الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العلاقات الصينية الأفريقية تثير هواجس الولايات المتحدة

العلاقات الصينية الأفريقية تثير هواجس الولايات المتحدة
6 أغسطس 2007 03:13
في خضم المنافسة العالمية المحتدمة حول الأسواق العالمية ولاسيما في مجال الصناعات التكنولوجية، أطلقت الصين أول قمر صناعي تجاري صيني للاتصالات لحساب نيجيريا التي تعتبر الدولة الأولى في العالم التي تشتري قمراً صناعياً صينياً· مما يدلّ بوضوح على أن بكين تحوّلت إلى لاعب بارز في ميدان الصناعات الرقمية، ويلقي الضوء على استراتيجية الصين الخارجية التي دأبت منذ فترة على التوجّه إلى البلدان النامية وتعزيز أواصر التجارة معها من خلال تبادل التقنيات والمعارف· وقال الرئيس الصيني ''هو جنتاو'' من قبلُ خلال القمّة التي عُقدت في بكين على مدى يومين مستضيفة 48 بلداً افريقياً: إن ''الصين ستكون إلى الأبد، صديقة جيدة وشريكة جيدة وشقيقة جيدة لافريقيا''· وتقدم الصين نفسها إلى الأسواق الافريقية الناشئة على أنها نوع مختلف عن القوى العظمى، بحيث إنها تتجه إلى التعاون مع هذه الدول بدلاً من السيطرة الكاملة وفرض قراراتها وصناعاتها عليها· ومع ذلك، فهي لم تسلم من الانتقادات التي وُجهت إليها على خلفية أنها باتت راغبة على نحو متزايد، في الاستثمار وتوقيع اتفاقيات التعاون التقنية والاقتصادية مع مواقع فقيرة ومحفوفة بالمخاطر في مختلف أنحاء العالم، وتحديداً في القارة السوداء ''بغية إشباع تعطشها الدائم للموارد الطبيعية ومصادر الطاقة''، وبالتالي فإن عنوان المرحلة المقبلة بالنسبة للصين سيكون ''غزو افريقيا''· من جهتها، ترفض الصين هذه الاتهامات، معتبرة نفسها صديقة للدول ذات الأسواق والاقتصادات الناشئة، وأنها تعمل لمساعدتها ومد يد العون لها لكي يستفيد كلا الطرفين، الأمر الذي من شأنه تعزيز الاستثمارات بين الجنوب والجنوب ونفي المعادلة القائمة التي تشير إلى تدفق التقنيات والمعلومات من دول الشمال المتقدمة إلى جنوبي العالم الفقير باتجاه واحد فقط· ومن الملاحظ أن الاستثمارات والتقنيات الآسيوية ومعظمها من الصين والهند، قد أدت إلى حصول تقدم ملحوظ في نمو اقتصاد افريقيا، وهو أمر دفع بكين إلى الزهو، ولاسيما أن الصينيين أشاروا في أكثر من مناسبة إلى إنفاقهم المليارات على بناء الطرقات في بكين، وبناء سدّ مائي لتوليد الكهرباء في غانا، وشبكة للهواتف النقالة في اثيوبيا، علماً بأن هذه الاستثمارات تواكبها التقنيات التي توفرها الصين لافريقيا، وليس آخرها القمر الصناعي الذي أطلقته الصين لحساب نيجيريا· ويتوقع المراقبون لصفقة القمر الصناعي بين الصين ونيجيريا، أن هذا الساتلايت المسمّى بـ "NIGCOMSAT-1" سيحدث ثورة في قطاع الاتصالات والبث الاذاعي والتلفزيوني وخدمات الانترنت في الدولة الافريقية· فضلاً عن أنه سيوفر فرص عمل لنحو 150 ألف مواطن نيجيري على الأقل، وسيوفر وصول الانترنت إلى المناطق والقرى النيجيرية النائية، كما أنه سيوفر نحو 660 مليون دولار من رسومات الاتصالات الهاتفية سنوياً· ولا تقتصر أهمية القمر الصناعي على ما تقدم، إذ إنه سيسهّل امكانية مكننة الإدارات الحكومية والرسمية في البلاد واستقدام التقنيات الرقمية إلى دوائر الأمن والشرطة، إضافة إلى تطوير الاقتصاد الرقمي في نيجيريا والدول الافريقية المجاورة أيضاً· أما الهدف الأهم الذي سيحققه هذا ''الساتلايت''، فهو أنه سيساعد نيجيريا على التخلص من اعتمادها الدائم على تجارتها النفطية ومصادرها الأولية، وسيسمح لها بالتوجه إلى بناء أسس اقتصادية واعدة قائمة على المعلوماتية الحديثة· ومن المقرر أن تبدأ نيجيريا باستخدام القمر الصناعي الصيني أواخر العام الجاري، على أن تنتهي صلاحيته بعد 15 عاماً، وستتم إدارة ورصد القمر من خلال قاعدة أرضية ستبنى في العاصمة النيجيرية، أبوجا، من قِبَل مؤسسة ''السور العظيم'' الصينية، ومحطة أرضية أخرى في مدينة كاشغار الصينية إلى الشمال الغربي من مقاطعة كسينغ يانغ، علماً بأن المشروع ككل قد حددت كلفته بنحو 311 مليون دولار، وقد فازت الصين بالمناقصة رغم أن 21 جهة دولية نافستها· هذا وستتعهد الصين بتقديم الخدمات الداعمة لنيجيريا، بالإضافة إلى مساعدة كبرى في تأهيل طاقم نيجيري تقني للاهتمام بصيانة وإدارة القمر الصناعي المتطوّر· ويعبّر القمر الصناعي عن رغبة الصين في التعاون مع الدول النامية لاستخدام الفضاء الخارجي بطرق سلمية بعيداً عن التسلح الفضائي· وتجدر الإشارة إلى أن الصين قد واجهت منذ أشهر قليلة حملات شعواء ضدّها بعدما أقدمت على استخدام صاروخ بعيد المدى مضاد للأقمار الصناعية لتفتيت قمر صناعي قديم تابع لها كان يُستخدم للرصد الجوي، مما اعتبرته الدول الكبرى آنذاك- ولاسيما الولايات المتحد- انتهاكاً للاتفاقية الدولية التي تحظر التسلح الفضائي· ولعل التحرك الصيني كان رسالة تهدف إلى التأكيد للعالم أنها أصبحت قوة كبرى ليس في مجال صناعة الدمى ونسخ التقنيات والأجهزة الالكترونية الممهورة دائماً بعبارة ''صنع في الصين''، فقد تصبح هذه العبارة علامة لعدد كبير من الأقمار الصناعية التابعة لدول مختلفة، ويبدو أن فنزويلا ''شافيز'' ستكون في طليعتها، فهل سيتمكن ''شافيز'' وصديقه ''كاسترو'' من أن يثيرا غضب الأميركيين أكثر مما هم عليه الآن؟·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©