الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بريطانيا تفتح النار على فضائح قطر اقتصادياً ورياضياً

20 فبراير 2018 00:04
دينا محمود (لندن) بدا اسم قطر بالنسبة لوسائل الإعلام البريطانية الكبرى، وقد صار مرادفاً للفضائح والتعاملات المشبوهة، في ظل مواصلة الصحف، إبراز العلاقات المريبة التي تربط بين هذه الدولة وعدد من الملفات المطروحة بقوة على الساحتين الاقتصادية والرياضية في المملكة المتحدة. ولليوم الثاني على التوالي، تواصل الهجومٍ على الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم جريج كلارك الأسبوع الماضي إلى الدوحة، حيث وقع مذكرتيْ تفاهم مع الاتحاد القطري للعبة وكذلك مع اللجنة المُنظمة لبطولة كأس العالم، التي يُفترض أن تُقام في قطر عام 2022. والهجوم جاء هذه المرة من صحيفة «الجارديان»، التي نشرت تقريرا، أكد أن ذهاب كلارك إلى الدوحة وضعه على «أرضية أخلاقية مشبوهة»، قائلاً إن السؤال الواضح الذي ينبغي طرحه بشأن هذه الرحلة المريبة لا يتمثل في ما المشكلات التي قد تكون قد اكتنفتها بقدر التساؤل عن الإيجابيات التي ربما تكون قد اتسمت بها؟ (في إشارة واضحة إلى الشبهات والتعقيدات الأخلاقية والسياسية التي أحاطت بالزيارة منذ الإعلان عنها). وألمح التقرير إلى أن النظام القطري المعزول على الساحة الدولية، سعى لاستغلال زيارة المسؤول الكروي الإنجليزي رفيع المستوى لتحقيق مآربه، لافتاً الانتباه على سبيل المثال إلى أن المُضيّفين القطريين وضعوا ملعب خليفة الدولي ضمن برنامج الزيارة، وهو الملعب الذي تتزايد التقارير الخاصة بحدوث انتهاكاتٍ واسعة بحق العمال، الذين يشاركون في عمليات تجديده، تمهيداً لاستضافته عدداً من لقاءات النسخة بعد المقبلة من كأس العالم للكرة. وانتقد التقرير الغموض الذي يُخيم على البرنامج الكامل للزيارة فيما يتعلق بالأماكن التي زارها رئيس الاتحاد الإنجليزي خلالها، وأشار إلى أنه في ظل هذا الوضع «بوسعنا افتراض أن مُضيّفيه تزلفوا إليه وتملقوه حتى يزور أحد المخيمات التي يقيم فيها العمال المهاجرون الذين شيّدوا الملعب الذي يستوعب 40 ألف متفرج، وأقاموا كذلك المنطقة المحيطة به التابعة لأكاديمية أسباير الرياضية القطرية». كما استنكر بشدة عدم تطرق المسؤول الإنجليزي إلى واقعة مقتل أحد مواطنيه خلال مشاركته في عمليات التشييد الجارية في الدوحة، قائلاً «إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المضيفون القطريون قد أخذوا كلارك إلى المكان الذي هوى فيه عامل البناء البريطاني زاك كوكس منذ 13 شهراً قتيلاً، عندما كان يعمل في هذا الملعب». وأشار التقرير إلى أنه بالنظر إلى عدم إدلاء سلطات قطر بإفادة رسمية حول ملابسات الوفاة، فلم يعد بوسعنا سوى التكهن بأن هذا الموضوع الحساس ربما لا يكون قد أثير خلال اللقاءات التي عقدها كلارك مع المسؤولين القطريين. وذَكَرّ بالصمت المطبق الذي تلتزم به السلطات القطرية بشأن واقعة الوفاة، مُستشهداً في هذا الصدد بما قالته الطبيبة الشرعية البريطانية المسؤولة عن التحقيق في وفاة كوكس من أنها وجدت المسؤولين القطريين غير راغبين على الإطلاق في الحديث عن الحادث الذي أودى بحياة كوكس، ونقل عنها قولها: «لقد ثبت أنه من المستحيل تقريباً الحصول على معلوماتٍ من جانب هؤلاء المسؤولين في هذا الصدد. لكن التقرير أشار إلى أنه لا عجب في هذا التكتم في ظل عدم استجابة المسؤولين عن قطاع الصحة في قطر لطلبات الحصول على معلوماتٍ تخص أسباب وفاة ما يُقدر بألفين من المهاجرين العاملين في قطاع البناء وربما أكثر، منذ عام 2012. وقال إن ذلك يعني أن الطلب البريطاني الخاص بالتعرف على ملابسات وفاة كوكس (40 عاماً) ربما يقبع قرب نهاية قائمة طويلة للغاية من الطلبات المماثلة. ولم يغفل استعراض السجل القطري الأسود على صعيد انتهاك حقوق العمالة الوافدة، والموثق بتقارير منظمات دولية تُعنى بحقوق الإنسان. وأشار في هذا السياق إلى ما أكده تقريرٌ نشرته منظمة العفو الدولية عام 2016، من أن العمال الأجانب الذين يشاركون في عمليات إصلاح وتجديد الملاعب الرياضية في قطر يخضعون لممارساتٍ استغلالية واسعة النطاق تشمل دفع رسوم توظيفٍ مرتفعة ما يجبر الكثير منهم على الاقتراض، بجانب تلقيهم وعوداً كاذبة بشأن الرواتب التي سيحصلون عليها، ونوع العمل المعروض عليهم، فضلاً عن مصادرة جوازات سفرهم، وأماكن الإقامة القذرة والمكتظة التي يُجبرون على العيش فيها، بالإضافة إلى تهديدهم من الشكوى من ظروف عملهم وإقامتهم. وكرر نائب رئيس القسم الرياضي في «الجارديان» التحذير الذي أورده قبل أيامٍ قليلة المسؤول عن قسم الرياضة في «الإندبندنت» من أن التعاون مع قطر في الوقت الراهن، قد يؤدي إلى أن تخسر إنجلترا فرصها للفوز بحق استضافة المونديال الكروي لعام 2030. وأشار إلى أن الاتفاق على إمكانية إقامة لقاءات ودية بين منتخبات إنجليزية وقطرية للكرة في فئات عمرية مختلفة، والوارد ضمن مذكرتيْ التفاهم الأخيرتين بين الجانبين، يُذَكِّر بما أعُلِن عام 2010 من اتفاقٍ مماثل تم التوصل إليه مع تايلاند، قبل ثمانية أيام فحسب من التصويت على اختيار الدولة المُنظمة لكأس العالم 2018، والذي أسفر عن عودة الإنجليز من زيوريخ حيث جرى الاقتراع بخفي حنين. وقال إن هذا العرض الذي قدمته إنجلترا لتايلاند، والذي أُلغي فيما بعد، اعْتُبِر بمثابة ضربٍ من ضروب الرشوة، من أجل ضمان حصول الملف الإنجليزي لتنظيم مونديال 2018 على مزيدٍ من الأصوات، وهو ما لم يحدث في نهاية المطاف. وفي فضيحة قطرية أخرى، لكن اقتصادية، أبرزت صحيفة «التايمز» تزايد التساؤلات المُثارة بشأن إشهار مجموعة «كاريليون» البريطانية العملاقة للإنشاءات والخدمات إفلاسها، وهو الأمر الذي يعود في جانبٍ كبيرٍ منه إلى عدم وفاء النظام القطري بدينٍ مُستحق عليه للمجموعة بقيمة 200 مليون جنيه استرليني (282.4 مليون دولار). وقبل يومين من مثول مديري الشركة المُفلسة أمام جلسة استماع جديدة ستعقدها بعد غدٍ الخميس اللجنة البرلمانية التي تتولى التحقيق في ملابسات انهيار مجموعتهم، استعرض تقرير ما قاله مسؤولو المجموعة أمام اللجنة من قبل، من أن القطريين لم يدفعوا فواتير الدين المستحق عليهم والمرتبط بمشاركة «كاريليون» في أعمال تشييد مشروعٍ كبير في وسط الدوحة يرتبط بحسب تقارير باستضافة الدوحة لمنافسات كأس العالم 2022. وأشار إلى ما أكده الرئيس التنفيذي السابق لـ»كاريليون» ريتشارد هاوسون من أنه أهدر 60% من وقته في الفترة الأخيرة له في منصبه في بذل جهودٍ لتحصيل الديون، وأنه شعر في العديد من المرات التي سافر فيها إلى الخليج لكي يجبر القطريين على سداد الديون المستحقة عليهم، بأنه صار أشبه بـ»حاجب محكمة». لكن التقرير أبرز مؤشراتٍ تفيد بوجود تواطؤٍ مسبق بين الشركة البريطانية المنهارة والنظام القطري، مُشيراً في هذا الشأن إلى إغفال «كاريليون» ذكر قطر أو الدوحة ولو لمرة واحدة، في أخر مرة تحدث فيها مسؤولو المجموعة عن المشاريع الإنشائية التي تحظى باهتمامهم في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وفضيحة «كاريليون»، كانت كذلك محط اهتمام «الجارديان» التي نشرت تقريراً أشار إلى اعتزام عدد من الشركات، التي كانت لها حصص من أسهم المجموعة المُفلسة، رفع دعوى قضائية ضد مسؤولي هذه الشركة التي كانت تشكل أحد أبرز أعمدة اقتصاد المملكة المتحدة منذ تأسيسها قبل نحو 200 عام. ولم يغفل التقرير أن يُلمح إلى وجود شبهات تحيط بالدور الذي لعبته قطر في إفلاس «كاريليون»، عبر شركة «مشيرب» العقارية المَدينة للمجموعة البريطانية، وهي شركة تابعةٌ لمؤسسة «قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع»، التي تتولى رئاسة مجلس إدارتها والدة تميم بن حمد. ونقل التقرير عن «فرانك فيلد» رئيس لجنة «العمل وشؤون التقاعد» في مجلس العموم البريطاني التي تتولى التحقيق في الملف قوله إن الأدلة التي قدمها حملة الأسهم في «كاريليون»، تشير إلى وجود عدم اتساق بين تأكيد مديري المجموعة المُفلسة أن شركتهم عانت من تراجعٍ متسارع في عقود رئيسية في مناطق مثل قطر قبل شهور طويلة، وقولهم في الوقت نفسه إن أوضاع الشركة كانت مستقرة حتى ضربتها بغتة صاعقةٌ من لسان برق قطري (في إشارة إلى تقاعس الدوحة عن سداد ما عليها من ديون)، وهو ما أدى بجانب عوامل أخرى إلى انهيار ذلك الكيان الاقتصادي، الذي كان يوظف 43 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم. ولم تقتصر ردود الفعل على الجانب الاقتصادي فحسب، فقد طالب حزب العمال المعارض بفتح تحقيق كامل في انهيار «كاريليون» لا سيما بشأن الملابسات التي اكتنفت مواصلة حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي منحها بعض المشروعات، رغم ما بدا من مؤشراتٍ على معاناتها من ضائقة مالية شديدة منذ يوليو من العام الماضي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©