الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزة.. تداعيات خطيرة للحصار الاقتصادي

غزة.. تداعيات خطيرة للحصار الاقتصادي
8 أغسطس 2007 01:09
عندما ترتفع درجات الحرارة وتجعل رطوبة الساحل المزعجة من الخروج من البيت محنةً حقيقية، يعد مازن المصري عادة واحداً من سكان غزة القلائل الذين تعلو محياهم الابتسامة· أما اليوم، فإن وجه ''المصري'' يبدو مكفهراً متجهماً بسبب كساد مصنع الآيس كريم الذي يملكه إذ يقول: ''هذه عادة هي أفضل فترة من السنة· ولكنني حين أذهب إلى المصنع هذه الأيام، يكاد قلبي يتوقف عن النبض''· هذا المصنع يعد واحداً من أقدم المشاريع الصناعية في قطاع غزة؛ غير أن آفاقه المستقبلية تذوب تحت حصار اقتصادي إسرائيلي يحول دون وصوله إلى الضفة الغربية، التي تمثل سوقه الرئيسية، وسوقاً لمنتجات الألبان والشوكولاته اللازمة لصناعة الآيس كريم· والواقع أن معاناة ومشكلات هذا المصنع ليست سوى نموذج لما تعانيه العشرات من المشاريع التجارية في غزة، ما تسبب في ضياع الوظائف في مجتمع حيث يعتمد ثمانون في المئة من السكان على المساعدات الخارجية· إذ تأمل الولايات المتحدة وإسرائيل أن تترجَم هذه المعاناة الاقتصادية إلى إحباط يصيب حركة ''حماس'' التي تحكم القطاع وقتل للتأييد الشعبي لها· أما بخصوص احتمال حدوث ذلك، فتلك مسألة غير مؤكدة· بالمقابل، فإن المؤكد هو أن هذه السياسة تزيد حالياً من مشاعر الغضب تجاه إسرائيل والولايات المتحدة بين السكان، وتغذي الفقر الذي يقول عنه بعض المحللين إنه ساهم في صعود ''حماس''، التي بسطت سيطرتها الكاملة على القطاع في يونيو الماضي بعد اقتتال قصير مع حركة ''فتح'' التي ينتمي إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس· ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يسمحون بدخول المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع- وإن كان الكثيرون من سكان غزة يتحدثون عن نقص في الأدوية- ولكنهم يقولون إنهم سيفرضون قيوداً على دخول القطاع والخروج منه طالما استمرت ''حماس'' في السيطرة على القطاع، ولم توقف هجماتها ضد إسرائيل· يوم الاثنين الماضي، منح رئيس الوزراء الإسرائيلي دفعة رمزية لحكومة الرئيس عباس حين التقى به في مدينة أريحا بالضفة الغربية· ويندرج هذا اللقاء في إطار سلسلة من اللقاءات التي ترمي إلى الإعداد لمؤتمر سلام في الشرق الأوسط يرتقب عقده في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل· وفي هذا السياق، قال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات يوم الاثنين الماضي إن الفلسطينيين يأملون أن يرسم الزعيمان ملامح اتفاق سلام نهائي من أجل تقديمه للمؤتمر· أما المواضيع الأربعة الرئيسية، فهي حدود الدولة الفلسطينية، وتقسيم القدس، وإزالة المستوطنات الإسرائيلية، ومصير اللاجئين الفلسطينيين· غير أن أولمرت اقترح خفض الوتيرة وقال:''جئت إلى هنا لأناقش المواضيع الأساسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، على أمل أن يقود ذلك قريباً إلى مفاوضات حول تأسيس دولة فلسطينية''· أما في غزة، فإن تأثيرات الحصار سريعة· وفي هذا الإطار، أخبر ''مايكل ويليامز''، منسق جهود الأمم المتحدة في المنطقة، مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي بأن 75 في المئة من المصانع أقفلت أبوابها منذ أن سيطرت ''حماس'' على القطاع· ونقل عن البنك الدولي بيانات تفيد بفقدان 68000 وظيفة منذ يونيو الماضي في القطاع المكتظ الذي يبلغ عدد سكانه المليون ونصف المليون· والواقع أن التأثيرات السريعة للحصار ليست بالأمر المفاجئ؛ ذلك أن إسرائيل تمنع التجارة عبر البحر؛ ولا يوجد بالقطاع أي مطار؛ هذا في وقت تغلق فيه إسرائيل المعابر التي تصل القطاع بها وبمصر، ولا تسمح بمرور شيء باستثناء المساعدات الإنسانية· ولذلك، يعبر رجال أعمال في غزة مثل ''المصري'' عن يأسهم وإحباطهم· فمنذ يونيو، سرَّح ''المصري'' 150 موظفا -أي أزيد من نصف القوة العاملة بالمصنع- وخفض الإنتاج بنحو 80 في المئة، وهو ما يجعله مستغرقاً في التفكير في طريقة لاقتراض المال من أجل تسديد الفواتير؛ حيث يقول إن المبيعات بلغت نحو 10 ملايين شيكل (2,5 مليون دولار) العام الماضي· أما بخصوص هذا العام، فيقول: ''سنعتبر أنفسنا محظوظين إذا تمكنا من بلوغ مليوني شيكل''· وإضافة إلى مصنعه في مدينة غزة، كان ''المصري'' وشركاؤه يمتلكون مشروعين في منطقة ''إيريز'' الصناعية على الحدود بين غزة وإسرائيل-واحد لصنع الآيس كريم للسوق العربية-الإسرائيلية، والآخر مشروع مشترك مع إسرائيليين يهود يصنعون الآيس كريم لليهود المتدينين· غير أن المصنعين أُغلقا بعد أن أُغلقت المنطقة في 2004 بسبب تواصل الهجمات الفلسطينية في المنطقة· ويقول ''المصري'' في هذا الصدد: ''كنت دائماً مستعداً للمتاجرة مع إسرائيل، وكنت فخوراً بسمعة منتوجنا في السوق الإسرائيلية· وقد كنت مستثمراً كبيراً في إيريز· أما اليوم، فأعامَل كإرهابي''· تعاني التجارة الكثير أيضاً بسبب انتشار الحواجز ونقاط التفتيش· فعندما أسس المصري مشروعه في أواخر الستينيات، كانت شاحنات ''العروسة'' تنقل الآيس كريم مباشرة إلى المحلات التجارية في الضفة الغربية، ولكن تلك الأيام باتت من الماضي البعيد· فالحدود مغلقة اليوم بشكل كامل· والحقيقة أنه حتى قبل حدوث ذلك، كانت الشركة تضطر إلى نقل الآيس كريم عبر الشاحنة إلى الحدود الإسرائيلية حيث كانت تُفرغ حمولتها وتفتش، ثم تحول إلى شاحنة إسرائيلية، لتنقل إلى معبر قرني حيث تفرغ الحمولة وتفتش من جديد، قبل أن توضع في شاحنة فلسطينية من جديد وتنقل إلى المتاجر الفلسطينية· وهو ما ساهم في ارتفاع الكلفة بـ15 في المئة· من جهتها، لم تعد ''مجموعة يازجو للمشروبات الغازية'' ، التي تنتج أنواعا محددة من المشروبات الغازية في غزة منذ ،1962 تستطيع الحصول على غاز ثاني أوكسيد الكربون من إسرائيل· وفي هذا الإطار، يقول ''عمار يزجو''، ابن مؤسس الشركة: ''لا أحد يرغب في مشروب حلو من دون غاز''· ويقول إنه سرح 150 عاملاً حتى الآن، واحتفظ ببعضهم من أجل المياه المعبئة والعصير· ويقدر ''يزجو'' خسارته اليومية بـ10000 دولار إذ يقول:''إننا ناشدنا الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية المساعدة، ولكنهما غير مهتمين· وإذا كان 80 في المئة منا يعتمدون على المساعدات اليوم، فأعتقد أنهم سيكونون سعداء عندما يصبح الرقم 100 في المئة''· ويضيف:''انظر، أنا رجل أعمال وأرغب في السلام مع إسرائيل، غير أن كل ما عشناه منذ أوسلو هو التدهور المستمر· أعتقد أن ما لا تفهمه إسرائيل هو أن ما يخلق ''فتح''، وما يخلق ''حماس''، هو الاحتلال والأوضاع مثل هذه التي نعيشها اليوم''· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في قطاع غزة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©