الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السرطان لم يعد وحشاً قاتلاً

السرطان لم يعد وحشاً قاتلاً
5 مارس 2010 21:37
لازالت تلك النظرة التقليدية المأساوية تجاه مرض ومرضى السرطان تتغلغل في أذهاننا، ونسارع بالحكم بالإعدام على كل من أصابه هذا المرض علاوة على بذل قصارى جهدنا في إحباط واستنزاف الصبر والعزيمة والروح المعنوية لدى المصابين به، عبر دموعنا ونظراتنا وإيماءاتنا ونفورنا خشية العدوى!!! للأسف نحن ننظر إلى الجانب المظلم، وهو أن هذا الغول، أي المرض، سيلتهم صاحبه لا محالة، ونتناسى أنه في كل عام هناك الكثير والكثير من الناس المصابين بالسرطان يتم علاجهم، فالسرطانات التي كانت في الماضي مميتة كثيرا ما تكون الآن قابلة للعلاج، وهناك العديد من الناس يحيون اليوم بعد أن عولجوا من أنواع من المرض كانت قبل 20 سنة قاتلة، وغير قابلة للعلاج. ربما لا يمكن أن نمنع أنفسنا من الخوف من الإصابة بهذا المرض، ذلك أنَّ الخوف ردة فعل عادية، ولكن فلنتذكر أنه بالعلاج الصحيح كثيراً من الناس يحيون سعداء ومنتجين بعد تشخيص إصابتهم بالسرطان، واتباعهم للعلاج... فهاهي صباح بعمر 39 سنة، ممرضة في مستشفى توام، وهي أصيبت بسرطان الثدي في عام 2005، وشفيت منه بعد رحلة علاج استغرقت عامين، تحدثنا معها حيث تقول: «عندما كنت طالبة في الجامعة كنت أقدم للأمهات، بحكم دراستي للتمريض، محاضرات تثقيفية حول سرطان الثدي، وكيفية اكتشافه بالفحص الذاتي، وكنت أعرض لهم مجسماً يوضح شكل وحجم الكتلة التي يمكن تحسسها إذا ما أصابت الثدي، وصرت منذ ذاك الوقت أحرص على إجراء الفحص الذاتي لنفسي، وفي إحدى المرات تحسست وجود كتلة، فتذكرت مباشرة حجم وملمس الكتلة التي كنت أجري عليها المحاضرات، فطلبت من صديقتي، وهي قابلة، أن تفحصني بيدها، فنصحتني مباشرة بالتوجه للطبيب، والتأكد عبر التصوير، وفعلا خضعت لجملة من الفحوصات التي اقتضت باستئصال الكتلة فقط، وليس الثدي بالكامل، لأنني اكتشفت المرض في مرحلة مبكرة». صباح التي أصيبت بالمرض في مطلع الثلاثينيات من عمرها تشرح حالتها المرضية بابتسامة تنم عن رضاها، وتقبلها للأمر، وكأنه مرض بسيط جدا كالرشح وغيره. تضيف صباح: «ربما لأنني متعلمة ومثقفة في هذا المجال كنت أعلم المضاعفات التي ستحدث لي أثناء تعرضي للجرعات الكيماوية، من سقوط الشعر وغيره، لكنني كنت أمارس حياتي الطبيعية دون أي تغيير عليها، فقد كنت أؤجل الجلسة لآخر يوم في الأسبوع لتتسنى لي الراحة في عطلة نهاية الأسبوع، ثم آتي للدوام مطلع الأسبوع التالي دون أن أضطر لأخذ إجازة». تتذكر صباح حال زوجها حينما أخبرته أنها مصابة بالمرض، وتصف وقعه عليه بالصاعقة: «ظنني أمزح ولم يصدق، لأن خلفيته العلمية عن هذا المرض بسيطة، ويظن كغيره من الناس أن من سيصيبه هذا المرض سيتوفى قريباً، ولكنه بعد ذلك استوعب الأمر، وساندني ودعمني نفسياً بكل معنى الكلمة، وكان يضحك من الناس الذين كانوا ينصحونه بأن يتزوج علي، أو يشيرون عليه بأن أتنازل له عن أي أملاك لدي قبل موتي، لم يكن يلقي بالاً لهم، بل كان يخبرني ضاحكاً بما يقولون»!! تصف صباح تلك المرحلة الصعبة من عمرها وتقول: «لا أنكر أنني عشت مرحلة صعبة ومؤلمة جداً، لكنني كنت أتسلح بالإيمان والصبر والثقة بالله، بأنه سيشفيني، وكنت كلما تعبت أو تساقط شعري احتسبته عند الله تعالى، ورفضت أن أرتدي «البيريك» لآخذ الأجر عن كل شعرة تسقط من رأسي، واتبعت العلاج الصحيح في الوقت المناسب، وشفيت بعد عامين، وها أنذا أعيش حياتي سعيدة راضية بما قسم الله لي، على الرغم من أن قدرتي على الإنجاب توقفت كجزء من العلاج الذي خضعت له، لكنني أحمد الله فلدي 3 أولاد أسأل الله أن يعينني على تربيتهم». لا يختلف الأمر كثيرا مع الستينية موي بسيم التي فاجأها سرطان الثدي قبل 8 سنوات، ولاكتشافها معه حكاية تخبرنا عنها وتقول: «بينما كنت أقضي الإجازة في عزبة لأصدقاء زوجي في مصر، وإذا بذبابة تلدغني تحت إبطي وقريبا من صدري دفعتني لحك المنطقة، وإذا بي أتحسس وجود كتلة صغيرة ظننت أنها من قرصة الذبابة، فأهملت الأمر وبعدها بفترة زال الألم، وبقيت الكتلة موجودة، فذهبت إلى المستشفى وخضعت للفحوصات التي قضت باستئصال الثدي كاملًا، وألحيت على الطبيب بأن يستأصل الثدي الآخر لئلا أقع في نفس المشكلة مستقبلاً، وبعد إلحاح شديد وافق، ووضع لي حشوة من السيليكون كجزء تجميلي يرافق هذا النوع من العمليات دائماً». بعد ذلك بخمس سنوات أصابت موي كتلة أخرى ليمفاوية تحت الإبط، اضطرت أيضاً لاستئصالها بعملية جراحية، وعلاج كيماوي لمدة 3 شهور. تصف موي إصابتها بهذا المرض بروح معنوية مدهشة، حيث تقول: «هذا قدر الله لي، وأنا راضية به فقد تقبلت الأمر منذ أن عرفت به، وتوجهت للعلاج بصبر، فأنا ممرضة وزوجي ووالداي أطباء، وهذا يعني أننا جميعا استوعبنا الأمر وأن كل امرأة معرضة للإصابة بهذا المرض... بصراحة أخذنا الأمر ببساطة وأريحية». يد في الماء وأخرى في النار هذه الجملة يرددها مرضى السرطان طويلاً على مسمع محمد علي صالح، بحكم عمله ممرضاً في هذا القسم، مما يضطره إلى إبلاغهم بأنه مصاب مثلهم بسرطان البروستات!! هذه باختصار قصة الشاب الأربعيني محمد علي صالح التي يخبرنا بها بالتفصيل ويقول: «لكوني أعمل في قسم السرطان في مستشفى توام منذ سنوات، فقد حرصت على عمل فحوصات دورية كل 6 شهور عبر أخذ عينة من الدم وفحصها في المختبر من أجل أن أطمئن، أنني لا زلت أتمتع بصحة جيدة ولكنني أغفلت عمل فحص في إحدى المرات، وكنت مصابا بسرطان البروستات دون أن أعلم أو أشعر بأي ألم ينبهني بأنني مصاب، فاكتشفت الأمر صدفة بينما عدت لإجراء الفحص الدوري، وإذا بفحوصات المختبر تنبهني بوجود تغير غير طبيعي في نسبة معينة في الدم، فتطلب مني الأمر المزيد من الفحوصات التي أثبتت إصابتي بهذا المرض».. ويضيف محمد: «فوجئت لكنني تقبلت الأمر ببساطة، لأنني معتاد على التعامل مع المرضى المصابين، ولكن كان وقع الصدمة على زوجتي وأولادي كان فوق الوصف، خصوصا حينما أخبرني الطبيب أنَّ المرض مستفحل، ولا يمكنني أن أخضع لعملية جراحية لاستئصاله، بل علي أن أكتفي بالأدوية والعلاج الإشعاعي والهرموني الذي تسبب لي بزيادة 30 كيلو في وزني».. يصف محمد إصابته بهذا المرض بأنها ذات نفع عظيم، فقد جعلته أقرب إلى الله تعالى بعبادته وطاعته، وكشفت له محبة زوجته وأولاده وأصدقائه الذين بادروا لملازمته والتخفيف عنه. يشعر محمد أنه صار الآن أقرب إلى المرضى من ذي قبل، وأنهم صاروا يسمعون كلامه ويحبونه طالما أنه يتعامل بصدق وإحساس معهم، ويقول: «أجتهد لأكون قدوة لهم، أواسيهم، وأمسح دموعهم، وأشجعهم على العلاج الذي يتطلب الإرادة والروح المعنوية العالية». استراتيجية مكافحة يحتل مرض السرطان المرتبة الثالثة في الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الوفاة في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أمراض القلب وحوادث المرور. وباعتبار مستشفى توام، بالاشتراك مع جونز هوبكنز الطبية، مركزاً طبياً وتحويلياً بامتياز، لرعاية مرضى السرطان، فقد أدركت إدارة المستشفى بالتواصل مع صحـة وهيئة الصحة في أبوظبي أهميـة هذه المشكلة المتنامية، مما حدا بها إلى تطبيق استراتيجيات لتوسعة الخدمات، وتعزيز نوعيـة الرعاية لتطابق المعايير العالميـة. عن آخر التطورات التي استحدثت في قسم السرطان يخبرنا الدكتور ضياء الدين طراد من قسم الأورام حيث يقول: «إننا في مستشفى توام نولي أهمية قصـوى للعـلاجات المبنية على الدلائل والبراهين وفقاً للمقاييس العالمية، ويقوم أسلوبنا على تقديم الخدمات مع مراعاة التنوع الثقافي، واحترام الفردية ضمن العائلة بما يشمل الفروقات الجغرافية والعرقية والعنصرية والاجتماعية الاقتصادية والتعليميــة والروحيـة، فمنهج الرعايـة المتعدد التخصصات عامل مهم في تقديم رعاية شـاملة لمرضانا بدءاً من التشخيص إلى العـلاج، ويتوفر لمرضانا نظام رعاية صحية مرن يلبي احتياجاتهم» تطلعات مستقبلية يضيف طراد: «من أبرز التطورات أنه تم إنشاء وحدة الرعاية التلطيفيـة التي تعد الوحدة المكملــة لنظام رعاية مرضى السرطان، لا سيما المرضى في المرحلة المتأخرة، وتُعنى بتقديم رعايـة طبيـة شاملة تشمل تخفيف الألم والأعراض المزعجة الأخرى، كما تقدم الدعم للمريض وعائلته في تلك المرحلة الحرجـة. ولقد بدأ العمل في وحدة الرعاية التلطيفيـة عام 2007 وكانت الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربيـة المتحدة ملتزمة بتحسين نوعيـة حيـاة مرضى السرطان. بالإضافة إلى عيادة الأورام ومركز علاج الأورام النهاري. حيث تم افتتاح عيـادة أورام جديدة ومركز العلاج النهاري في 28 يونيو 2009 لتلبية الحاجة المتزايدة لـه في دولة الإمارات، ويتطلع القسـم إلى استحداث المزيد من العيـادات، وذلك على ضوء تزايد أعداد المرضى المحوّليـن إلى مستشفى توام. وقد صمم مركز العلاج النهاري بشكل يحافظ على كرامة وخصوصية المرضى، مما يسمح لهم بأخذ العلاج في جو هادئ ومريح ويدعم قسم العـلاج النهاري فندق الواحة الذي تبلغ سعته 32 وحدة سكنية صغيرة يستقبل فيه المرضى القادمين من مناطق بعيدة لتلقي العلاج اليومي في وحدة العلاج النهاري. أما مركز رعاية الثدي فهو الأول من نوعه في دولة الإمارات العربية المتحدة وقد افتتح في نوفمبر 2007 لعلاج المواطنين والوافدين على حد ســواء، وقد تم تجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية المتطورة للفحص والتشخيص ومزود بوحدة تصوير الثدي المتنقلة التي تعمل على تقديم خدمات تصوير الثدي للقاطنات في المناطق البعيدة في أرجاء إمارة أبوظبي، بغيـة تســهيل حصولهن على العناية اللازمة بصحة الثدي، وما يلازم ذلك من تحاليل شعاعية لرصد أي تغيرات في خلايا الثدي ومن ثم تشخيصها في مراحلها الأولى.» تناول غذاءً صحياً يعتبر النمط الغذائي مسؤولاً عن 35% من أمراض السرطان، فالطعام الصحي يقلل من فرصة حدوثه الإصابة به. هناك بعض النصائح الغذائية التي تساعد في تقليص خطر السرطان منها خفض كمية السعرات الحرارية والأطعمة منخفضة القيمة الغذائية. الإقلال من الأطعمة عالية السعرات الحرارية وقليلة القيمة الغذائية، وذلك لارتفاع محتواها من السكريات والدهون التي تعمل على زيادة الوزن. الإكثار من الخضراوات والفاكهة والحبوب الكاملة والبقوليات: ينخفض معدل الإصابة بالسرطان بين الأشخاص الذين يكثرون منها وذلك لغناها بالألياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة الطبيعية التي تحمي الجسم وتقيه من نشوء السرطان، وتحافظ على الوزن الطبيعي المناسب. عليك بملء ثلثي صحنك بالخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات واستمتع بتناول الفاكهة الغنيـة بالمغذيات الطبيعية. الإقلال من اللحوم الحمراء واللحوم المصنّعـة: تعتبر اللحوم الحمراء مصدراً ممتازاً للعديد من الفيتامينات والمعادن، إلا أن الإكثار منها طازجة ومصنعة أو معلبة كالنقانق والهوت دوغ واللونشيون يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم؛ لذا ينبغي عليك اختيار اللحم الخالي من الدهن، وتناوله دون إفراط فلا تزد عن 510 غرامات في الأسبوع من لحم الضأن أو العجل المطبوخين، وأكثر من الخضروات والحبوب والبقوليات على حساب اللحوم. المشروبات الروحية: يشكل احتساء الكحول أحد العوامل التي تزيد من خطر الإصابـة بسرطان الفم والبلعوم والمريء والكبد، كما يزيد بنسبة قليلة من خطر الإصابة بسرطان الثدي والقولون. الإقلال من الملح: الإكثار من الملح (الصوديوم) والأطعمة المحفوظة يزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة، لذا اقرأ الملصق الغذائي على علب الأطعمـة للتأكد من كمية محتواها من الملح. لا تزد عن 4.2 غرام في اليوم. تجنب تناول المشروبات والأطعمة شديدة السخونة: فهي تزيد من خطر الإصابة بسرطان تجويف الفم والبلعوم والمريء. تأكد من أن المشروبات والأطعمة متوسطة الحرارة. المكملات الغذائية: تعتبر الفيتامينات والمقويات الموجودة في الأطعمة الطازجة أفضل من المكملات الغذائية المصنعة، ويعتبر أفضل مصـدر للمغذيات والفيتامينات الأطعمـة الطبيعية والعصائر الطبيعيــة والمشروبات الصحية. المحافظـة على الوزن الصحي السمنة أيضاً تزيد من خطر حدوث السرطان، فقد أظهرت عدة دراسات وجود علاقة بين زيادة الوزن وسرطانات المريء والقولون والمستقيم والثدي وبطانة الرحم والكلى والبنكرياس والمرارة والغدة الدرقية والمبيض وعنق الرحم؛ لذا فإن من المهم المحافظة على وزن صحي عن طريق الالتزام بطعام صحي وممارسة الرياضة بانتظام. ممارسة الرياضة بانتظام ممارسة الرياضة بانتظام تحافظ على الوزن الصحي للجسم، وتحسن اللياقة البدنية بما في ذلك لياقة القلب والرئتين والعظام والعضلات والهرمونات والمناعة وعملية التمثيل الغذائي.. وتمكن الجسم السليم من تحمل العوامل البيئية بصورة تفوق الجسم الضعيف.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©