السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقارب الثقافي.. أداة لتحسين صورة الباكستانيين في بريطانيا

التقارب الثقافي.. أداة لتحسين صورة الباكستانيين في بريطانيا
7 أغسطس 2007 03:49
''مرحبا لندن، هذه باكستان'' بهذه الكلمات رحبت ''مليحة لودي'' بعشرات الآلاف من البريطانيين من أصول باكستانية الذين تجمعوا في ساحة الطرف الأغر بلندن· ولم تخلُ الساحة التي توافد عليها عدد غفير من الباكستانيين بأحدث أنواع الألبسة وتسريحات الشعر وآخر صيحات الموضة لحضور حفل يحييه أفضل المغنين الباكستانيين· ومن بين الجموع الكثيرة من النساء اللواتي حضرن الحفل لم يكن سوى القليل منهن يرتدي الحجاب في إشارة إلى الهوية الإسلامية· لكن في الوقت الذي تقف فيه باكستان على حافة الفوضى بسبب ما تشهده من اضطرابات وقلاقل سياسية تقوم السيدة ''لودي'' بجهد كبير لإبقاء الأمور في لندن تحت السيطرة· ولهذا الغرض تبذل قصارى جهدها لإقناع الحكومة البريطانية والرأي العام على حد سواء بأن البريطانيين من أصل باكستاني هم أناس مثل غيرهم ولهم نفس تطلعات البريطانيين، وليـس كما يصورهم الإعلام البريطاني حفنة من الإرهابيين· ويحتل الباكستانيون النسبة الأكبر من مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 1,6 مليون، مشكلين لوحدهم مليون مسلم يعيشون في مختلف المناطق والمدن البريطانية· وعندما اُستهدف نظام المواصلات العامة في لندن بهجمات انتحارية عام 2005 تبين أنه ثلاثة من بين الانتحاريين الأربعة كانوا بريطانيين من أصول باكستانية، فضلاً عن تورط باكستانيين آخرين وإدانتهم بالضلوع في محاولات إرهابية· لكن ليس كل الباكستانيين تلاحقهم تهمة الإرهاب، بل يوجد في صفوفهم من حقق نجاحات مشهودة وتقلدوا مناصب مرموقة كمسؤولين منتخبين وموظفين كبار في المؤسسات المالية، فضلاً عن تواجدهم في الجامعات· وفي الشهر المنصرم عين رئيس الوزراء ''جوردون براون'' أحد الأعضاء الأربعة من البريطانيين الباكستانيين في مجلس العموم ''شهيد مالك'' في منصب وكيل وزارة الخارجية للتنمية الدولية· والسيدة ''لودي''، البالغة من العمر 55 عاماً وأستاذة العلوم السياسية السابقة، ثم الصحفية المخضرمة وسفيرة باكستان لمرتين في واشنطن، واليوم الممثلة العليا لباكستان في بريطانيا، أعتلت في يوم السبت الأخير من شهر يوليو المنصرم، المنصة وحولها كوكبة من نجوم الفن والرياضة الباكستانيين الذين حضروا خصيصاً لإحياء الحفل وسط لندن· ويندرج هذا المهرجان الباكستاني، الذي استغرق الإعداد له عامين في إطار المحاولات والجهود التي تقوم بها ''لودي'' لتجسير الهوة الثقافية والاجتماعية بين القيم ''الفردية'' السائدة في بريطانيا وقيم الجماعة المتجذرة بين المهاجرين الباكستانيين· وتؤمن السيدة ''لودي'' بأن ترسيخ التفاهم الثقافي، والتمكين الاقتصادي ومساعدة الجالية الباكستانية على الاندماج في الحياة العامة البريطانية هو أفضل بكثير من تشريع القوانين الصارمة الرامية إلى مكافحة الإرهاب في بريطانيا· ولا تتردد ''لودي'' في استضافة بريطانيين وغيرهم قد يصل عددهم إلى مائة شخص في مقر إقامتها لتعريفهم بالثقافة الباكستانية· وتؤكد في هذا الصدد أنها غالباً ما تسعى إلى اختبار البريطانيين كما يحلو لهم اختبار الباكستانيين عندما يسألونهم عن فريق ''الكريكيت'' الذي يشجعونه، البريطاني، أم الباكستاني، بأن تسأل البريطانيين عن آخر مرة وجهوا فيها دعوة إلى أسرة مسلمة للعشاء في منزل أحدهم· ومن مقر مكتب المفوضية العليا الباكستانية في لندن، تسعى ''لودي'' التي ترأس المكتب وترتدي اللباس التقليدي الباكستاني إلى توظيف خبراتها السابقة للنجاح في مهامها· فقد كانت سفيرة باكستان في واشنطن خلال ولاية الرئيس ''بيل كلينتون'' الأولى (عينتها رئيسة الوزراء بنظير بوتو)، ثم مرة أخرى أثناء ولاية الرئيس بوش الأولى (عينها الرئيس الحالي الجنرال برويز مشرف)· وقد كانت من الذين شاركوا في الاجتماع المشهور في 12 سبتمبر 2001 بعد يوم واحد على هجمات نيويورك في وزارة الخارجية الأميركية الذي حضره نائب وزارة الخارجية ''ريتشارد أرميتاج''، والجنرال ''محمود أحمد'' رئيس وكالة الاستخبارات الباكستانية· وفي تلك اللحظة كان قد مر على ''لودي'' سنتان في منصب السفيرة لدى الولايات المتحدة ولازالت تذكر تلك العبارة التي أطلقها ''أرميتاج'' عندما قال ''أنتم معنا، أم ضدنا''· ومع اقتراب الاجتماع من نهايته سأل الجنرال ''محمود أحمد'' ماذا يمكن لباكستان أن تقدمه لأميركا في مؤشر واضح على أواصر الصداقة المستمرة بين البلدين· وترجع رغبة ''لودي'' في إعطاء نموذج مشرف عن المرأة الباكستانية إلى أصولها الاجتماعية المرتبطة بالطبقة الوسطى؛ فـ''لودي'' ابنة مدير في شركة للنفط وصحفي· وقد أُرسلت إلى مدرسة للراهبات لتلقي التعليم الجيد المتوفر وقتها في باكستان، كما درست القرآن في طفولتها· وكان أول قدوم لها إلى مدينة الضباب في السبعينيات لنيل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن· ومع أنها امتهنت في البداية التدريس في إحدى الجامعات الباكستانية، إلا أنها سرعان ما توجهت إلى الصحافة المكتوبة· وكانت السيدة ''لودي'' محررة في الصحيفة اليومية ''ذي نيوز'' عندما استدعتها ''بنظير بوتو'' وطلبت منها العمل كسفيرة لباكستان لدى الولايات المتحدة· وقد عادت لامتهان الصحافة مرة أخرى بعد انقضاء مهمتها عندما طلب منها ''برويز مشرف''، الذي كان قد أطاح لتوه بالنظام السابق، العودة إلى واشنطن كسفيرة لبلادها· وبعد فترة قصيرة من التفكير قررت ''لودي'' الاستجابة لطلب ''برويز'' والعودة إلى واشنطن· وفي منصبها الجديد بلندن كثيراً ما يسألها البريطانيون عن سبب نجاح التجربة الأميركية في إدماج المهاجرين فترد ''لودي'' بأن الولايات المتحدة ليس لها تجربة استعمارية، وهو ما يؤثر على كيفية النظر إلى غير البيض· وتضيف ''لودي'' مقارنة بين تجربتها في الولايات المتحدة وبريطانيا قائلة ''عندما انتقلت إلى واشنطن، زارني سكان الحي وقدموا لي باقة من الورد ترحيباً بقدومي، لكني عشت في لندن ثلاث سنوات ونصف ولا أعرف من هم جيراني''· مراسلة نيويورك تايمز في لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©