السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هيفاء بيطار تضعنا وسط عذابات المرأة

هيفاء بيطار تضعنا وسط عذابات المرأة
4 أغسطس 2007 23:54
تستمر هيفاء بيطار في مجموعتها القصصية الجديدة التي تحمل عنوان كومبارس الصادرة حديثاً عن دار الساقي، كما في أعمالها السابقة، في طرق القضايا النسوية من خلال العذابات التي تعانيها المرأة في مجتمع متحيز بالمطلق للرجل· وتحاول من خلال قصص المجموعة أن تصور طيفاً واسعاً لقضايا التمييز وتدخل في تفاصليها المؤلمة، لتضعنا وسط القسوة، وأحياناً القسوة المجانية، التي ليس لها مبرر سوى اضطهاد المرأة لتأكيد ذكورية الرجل· تدخل هيفاء في هذه المجموعة المناطق المحرمة، وتحاول تحطيم بعض القيود الاجتماعية والسياسية، كاشفة عن حجب كثيفة تحاول تغطية قضايا لا يرغب المجتمع في رؤيتها، في الوقت الذي تتواجد بقوة داخل المجتمع دون أن تجد من يجرؤ عن طرحها· فهي لا تتورع عن الدخول في منطقة العلاقات المحرمة بين الأقارب، لتؤكد أن الاضطهاد الذي يقع في حق المرأة لا يأتي من الخارج فحسب، بل ويأتي من داخل العائلة، حيث تتعرض للاغتصاب من الأب والأخ والخال··· وحتى في هذه الحالة تكون هي المذنبة وهي التي يجب أن تدفع الثمن· وفي كشفها المستور لا تسعى بيطار إلى أدب فضائحي، بل على العكس تحاول أن تصور إلى أي مدى بلغ التدهور الأخلاقي في المجتمع، رغم أنه يتستر وراء ادعاءات أخلاقية لا أساس لها· وتحاول أن تكشف آلية التراجع القيمي والأخلاقي في المجتمع، والذي يتحمل الجميع مسؤوليته وعلى رأسهم الدولة، التي لا تحاول في أي شيء من أجل حماية النساء بوصفهن فئات ضعيفة· تدخل المجموعة عوالم المرأة العميقة وتحاول معالجتها في تعقيداتها المجتمعية والسياسية، وبذلك تلامس المحظور الاجتماعي وتعمل على فضح الزيف فيه، فهو يدعي عكس ما يمارس· فمنذ القصة الأولى تمارس هيفاء وظيفة الأدب النقدية في فضح مكونات التفكير المريضة والزائفة، فهذه القصة التي تحمل عنوان ليلة الدخلة والمصباح الكهربائي تتحدث عن علاقة عاطفية بين امرأة ورجل طبيب، وعندما يصلان إلى الزاوج، يبقى الشك عند الطبيب في عذرية حبيبته، ففي ليلة الدخلة يصر الطبيب على أن يعرف إذا كانت بكارتها طبيعية أم مستعادة من خلال خياطة غشاء البكارة، وذلك من خلال الفحص بالمنظار الكهربائي· في هذه اللحظة تشعر العروس التي لم تدخل الزوجية بعد بالمهانة وتصرخ به: لا لن أسمح لك، فكرامتي واحترامي لذاتي فوق أي اعتبار، فأنا لست مجرد غشاء· ولا تجد من يقف معها في موقفها ورغم كل ما حصل ينصحونها بألا تفرط في الزوج الفرصة، وعندما تسأل عن مصير العلاقة في الليلة ذاتها: ستطلقني إذا يجيب بلا ذرة ندم · هذا النموذج البائس الذي يختصر المرأة من كائن بشري إلى أداة وظيفية، هو ما تحاول هيفاء بيطار كشفه في مجموعتها، نماذج تعيش بيننا، وأحياناُ، تلقي علينا خطابات وعظية، ولكنها خطابات كاذبة، لأنهم عندما تقترب منهم يكونون عكس ما يدعون· في قصة قطاعة الورق تسلط الضوء على القمع التسلسلي، حيث مديرة المدرسة التي عينت في ذلك المنصب لأنها زوجة المسؤول، وبما أن زوجها مسؤول ويضطهد الآخرين، تجد أن لها الحق في اضطهاد المعلمات اللواتي يقعن تحت مسؤوليتها· في قصة نجاح تحاول معالجة القوة والضعف عند البشر· فهي تروي قصة أم أحرقت وجه ابنتها الصغيرة خطأً ما سبب للصغيرة تشوهاً دائماً، ما جعل الأم تصاب بأزمة ضمير دائمة وهي ترى ابنتها تكبر والتشوه على وجهها· وفي الوقت الذي لم تستطع الأم التعايش مع التشوه، نرى الطفلة ترأف بحال أمها وتحاول تهدئتها فتقول لها: ماما·· يا حبيبتي·· قلبي لم يحترق·· ليست كل قصص المجموعة على سوية فنية واحدة، فهناك قصص متماسكة وجميلة وجيدة، وهناك قصص مهتزة البنية وحتى غير مقنعة· وأحياناً تقع الكتابة النقدية الإبداعية، في هذه الخطأ، الذي يقوم أساساً على أن الوظيفة النقدية تكفي لتجعل القصة قصة، ولكن الأساس أن يكون الأدب أدبا قبل أي وظيفة أخرى·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©