الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالكريم باربو: العربية أقوى اللغات أسلوباً وجمالاً

عبدالكريم باربو: العربية أقوى اللغات أسلوباً وجمالاً
4 أغسطس 2007 02:23
كان يسمى ميشال باربو، ثم أصبح عبدالكريم أمين بعد إسلامه في سنة ،1986 باحث فرنسي في مسائل اللغويات، شارك في ''ملتقى اللغة العربية وعامياتها'' بالجزائر مؤخراً واستطاع أن يشدَّ إليه الانتباه بمشروعه القائم على تطوير اللغة العربية عبر اعتماد نظام جديد يقوم على الجبر والثنائيات اللغوية حيث قام ببحث معمق منذ عام 1986 استغرق أكثر من 5 سنوات وجمع فيه ما يفوق 120 ألف ثنائي من أمهات المعاجم العربية ليبني بها مشروعه الطموح الهادف إلى استغلال العربية معلوماتياً· ''الاتحاد'' حاورته حول تفاصيل هذا المشروع وأهميته وما ينتظر منه على صعيد تطوير لغة الضاد، كما سألته عن كيفية تعلمه العربية ورأيه في ''اللغة الثالثة'' الوسيطة بين الفصحى والعاميات العربية وقضايا أخرى تجدونها في ثنايا هذا الحوار· بداية، من هو الدكتور أمين عبدالكريم باربو؟ أنا أستاذ كرسي اللغة والآداب والحضارة العربية في جامعة ستراسبورغ بفرنسا، أنتمي إلى التعليم العالي منذ ،1959 جامعة الآداب واللغة العربية بالجزائر ثم مدرسة اللغات الشرقية ومدرسة المترجمين بباريس ثم جامعة السوربون حتى ،1989 تخصصت في الأدب المعاصر والألسنية العامة واللهجات الشرقية ومنذ 20 سنة تخصصتُ في المعجميات الفصيحة، ترجمت إلى الفرنسية عشرات الأقاصيص والقصص، وكنت أيضا ترجمان الحكومة الفرنسية في عهد الرئيسين ديجول وبومبيدو، مقالاتي الأدبية واللسانية بالفرنسية والعربية والإنجليزية منشورة في المجلات العلمية بالمغرب ولبنان وطهران وستراسبورغ وهيدلبرغ وغيرها، وقد منحتني جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية في الآداب والعلوم الإنسانية عام ·2005 عشقُ الضاد كيف تعلمتم اللغة العربية ؟ هل كان الأمر صعباً، وما هي أبرز ملاحظاتكم لدى تعلمها ؟ تعلمت العربية بعد حصولي على شهادة البكالوريا مع لغات أخرى أوروبية وشرقية، وفوراً عشقت لغة الضاد إلى الأبد، لا اعتبرها صعبة، فيكفي الاجتهاد والمثابرة للوصول إلى مستوى النطق والإنشاء السليمين، تعلُّم الصرف والنحو على ضوء الألسنية الحديثة يعجِّل التلقين ويُسهِّله، إلا أن التعرف الدقيق على الثقافة العربية والممارسة الكتابية والشفهية مع الناطقين بها أصلحُ الوسائل للتعمق في لغةٍ أراها أرغب اللغات أسلوباً وأقواها إيحاءً وأرقاها دقة وجمالاً في آن واحد· طورتم مشروعاً لغوياً جديداً قصد تحديث اللغة العربية، ما هي تفاصيل المشروع وخصائصه وفوائده المنتظرة للغة العربية ؟ بعد إسلامي سنة ،1986 كرست أبحاثي للتعمق في معرفة المعجم الفصيح وتحديث مناهج تحليله العلمي، وأتاح لي الاستعراضُ الشامل لألفاظ القواميس الكبرى تدوينَ أكثر من 120,000 علاقة صوتية - دلالية تمثل تراث التفكُّرات والانطباعات الأصيلة المترسِّخة في أحشاء النظام المعجمي الفصيح، إنها شبكة هائلة لا مثيل لها في سائر لغات الشعوب تتلألأ من خلال خيوطها درائرُ كلام العرب القدامى وجواهر أرواحهم المتألقة، إنها تجسِّد وتخلِّد رؤى العرب للكون منذ الأزل، وتمكنت بإذن الله العليم من معالجتها بواسطة طرائق جبرية استنبطتها من المادة المعجمية ذاتها· إن هذا التراث اللغوي والثقافي هو مالُ العرب وكنز الضاد كما سمِّيته، يكفينا تحويله إلى بنك معطيات علائقية ليصبح مرجعاً ثميناً ومشروعاً لإنشاء المصطلح المعاصر على أسس علمية وقومية معا من أجل الالتحاق المنشود بركب الحضارة العالمية ولإعادة النظر في تحديث تلقين المعجم الفصيح وتفهُّم أصواته وفحواه الجماعي· الجدير بالذكر أن التأمل في التنظيم السيميائي العجيب بين لفظة معيَّنة بمدلول معين وبين الألفاظ المرتبطة بها في إطار مواقف العرب من الأشياء المعنية، يرسم لنا مشهداً رائعاً استثنائياً للعالم الرمزي الخالد الذي تكمن فيه العروبة عبر الأزمنة· إن الصيغ الجبرية المذكورة أعلاه والعلاقات الطوبولوجية المدونة حتى الآن تدشِّن حقا منهاجا تكنولوجيا جديدا يشق طريق إدماج المدلولات في حساب الدماغ الإلكتروني وعملياته أي ما يجدر باسم ترقيم المعنى المعجمي، وهذه الثورة بإمكانها أن تتجاوز مدى ثورة ترقيم الصور التي نعيشها في الوقت الحاضر، وسيكون ذلك لصالح العرب قبل كل شيء ثم لفائدة سائر البشر، لكن بشرط أن تتكثف مجهودات أهل الضاد الفكرية والمادية معاً قبل أن يستولي الآخرون على هذه الطرائق الشكلانية الفعَّالة كما استعمروا أراضي غيرهم واستولوا على ثرواتهم وإرثهم··· وهنا أقترح تأسيس مجموعة من الخبراء اللغويين والحاسوبيين العرب، وأدعو أولياء الأمر للشروع في إنجاز المشروع المُثمر وتدعيمه بشتى الوسائل اللازمة· اللغة الثالثة طرحت في ملتقى ''اللغة العربية وعامياتها '' بالجزائر فكرة ''اللغة الثالثة'' الوسيطة بين الفصحى والعاميات· ما رأيكم أنتم ؟ شاعت فكرة اللغة الثالثة في غضون القرن العشرين لوصف ما يجري في المجتمعات العربية وخاصة في كلام الوسائل الإعلامية والتداول اليومي بين المثقفين· إنها حل طبيعي بل تلقائي لتذليل مصاعب التطور المتسارع وتفاقم التقلبات المختلفة على وجه الأرض· إلا أن هذه اللغة لها أشكال محلية فوضوية يسودها جهل القيم الدلالية والسيميائية العريقة، كما تلوِّثها هيمنة التفكير والتعبير الدخيل إلى حد لا يشعر به معظم الناطقين، لذلك أردد القول بضرورة الحفاظ على كنز الضاد الخالد واستغلاله المعلوماتي ليساهم في تأمين الهوية الثقافية الأصيلة التي يهددها كل يوم تفشي التعبير الأجنبي شكلاً ومعنى· وهل تعتقدون أن هذه اللغة الثالثة ستشجع المزيد من الأجانب على تعلم العربية ؟ من المؤكد أن بساطة هذه اللغة الثالثة جديرة بجلب اهتمام الأجانب وحثِّهم على تعلمها، وبعد ذلك قد تفضي بهم وبالعرب أيضا إلى التعمق المنشود في تعلم وتذوق اللغة الفصحى الخالدة· انطلاقاً من معرفتكم للُّغة العربية ولغات عالمية أخرى، هل أنتم متفائلون بمستقبل العربية؟ على الرغم من الحالة المُقلقة التي تنتابُ أغلبية اللغات الحية باستثناء الأنجلو أميركية التي سيطرت على التداول العالمي، لا أزال متفائلاً بمستقبل العربية؛ لا لأنها لغة التنزيل والإسلام ولله الحمد والشكر - وإنما لأن كفاءاتها اليانعة الهائلة لم تُستثمر بعد استثماراً تكنولوجياً، فمسارها الراقي في طليعة لغات العلم والثقافة كما كانت قبلا - وربما أكثر غداً- يبقى بين أيادي أهل الضاد وتحت تصرفهم الواعي إذا لم يتخلفوا نهائياً في السباق المعرفي والعلمي المعاصر·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©