الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر: مشهد مرتبك

7 فبراير 2012
طلـب المدير العـام السابـق للوكالـة الدوليـة للطاقـة الذريـة، الدكتور محمد البرادعي، من البرلمان المصري، أن ينتخب من بين أعضائه فوراً رئيساً مؤقتاً لمصر، قبل الشروع في تشكيل لجنة كتابة الدستور الدائم للبلاد، وعلى أن يعقب الدستور، انتخاب برلمان ورئيس للجمهورية. وقد جاء مطلبه متزامناً مع ارتفاع الأصوات، المنادية في "ميدان التحرير" والميادين الأخرى، بتسليم السلطة للمدنيين. قبل البرادعي وعلى مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، فإن الفقيه القانوني طارق البشري رئيس اللجنة التي كلفها "المجلس العسكري" بإعداد التعديلات الدستورية عقب قيام الثورة، دعا هو الآخر لاختصار مراحل وزمن انتخابات مجلس الشورى، يعقبها فوراً، تشكيل لجنة كتابة الدستور، وفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، وعلى أن تجرى "أولاً"، و قبل كتابة الدستور. وغير هذا وذاك، تنادت قوى الميدان، بتسليم السلطات الباقية مع العسكري، وهي سلطات رئيس الجمهورية إلى "رئيس البرلمان" فوراً، ويتولى هذا الأخير سلطات رئاسة الجمهورية، إلى جانب رئاسته للبرلمان، مع ملاحظة أن رئيس البرلمان "إخواني". المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري، وعقب محاولات اقتحام وزارة الداخلية، في شهر نوفمبر الماضي، والمعروفة إعلامياً بـ"موقعة محمد محمود"، كان قد تعهد في شهر نوفمبر الماضي بتسليم سلطات البرلمان فور انعقاده، وهو ما حدث بالفعل يوم 23 من شهر يناير الحالي، أثناء انعقاد أولى جلسات البرلمان. كما تعهد المشير يومها بإجراء انتخابات الرئاسة قبل نهاية شهر يونيو المقبل، وعارضاً أن يتنحى "العسكري" فوراً عن السلطة، إذا وافق الشعب على ذلك عبر استفتاء عام. هكذا يبدو المشهد السياسي المصري مرتبكاً بشدة، وتُمزقُه الانقسامات الحادة، وربما أن كل هذا الارتباك، يرجع إلى أن الانتخابات البرلمانية جرت قبل كتابة الدستور. إذ المُعتاد هو أن يكون إعداد الدستور أولاً، كي يتحدد النظام المراد والأسس التي يقوم عليها، وشكل الحياة التي يريدها المجتمع، وبعدها تكون "الانتخابات" لإعادة بناء مؤسسات الدولة بما يتوافق مع الدستور الجديد، إلا أن لجنة البشري وبدلاً من ذلك، جعلت الانتخابات أولاً قبل الدستور، وهو ما جاء لمصلحة "الإخوان"، إّذ أن الأحزاب القديمة كلها تكاد تكون سقطت مع النظام، بينما الجديدة والثورية تحتاج إلى وقت للتواجد. وعودة لـ"مطلب" البرادعي بتعيين رئيس مؤقت للجمهورية، وكتابة الدستور، ثم حل البرلمان، بدلاً من الرئيس، الذي ينتخبه الشعب مباشرة قبل نهاية شهر يونيو المُقبل، طبقاً لتعهد المشير، فهذا الذي يطلبه البرادعي يتعارض بشدة مع الإعلان الدستوري القائم حالياً، ويفتح الباب واسعاً لصراعات قد تكون مصحوبة بالعنف، نتيجة هدم ما تم بناؤه، والبدء من نقطة الصفر. ذلك أن الإخوان، والسلفيين، والجماعة الإسلامية، والذين يمتلكون نحو 70 بالمائة من مقاعد البرلمان، يتوافقون مع المجلس العسكري، ويؤيدونـه، فيمـا قرره مـن إجراء لانتخابـات الشـورى، وكتابـة الدستور، ثم رئاسة الجمهورية في موعدها المقرر، قبل نهاية يونيو القادم. وهذه "القوى الإسلامية" أعلنت مؤخراً، أنها لا ترغب ولا تنوي الصدام مع العسكري، كما أنها لا تقبل "مطلب البرادعي" لأنه يعني "حل البرلمان" وتجريدها من إنجازها بالاستحواذ على الأغلبية البرلمانية، وهي لا توافق أيضاً على فكرة الرئيس المؤقت للجمهورية. سعيد السني - كاتب مصري ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©