الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تخريب ممتلكات المدارس سلوك عدائي لطلبة متمردين على النظام التعليمي

تخريب ممتلكات المدارس سلوك عدائي لطلبة متمردين على النظام التعليمي
4 يناير 2011 19:37
يعتبر سلوك العبث في الممتلكات المدرسية وتخريبها من قبل بعض الطلاب ظاهرة عالمية، لم يتم التوصل إلى جميع أسبابها بعد، كما لم يتم التمكن من معالجتها والسيطرة عليها، برغم فرض أقسى العقوبات على مرتكبيها، لكن من الواضح أن مسؤولية الحدّ منها تقع على البيت والمدرسة في آن معاً. يعمد طلاب مدارس في الإمارات إلى العبث بالممتلكات المدرسية خلال وبعد الانصراف من الدوام المدرسي، وتختلف مظاهر هذا العبث بين الشدة والضعف، ففي أبسط الحالات تتمثل بالكتابة والرسوم على الطاولات والجدران لتصل إلى أوجها بتكسير الأثاث والأدوات الكهربائية ودورات المياه ولوحات الإعلانات وتخريب سيارات المعلمين وحافلات نقل الطلبة والطالبات وغيرها من الممتلكات، ما ينجم عنه إتلاف بعض الممتلكات وتحميل الدولة وزر ونفقات إصلاحها وتعديلها، فضلا عن تشويه المظهر العام للمدرسة ومقتنياتها وإظهارها بصورة غير حضارية. ظاهرة ممتدة تشير تقارير صادرة عن وزارة التربية في الدولة إلى أنها أنفقت في إحدى السنوات الماضية مبلغ 50 ألف درهم لإزالة عبارات نابية وبذيئة كتبها طلاب على أسوار ومرافق مدرسة واحدة فقط، كما تكبدت نحو ربع مليون درهم لإصلاح نوافذ وأبواب حطمها طلاب في مدرسة أخرى، إلى جانب ما تتحمله الوزارة من أعباء أخرى على إثر أعمال الصيانة التي تصل قيمتها إلى 200 ألف درهم إذا كانت الصيانة عادية، وترتفع القيمة في حالة الصيانة الشاملة إلى 800 ألف درهم، وتقدر قيمة إصلاح التخريب للأبواب والنوافذ وأجهزة التكييف بربع مليون درهم للمدرسة الواحدة، بحسب موقع «مركز الإمارات للدراسات والإعلام». وتمتد مظاهر العبث والتخريب في الممتلكات المدرسية على طول مراحل التعليم المختلفة، لكن المرحلتين الإعدادية والثانوية هما المحطتان الأكثر بروزا لظهور التخريب، بحسب الإحصائيات والدراسات النفسية، حيث تلعب التغيّرات البيولوجية والنفسية والعقلية في هذه المرحلة العمرية (المراهقة) دورا مهما في تطوّره ولا سيما مع ضعف أو غياب التخطيط الأسري والمدرسي والمجتمعي. أسباب الظاهرة يلعب البنون (الذكور) دور البطولة في عملية التخريب التي تحدث في المدارس قياسا إلى دور البنات، وذلك بسبب الفروق النفسية والجسدية بين الجنسين، حيث يعمد الذكور غالبا لإشاعة الفوضى وارتكاب العديد من السلوكيات التدميرية بشكل متعمد أو غير متعمد. وحول الأسباب والدوافع التي تقود إلى هذه شيوع هذه الظاهرة بينهم، يقول الطالب أحمد (14 سنة) إنه يجهل الدافع وراء قيامه ببعض السلوكيات التخريبية كالكتابة على الجدران وغيرها، لكن كل ما يمكنه قوله في هذا الإطار بأن أصحابه يفعلون ذلك وهو يشاركهم الفعل من باب التسلية وملء وقت الفراغ. أما صديقه حارب (15 سنة) فيشير إلى أنه لا يقصد التخريب والإساءة للممتلكات المدرسية، بل هي طريقة للعب مع الأصدقاء، وإظهار المهارات والبطولات وكسب التحديّات فيما بين الطلاب. في حين يقرّ طالب آخر، رفض الكشف عن اسمه، إلى أنه يكره المدرسة كما أنه لا يحبّ الدراسة، لكن والديه يفرضان عليه الالتزام بالدوام المدرسي والانخراط في صفوفها كلّ يوم رغما عنه، ولذلك فإنه يثير العديد من المشاكل حتى يتم فصله من المدرسة تلقائيا. تعميق الولاء يتحدث عمر العبيدي، مسؤول عن الحافلات المدرسية في إحدى المدارس الخاصة، عن وجود الكثير من العمليات التخريبية التي يقوم بها الطلاب في الحافلات، من الكتابة على المقاعد وتمزيقها، وصولا إلى الاعتداء على الإطارات وتفريغها من الهواء، لافتا إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم معرفة هوية الفاعل الحقيقي وذلك بسبب تستر الطلاب عليه. من جانبه، يشير محمد عبد الله، اختصاصي اجتماعي في إحدى المدارس الخاصة، إلى أن ظاهرة التخريب في المدارس هي ظاهر عالمية موجودة في كلّ المدارس تقريبا، ولها أسباب كثيرة، من بينها الانتقام حيث يلجأ بعض الطلاب للتخريب كوسيلة للانتقام من المدرسة أو أحد المدرسين نتيجة إحساسه بالظلم، فضلا عن تأثير رفاق السوء السلبي الذي يجرّ الطلبة الآخرين لتقليد هذا السلوك. وفي هذه الحالة، يشير عبدالله إلى أن دوره يتمثل في مساعدة الطالب على التخلّص من هذا السلوك «العدائي»، عن طريق محاولة فهم أسبابه ودوافعه، وتعميق الشعور بالولاء والانتماء للمدرسة أولا، وكذلك اتخاذ العقوبات المناسبة في حق «المخرّبين» في حال عدم تجاوبهم مع التوجيه. حالة ذاتية يلفت عبد الله إلى أن فعل التخريب ليس دليل غباء لدى الطالب، كما يعتقد البعض، بل قد يكون الطالب المخرّب على درجة عالية من الذكاء، ولا يصدر هذا العمل عن طالب كسول، ولكن قد يصدر من طالب ممتاز، ما يؤكد ما يذهب إليه علماء النفس من حيث أن ميل الطلاب للتخريب قد يكون حالة ذاتية وغريزية ترافق الطالب منذ ولادته، وقد يكون أيضا حالة مكتسبة من البيئة المحيطة به، كالتفكك الأسري، وعدم التوجيه من قبل الأبوين. من جهته، شدّد مدير إحدى المدارس الخاصة، فضل عدم ذكر اسمه، على مسألة تعميق الولاء والانتماء للمدرسة عند الطلاب، كحلّ للقضاء على ظاهرة التخريب التي يمارسونها ضد الممتلكات المدرسية، لافتا إلى أن غالبية عمليات التخريب التي ترتكب بحق الممتلكات المدرسية المختلفة تكون بقصد الانتقام من المدرسة أو أحد المدرسين، ولذلك فإن الحلّ الأمثل للحدّ من هذا السلوك هو تكوين علاقة إيجابية بين المدرسة ومدرسيها مع الطلاب، لكي يكون ذلك رادعا لهم من مثل هذه السلوكيات الخاطئة، قبل استخدام العقوبات بحقهم. وأضاف أن بعض الأساتذة يسهمون في زيادة الظاهرة بسبب معاملتهم غير الحكيمة مع الطلاب، حيث يعمل اضطراب العلاقات الاجتماعية على إيجاد صراع على القيادة وإثبات الذات بين الطلاب والمعلمين والإدارة، وتتمثل محاولة الطلاب في إثبات أنفسهم بالتخريب. عقوبات التخريب يرى مدير إحدى المدارس أن البعض يقدم على مثل هذه الممارسات التخريبية من باب الغيرة والشعور بالتمييز ومن باب التلذّذ في إيذاء الآخرين بأسلوب غير مباشر، وقسم آخر يقوم بذلك من أجل لفت الانتباه كتعبير عن حاجة نفسية اجتماعية أو كتقليد لسلوك الأفراد. وتابع أنه يجب عدم إغفال عامل مهم وهو الظروف الأسرية لدى الطالب، وخاصة في الأسر المتفككة والتي تتضمن معاملة سيئة وإهمالا وعدوانية في البيت وصعوبة التحدث عن المشاكل التي تخصّهم داخل الأسرة وعدم رضى الأهل عن البيئة التي يعيشون فيها وإقناعهم بأن ليس لديهم أي تأثير على سلوك أولادهم، أما بالنسبة للعقوبات، فأوضح المدير أنها تختلف حسب نوع التخريب وحول ما إذا كان متعمدا أم لا، لافتا إلى أن هذه العقوبات تتمثل في إبلاغ الوالدين أولا، وتغريمهم ثمن الدمار أو الأذى الذي لحق بالممتلكات، ثم يتبعها في حال التكرار الفصل المؤقت عن المدرسة أو الفصل الدائم وغيرها من الإجراءات العقابية الرادعة، وهو ما يتم بالطبع بعد انتهاء الاختصاصي الاجتماعي من القيام بدوره في توعية الطلاب والتحدث معهم ومحاولة ثنيهم عن هذا السلوك، مؤكد ضرورة تعاون الأسرة مع المدرسة للحدّ من هذا السلوك، والانخراط والمشاركة في حملات التوعية التي تقام للتصدي لهذه الظاهرة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©