الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع الدولار يتردد أصداؤه في جميع أنحاء العالم

تراجع الدولار يتردد أصداؤه في جميع أنحاء العالم
18 مارس 2008 23:48
انحدر الدولار في الأيام القليلة الماضية إلى أعماق جديدة ليلامس مستويات متدنية قياسية مقابل اليورو والفرنك السويسري والى مستويات لم تشهدها الأسواق العالمية لأكثر من 12 عاماً أمام الين الياباني· ويبدو أن الاقتصاد الأميركي المتعثر واشتداد الأزمة في أسواق الائتمان جعلا الدولار يتدهور بسرعات جديدة تماماً كما حدث في الخريف الماضي· ولكن هذا التدهور بدأ يخلق سلسلة من المشاكل يتردد صداها في جميع أنحاء العالم، ابتداءً من اليابان حيث أخذ الين القوي يهدد أعمال المصدرين في الدولة ويزيد من احتمال ان يعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم من التباطؤ بشكل ملحوظ، كما سيشعر المصدرون الأوروبيون أيضاً بوطأة الضغوط بعد أن أصبح اليورو الواحد يشتري قيمة تزيد على 1,55 دولار في مستوى غير مسبوق على الإطلاق أمام الدولار وبشكل أشعل المخاوف في أوساط واضعي السياسات والسياسيين والأعمال التجارية على حد سواء· وتشير المستويات التي انحدر إليها الدولار مؤخراً أيضاً إلى إمكانية الدخول في مرحلة أخرى في أزمة الائتمان التي تعصف أصلاً بالاقتصاد الأميركي بحيث تسرع من وتيرة الاختلالات الكبيرة التي اتخذت مواقعها داخل نسيج الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة - أي ذلك الوضع الذي تنفق فيه الولايات المتحدة أكثر مما تدخر، بينما تسارع الدول الأخرى لإقراضها من أجل تغطية الفرق· لذا فإن السؤال الذي بدأ يدور في عقول المستثمرين أصبح يتعلق فقط بما إذا كانت هذه العملية ستمضي بتدرج ونعومة أم ستفضى إلى نتائج وخيمة وعاجلة· وحتى الآن فإن الدلائل ما زالت تشير إلى انتقال متسلسل وتدريجي، إلا أن هذا الأمر من شأنه أن يتغير فجأة، حيث ذكر المستثمرون أن من الأهمية بمكان مراقبة ما إذا كان ضعف الدولار قد بدأ يفضي إلى انخفاضات في مجالات أخرى مثل الأسهم والسندات، ولكنهم يشيرون إلى أن الارتباط الأخير بين ارتفاع أسعار النفط وتراجع الدولار يعتبر مؤشراً يدعو الى المخاوف· وبالنسبة لليابان فإن هذه التداعيات الناجمة عن ضعف الدولار تصيبها على وجه الخصوص، فالدولة تسودها مجدداً مشاعر بتضاؤل الآمال في عودة الانتعاش الذي قطع تباطؤا اقتصاديا طويل الأمد· وفي هذه الأثناء تمسك المشاكل الاقتصادية الخطيرة بخناق الاقتصاد الياباني، فعلى الرغم من مرور ستة أعوام من النمو المعتدل مازالت جموع المستهلكين تنأى بأنفسها عن الإنفاق وهو ما يعني أن أسعار المستهلكين يساورها الضعف وأن اليابان تقترب من الانكماش· وتعتبر اليابان أكثر تأثراً بتقلبات العملة من غيرها من الدول لأن اقتصادها يعتمد وبشدة على الصادرات من أجل تحقيق النمو، فالاقتصاد الياباني شهد نمواً بمعدل 2,1 في المئة في العام الماضي، وجاء أكثر من نصف هذا النمو من الصادرات· ولكن الدولار الضعيف يجعل الشركات اليابانية تنتج سلعاً أكثر غلاءً فيما وراء البحار، بينما يقلل ذلك من قيمة الإيرادات بالدولار عندما يتم تحويلها مرة أخرى إلى الين، وهو الأمر الذي يلقي بضغوط هائلة على إيرادات المصدرين المتأثرة أصلاً بارتفاع أسعار الطاقة والسلع بالإضافة إلى تباطؤ طلب المستهلك الأميركي، وكما يقول هيروشي شيريشي الاقتصادي في مصرف ليهمان بروزرز في طوكيو ''إذا ما استمر الدولار في الانخفاض فإننا سنواجه احتمالاً كبيراً لأن نصبح في وضع يمكن تسميته بالركود''· وكانت آخر مرة تواجه فيها اليابان انخفاضاً كبيراً في قيمة الدولار في عام 1994 و1995 عندما استقر الدولار في أقل من مستوى 100 ين لفترة عام ونصف العام، ولكن طوكيو عمدت الى مقاومة هذه المشكلة عبر التدخل بقوة في أسواق العملة من أجل تقليل قيمة الين ووضع محفزات مالية تهدف الى مساعدة الشركات الأضعف حالاً· وفي الأوقات الحالية تفتقد اليابان إلى الأدوات التي تمكنها من المقاومة، ففي الماضي كان بإمكان اليابان أن تلجأ إلى خفض أسعار الفائدة أو تشجيع الإنفاق الحكومي عندما يؤدي الدولار الضعيف إلى تجميد حالة الاقتصاد· إلا أن سعر الفائدة في بنك اليابان الآن لا يزيد على 0,5% مما يجعل خفض أسعار الفائدة أمراً غير فعّال· وكذلك فإن تضخم حجم العجز المالي في ميزانية الدولة يجعل من الصعوبة بمكان اعتماد وتخصيص حزم مالية محفزة· وعلى نفس المنوال فقد بات من غير المرجح أيضاً ان تتدخل الحكومة في سوق العملة، ففي عام 2004 عندما تراجع الدولار إلى مستوى 103,38 ين أنفقت طوكيو مبلغ 1,5 تريليون ين من أجل إنعاش الدولار· أما الآن فإن الحكومة اليابانية تواجه ضغوطاً هائلة من الدول الأخرى ضد ما أسموه ''تطفلها'' في أسواق العملة· بيد أن انخفاض وتراجع الدولار لا يعتبر في مجمله أنباء سيئة للاقتصاد، فهذا التراجع يجعل الواردات اليابانية أرخص سعراً بحيث يحقق المكاسب للشركات التي تعتمد على المواد المستوردة مثل المنتجات النفطية المكررة وشركات الخدمات الكهربائية، وبإمكان المستهلكين أيضاً الحصول على مساومات أسعار كل شيء مستورد ابتداء من الأغذية ونهاية بالحقائب اليدوية، ولكن هذه المكاسب الآن أصبحت مهددة بالارتفاع غير المسبوق في أسعار الطاقة والمواد والسلع الأخرى· وخلال العام الماضي ارتفعت أسعار القمح إلى أكثر من ضعفها على سبيل المثال، وفي هذه الأثناء، فإن انخفاض الدولار أصبح من المرجح أن يستمر إلى أمد قصير ما لم يصبح من الواضح أن المشاكل التي تمسك بخناق الاقتصاد الأميركي قد انتشرت وتمددت إلى مناطق أخرى مثل أوروبا أو تقرر الحكومات التدخل في أسواق العملة لكبح جماح هذا التراجع· ويبقى أن الأنباء السارة تتمثل في أن التعاملات ما زالت تمضي بنشاط وقوة في أسواق العملة دون أن يبدو عليها أي تأثر سالب من أزمة أسواق الائتمان· عن الـ وول ستريت جورنال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©