الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عام على غياب قرنق

4 أغسطس 2007 03:43
في اليوم قبل الأخير من الشهر الذي انقضى (يوليو) حلت الذكرى الأولى لرحيل الزعيم السوداني، ذي الأصل الجنوبي، في حادث سقوط طائرة الرئاسة الأوغندية، فوق مجموعة الجبال الشاهقة على حدود السودان وأوغندا· وقد رأت قيادة ''الحركة الشعبية لتحرير السودان'' التي أسسها الزعيم الراحل أن تحتفل بهذه الذكرى بصورة موسعة تؤكد فيها التزامها بالنهج والخط السياسي الذي نادى به قرنق، وأهم ركائزه الدعوة لوحدة السودان جنوبه وشماله، والعمل من أجل سودان جديد ترد فيه الحقوق لأهلها ويرفع الظلم والإهمال عن المناطق المهمَّشة في كل أنحاء الوطن، وتصبح الوطنية السودانية هي الأساس فلا تعصب للعرب والعروبة والإسلام، ولا انغلاق على الإفريقية· وواضح أن تركيز الحركة الشعبية في احتفالاتها بهذه الذكرى قصد به أن يكون في الشمال، في الخرطوم بوصفها عاصمة الشمال والجنوب، ولأن الحركة ما زالت تقدر أنها قادرة على أن تبني حزباً سياسياً في الشمال ينافس الأحزاب الشمالية الأخرى، من هو في الحكم ومن هو في المعارضة· أقيم أكبر وأوسع الاحتفالات في الملعب الرياضي العام في الخرطوم، الذي يتسع لعشرات الألوف، وفي هذا الحفل الذي شاركت فيه أعداد كبيرة من أبناء وبنات الشمال والجنوب، تحدث الأمين العام لـ''الحركة الشعبية'' السيد باقان أموم· وإضافة إلى تعهده بمواصلة نهج وسياسات قرنق قدَّم السيد باقان اعتذاراً لكل أبناء الشعب السوداني في الشمال، عما يمكن أن يكون قد لحق بهم أو بذويهم أو ممتلكاتهم أو ديارهم من خراب على يد قوات ''الحركة الشعبية'' خلال سنوات الحرب الأهلية، التي استمرت لأكثر من عشرين عاماً، وفي المقابل فقد عبَّر ناطق باسم مجموعة الأحزاب المعارضة عن الشكر على هذا الاعتذار، وقال إن الشماليين بدورهم يعتذرون عما يمكن أن يكون قد لحق بالجنوبيين خلال كل الفترة الممتدة منذ استقلال السودان وحتى الآن· إن اعتذار ''الحركة الشعبية''، ومبادرتها بذلك، اعتبر عملاً سياسياً حاذقاً يمكن أن يساعد على ترطيب الجو بين الشمال والجنوب، ويكون إسهاماً في العمل من أجل الوحدة عندما يحين الاستفتاء بشأنها· إن انقضاء عام على رحيل الدكتور قرنق المفاجئ، وغيابه عن ساحة العمل السياسي في الجنوب وفي الشمال، لابد أن يكون محطة للتأمل والتفكير في آثار ذلك الغياب، سواء على الحكم في الجنوب الذي آلَ لـ''الحركة الشعبية''، أو على الحكم في الشمال الذي تشارك فيه الحركة بنسبة 22%· لاشك أن القيادة السياسية للحركة الشعبية حاولت واجتهدت في ألا يحدِث غياب قرنق خللاً في التوازن ويؤثر على استقرار الحكم الوليد في الجنوب، ويمكن القول إن قدراً لا بأس به مما تريد قد تحقق· أما في الشمال حيث المشاركة في الحكم المركزي، فإن الواضح أن الفراغ الذي أحدثه غياب الدكتور قرنق لم يملأ تماماً· ويرى كثير من المراقبين أن ''المؤتمر الوطني'' (الإنقاذ) قد استطاع أن يبسط سلطاته على الوضع في الشمال بصورة أكثر مما كان ممكناً له لو بقي الدكتور قرنق على قيد الحياة· لقد استطاع الدكتور قرنق أن يخلق له قاعدة سياسية في الشمال خلال أيام معدودات من إنهاء الحرب وعودة السلام، وذلك كان كافياً لإثارة قلق المؤتمر الوطني في حينه· إن السودان في شماله وجنوبه يتطلع ليرى كيف يمضي قادة ''الحركة الشعبية'' بقضية الوطن كله إلى الأمام على نهج قرنق، وبذات القدرات، وهي قضية قابلة للنجاح وللفشل أيضاً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©