري إلى القرن الثامن الهجري''، تناول فيها تراجم تسع رحلات مغاربية، وتكلم عن دوافع الرحلة، وصورة الآخر في عيون الرحالة المغاربة· ''الإتحاد'' حاورته حول أسباب تخصصه في أدب الرحلة المغربي القديم، وأهم ملاحظاته واستنتاجاته بشأنه· لماذا تخصَّصتم في دراسة أدب الرحلة القديم؟ هل هو ميل فطري لديكم؟ درست في مدينة تيطوان المغربية التراث الأندلسي في القرن الخامس الهجري وهو عن ملوك الطوائف والواقع الأندلسي الأليم، وعندها بدا لي أنه لا بد من إتقان اللغة الأسبانية لإكمال هذه المسيرة، ونحن ككويتيين ومشارقة لا نتعامل مع هذه اللغة مما حتَّم عليَّ الذهاب إلى ''جامعة محمد الخامس'' للدراسة والتخصُّص في التاريخ المغربي، ووجدت أن هناك قضايا مهمة منها قضية المشرق بعيون المغاربة أو المغرب العربي بعيون المشارقة، فاخترتُ الاتجاه الأول لوفرة المصادر بحكم أن بلاد الحجاز هي مهبط الوحي وجغرافية الحنين للمغاربة والأندلسيين؛ هنا كانت الانطلاقة واستغرقت الأطروحة 5 سنوات تقريباً· وكيف تقيِّمون واقع الدراسات النقدية الخاصة بمخطوطات الرحلة القديمة؟ هناك نوعٌ من التكامل؛ المغاربة أفادونا بالرحالين المشهورين أمثال ابن جبير والغرناطي، والمعاصرين مثل الكردودي والغسال والسلاوي والصفار·· ونال المغاربة الصدارة في فنِّ الرحلة، أما اهتمام المشرق فظهر عبر ''المركز العربي للأدب الجغرافي'' الذي استطاع أن يحتوي كل ما كتبه الرحالون المغاربة، المراكز موجودة في المشرق والكتابات عن الرحلة موجودة في المغرب العربي، وهنا يكون التواصل والتكامل· تناولتم بالدراسة والتحليل مدوَّنات الرحلات المغربية والأندلسية إلى المشرق في التاريخ الوسيط، ما الذي لفت انتباهكم فيها؟ لفت انتباهي أن الأديب الروسي المشهور''تراسكوفنسكي'' ألَّفَ كتاباً بعنوان ''تاريخ الأدب الجغرافي'' يؤكِّدُ فيه أن الرحلة،كفن قائم، بدأ خلال القرن السادس الهجري في رحلة القاضي أبي بكر ابن العربي إلى مدينة فاس، والذي ألَّف كتاب ''قانون التأويل وترتيب الرحلة''، ولكن الكتاب مبتور بعد أن ضاعت أجزاءٌ هامَّة منه،وأخذنا شذرات نصية تتناول المشرق العربي، خصوصا وأنه كان سفير الأمير يوسف بن تاشفين إلى الخليفة العباسي· ثم تناولنا رحلة ابن جبير ورحلة الغرناطي وكذا رحلة اليهودي بنيامين البطيبي، وهي تهمني جدا لأنها تتناول الجغرافيا الدينية لليهود والنصارى حيث زار المنطقة إبان الحروب الصليبية· كذلك كانت هناك رحلاتٌ في القرن السابع الهجري وهي فترة الأيوبيين والمماليك واسترداد القدس مرة أخرى، وتهمُّني هذه الرحلة التي كانت في غاية الأهمية والدِّقة لتأريخ ما أهمله التاريخ وسكت عنه المؤرخون في تلك الفترة، وبالتالي كانت هذه الرحلات تكمِّل الحلقات المفقودة والمجهولة في التدوين التاريخي لكتَّاب المشرق العربي خصوصاً ما يتعلق بعهد الدولة الأيوبية وعهد الدولة المملوكية الأولى والثانية· ولماذا تعتبرون تلك الكتابات نوعاً من التاريخ عوضا أن تبقى أدباً؟ ما هي مبرراتكم؟ نحن تناولنا الرحلة المغربية الأندلسية انطلاقاً من قسم التاريخ، أنا باحث تاريخي ولست في قسم اللغة العربية، وبالتالي العمل الأكاديمي أن أتكلَّم كمؤرخ وباحث تاريخي وأقول آن الأوان ليخرج هذا الأدب ويكون منهجاً وفناً أصيلاً يلحق بكل المناهج التي تتكلم عن التدوين التاريخي، صحيح أنه يدخل في بوتقة الأدب وفي علم اللسانيات وسيميائيات الصورة وغيرها من العلوم، ولكن لا بد أن يكون للمؤرِّخ نظرته الخاصة ولا سيما ما يتعلق بأوضاع المشرق العربي من جميع النواحي، ومنها التطور الذي حصل من حيث ظهور دعوات وقيام دول وانهيار أخرى وحدوث كوارث اقتصادية وقد تكلم عنها ابن جبير وابن بطوطة· تخصَّصتم في أدب الرحلة المغربي القديم وكتبتم عنه، كما اطَّلعتم على أدب الرحلة الحديث في المنطقة ذاتها· ما هي أبرز الفروق بينهما؟ تناول الرحالون المغاربة صور انهيار الدولة المملوكية وقيام الدولة العثمانية، وتحدثوا بعدها عن الحملة الفرنسية على مصر وكيف كان للمغاربة دورٌ في الجهاد ضد الفرنسيين، مثلما كان لهم دورٌ من قبل في الحروب الصليبية· وتنتقلُ الرحلة المغربية في أهمِّيتها إلى أوربا، ويبدو أن محمد عبده والطهطاوي قد فتحا هذا الأفق الجميل، إلا أن الرحلة المغربية لها بصمة خاصة فيها بحكم الجغرافيا، والمشاهدة المغربية تختلف عن المشرقية، ربما يتفقون في قضايا التطور والتمدن، ولكن هناك سؤالاً كبيراً عن سبب سكوتهم عن إبداعات الأوربيين في المجال الأدبي، كما لم يتكلموا عن المجالات السياسية مثل البرلمان· ولكن يبدو أن أغلب الرحالين المغاربة كانوا سفراء وبالتالي أخذت كتاباتهم طابعاً رسمياً أكثر من الكتابة الأدبية، بينما الرحالون المشارقة اخذوا المنحى الأدبي· ألم تغركم دراساتكم عن رحلات ابن بطوطة وابن جبير والحجوي وغيرهم لأن تتحوَّلوا إلى رحالة بدوركم لتكتبوا أدب رحلة معاصر؟ نعم، ولكن لا تزال هناك مدونات وكتابات رحلية لم تأخذ حقها من الدراسات· هناك أولوية تقع عل الباحث الأكاديمي وهي انه لا بد من إظهار هذه النصوص الأصيلة المحترمة حتى نستطيع أن نكمِّل حلقات تاريخنا ومن ثمة ننتقل إلى الرحلة المعاصرة عبر الطائرات والقطارات· لا بد من أن ننتبه إلى بعض الدراسات المتعلقة خصوصاً بالتاريخ الحديث والمعاصر؛ لقد خدمتُ التاريخ الوسيط وأريد الآن أن أخدم الرحلات الحديثة والمعاصرة من جانب دراسي أكاديمي بعين باحث تاريخي، ونريد بعثَ رسائل ثمينة للمنظرين العرب والأوربيين مفادها أنه لا بد من دخول الرحلة التاريخية المعاصرة الجانب التاريخي، وأشد على أيدي إخواني الباحثين المشارقة والمغاربة لأن تكون لهم همة كبيرة للبحث عن المخبوء في هذه الرحلات الأصيلة لتبيان الجانب التأريخي، وأنا متفائل في هذا الاتجاه·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©