الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الأميركية- الروسية... ما بعد «ستارت» الجديدة

العلاقات الأميركية- الروسية... ما بعد «ستارت» الجديدة
5 فبراير 2011 22:03
اجتازت معاهدة ستارت الجديدة الخاصة بخفض الأسلحة النووية، وهي من أهم المعاهدات الاستراتيجية التي وقعت عليها روسيا والولايات المتحدة منذ الحرب الباردة، آخر العقبات يوم الأربعاء قبل الماضي بعدما نالت مصادقة الغرفة العليا في البرلمان الروسي، لتدخل بذلك حيز التنفيذ، وتصبح قانوناً ساري المفعول بعد توقيع الرئيس الروسي. وقد سبق للمعاهدة التي تهدف إلى خفض الترسانة النووية للبلدين بنحو 30 في المئة أن نالت مصادقة الغرفة السفلى في البرلمان الروسي يوم الثلاثاء الماضي بـ 350 صوتاً مقابل 96، علماً بأن أغلبية أعضاء الغرفة العليا التي تسمى أيضاً المجلس الفيدرالي يعينهم الكرملين، فيما لا يوجد سوى بعض أعضاء المعارضة في مجلس "الدوما" المنتخب. ويرى المراقبون أن مرور المعاهدة من البرلمان الروسي كان متوقعاً مقارنة بالكونجرس الأميركي الذي جادل طويلاً قبل الموافقة على تمريرها في جلسة الكونجرس المنتهية ولايته خلال الشهر الماضي. وعن هذا الموضوع يقول "بافيل زولوتاريوف"، نائب مدير معهد الدراسات الأميركية الكندية في موسكو: "لم يكن هناك أدنى شك في مصادقة مجلس الدوما الروسي على المعاهدة، لأنه كان من الواضح طابعها الإيجابي بالنسبة لروسيا"، مضيفاً "إن الاقتصاد الروسي غير قادر على مجاراة الولايات المتحدة في تطوير المزيد من الأسلحة النووية، كما أن الاتفاق بين الطرفين يمهد الطريق لإحلال الاستقرار الاستراتيجي على المستوى الدولي، هذا بالإضافة إلى إصلاح نظام التحقق المتبادل للترسانة النووية في البلدين". ولم يبقَ أمام المعاهدة بعد رحلتها الطويلة في دهاليز الكونجرس الأميركي وصولاً إلى البرلمان الروسي سوى توقيع الرئيس ميدفيدف عليها لتصبح بذلك قانوناً نافذاً. ولكن على رغم المصادقة النهائية على ستارت الجديدة ما زال البعض في الولايات المتحدة يشكك في المعاهدة ويبدي تحفظه إزاء بعض البنود الواردة فيها، لاسيما الخوف من استخدام روسيا لما جاء في ديباجة المعاهدة، التي تربط تقليص الصواريخ الهجومية مع النظام الدفاعي الشائك، للحد من قدرة أميركا وحريتها على التحرك مستقبلاً وبناء نظام دفاعي يحمي أراضيها من صواريخ معادية، غير أن روسيا وقبل التصديق على المعاهدة من قبل مجلس "الدوما" يوم الثلاثاء الماضي سعت إلى قطع الطريق أمام أي تحرك أميركي انفرادي لتعديل نص المعاهدة وإقرار حق روسيا في الانسحاب إذا ما قامت الولايات المتحدة بالإخلال بالتوازن الدقيق في مجال الصواريخ الدفاعية، وهو ما عبر عنه "كوستانتين كوساشيف"، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس "الدوما" الروسي بقوله: "لن تنجح المعاهدة إلا إذا تقيدت الولايات المتحدة بجميع الشروط". هذا وقد صرح أوباما في وقت لاحق ضمن خطاب "حالة الاتحاد" بأن الاتفاق مع روسيا حول خفض الأسلحة النووية يؤشر على أن الجهود المبذولة في مجال الحد من الانتشار النووي تحقق نتائج إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح، قائلاً "إن القيادة الأميركية بذلت جهداً كبيراً لإنجاح المعاهدة وتسجيل موقفها الداعم للحد من الأسلحة النووية ومنع انتشارها"، مضيفاً أنه "بفضل انخراط الديمقراطيين والجمهوريين في هذا الجهد وتصديقهم على المعاهدة في الكونجرس فإننا لن نرى انتشاراً كبيراً للأسلحة النووية في العالم ومنصات إطلاقها". ولكن على رغم هذا التقارب الروسي الأميركي كما دل عليه التوقيع على اتفاقية صعبة أثارت العديد من الخلافات في البداية، إلا أنه ما زال الكثير أمام "إعادة ضبط" العلاقة بين البلدين كما تتمنى ذلك إدارة أوباما التي كانت أول من تحدث عن ضرورة التقارب مع موسكو. وفي هذا الإطار يقول "فيودور لوكاينوف"، رئيس تحرير دورية "روسيا في الشؤون الدولية" ذائعة الصيت "إنه بالتوقيع على معاهدة ستارت الجديدة لم يعد هناك شيء في أجندة البلدين لمزيد من التقارب، بحيث يتعين اليوم المرور إلى مستوى أعلى، وهو المستوى الذي تعرقله الظروف الداخلية لكل دولة على حدة، والضغوط السياسية التي تتعرض لها القيادة في البلدين، إذ من المتوقع أن تنشغل الإدارتان في واشنطن وموسكو بالقضايا الداخلية". ويبدو أن ما ذهب إليه رئيس التحرير الروسي صحيح إلى حد بعيد إذ تواجه الإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة صعود "الجمهوريين" في الكونجرس وحصولهم على أغلبية المقاعد في مجلس النواب، ما سيصعب من مهمة أوباما في تمرير مبادرات جديدة تجاه موسكو، هذا في الوقت الذي تشهد فيه روسيا انتخابات مجلس "الدوما" في شهر ديسمبر المقبل وتتعبها بعد ذلك بثلاثة أشهر انتخابات رئاسية، ومن المتوقع أن يهيمن على الساحة السياسية الداخلية في روسيا التنافس المحتدم بين الرئيس ديمتري ميدفيديف ورئيس الحكومة فلاديمير بوتين للفوز بتزكية المؤسسة الرسمية في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولعل من القضايا العاجلة المطروحة بين البلدين البحث عن حل لخطة "الناتو" الهادفة لإقامة درع مضادة للصواريخ في أوروبا التي تنظر إليها بكثير من التوجس. وفيما عدا ذلك هناك أيضاً العديد من القضايا العالقة بين البلدين التي يتعين معالجتها لتمتين التقارب مثل التعاون الروسي في أفغانستان، والإسهام في تعزيز جهود السلام في الشرق الأوسط، فضلاً عن معالجة الاختلالات المالية على الصعيد العالمي. وهذه المواضيع وغيرها يشير إليها "بيوتر رومانوف"، الخبير في وكالة الأنباء الروسية الرسمية بقوله: "إن التصديق على معاهدة ستارت الجديدة يفتح آفاقاً جديدة للبحث عن حلول للقضايا المتعددة المطروحة للنقاش بين البلدين، ويبدو أننا تجاوزنا إحدى العقبات لنتفرغ للباقي". فريد وير موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©