الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عقارات قطر.. وفرة "الفاخر" وندرة "المتوسط"

عقارات قطر.. وفرة "الفاخر" وندرة "المتوسط"
9 أغسطس 2007 00:09
حذر مستثمرون وخبراء عقاريون من مخاطر استمرار الخلل النوعي في سوق الاستثمار العقاري القطرى الذي يركز حاليا على المباني والمنتجعات الفخمة من قصور وفيلات وابراج على حساب الشقق السكنية المتوسطة التي تلبي القطاع العريض من الطلب على العقارات في قطر· وقالوا ان نقص المعروض من المساكن المتوسطة ادى الى جنون اسعار الايجارات لدرجة جعلت الدوحة من اغلى مدن العالم في تكاليف السكن في العامين الاخيرين، فضلا عن ارتفاع اسعار الاراضي بنسب تتراوح مابين 500 و800 %، مما دفع المستثمرين سواء كانوا شركات او افراد الى العزوف عن بناء المساكن المتوسطة لعدم ربحيتها والاتجاه الى الاستثمار في المدن الترفيهية والمنتجعات السياحية· ورغم انتباه الدولة لمخاطر الظاهرة وقيامها بدعم احدى الشركات العقارية ''بروة العقارية'' لبناء 2000 وحدة سكنية متوسطة، الا ان الخبراء اعتبروا ذلك غير كاف لحل ازمة الاسكان الحالية مطالبين بتدخلات اكثر شمولية لضمان استقرار السوق العقاري بشكل كامل· تشهد قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات طفرة عمرانية غير مسبوقة، الا ان هذا الزخم العمراني لم ينجح حتى الان في وضع حلول حاسمة أو مؤقتة لمشكلة ارتفاع الايجارت السكنية، لدرجة ان الشقة المكونة من حجرتين يتراوح ايجارها الشهري ما بين 5 الى 7 الاف ريال ـ الدولار يساوي 3,64 ريال· وتتعدد أسباب ارتفاع الايجارات في قطر، وفي مقدمتها عدم التوازن بين العرض والطلب في سوق العقارات، فضلا عن زيادة المعروض من المساكن الفخمة وندرة المساكن المتوسطة، مما دفع احد الخبراء الى وصف السوق العقاري القطري بانه سوق ''اعرج'' يسير على قدم واحدة· وبالطبع ادى ارتفاع الايجارات الى زيادة جنونية في اسعار الاراضي تراوحت ما بين 500 و800 %، حتى ان الزيادة في اسعار الاراضي وصلت الى المناطق التي كان يعتبرها البعض بعيدة كل البعد عن الاستثمار العقاري، مثل أم صلال ولوسيل وغيرها من المناطق المحيطة بها· ورغم ارتفاع تكاليف البناء نتيجة الزيادة المستمرة في أسعار حديد التسليح والاسمنت، الا أن ''جنون'' أسعار الأراضي كان السبب الرئيسي في اتجاه شركات الاستثمار العقاري الى بناء القصور والفيلات والابراج السكنية حتي تستطيع تحقيق عوائد تغطي تكاليف البناء، فضلا عن تحقيق هامش ربح لا يقل عن 15 %· مثلما حدث منطقة الدفنة والخليج الغربي يطلق عليها البعض ''أرض الابراج''، ويتوقع مستثمرون وسماسرة عقارات أن يصل عددها خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 250 برجاً بتكلفة تتجاوز 30 مليار ريال· ويأتي توجه عشرات المستثمرين في قطر مؤخرا إلى تشييد الابراج لاكثر من سبب: ''لكونها تحقق عوائد مستقرة تتراوح ما بين 15 و20%، متزامنا مع انخفاض العوائد البنكية إلى حوالي 2% وهو ما يشجع المستثمرين على الاتجاه للعقارات وفي مقدمتها الابراج التجارية والسكنية· كما أن الفائض المالي وندرة الاراضي كانت أسبابا إضافية في انتشار ظاهرة الابراج السكنية والادارية لمعالجة مشاكل الاسكان المستشرية منذ نحو ثلاث سنوات· وهناك توقعات بان تتجاوز قيمة مشاريع البناء في قطر 80 مليار ريال خلال السنوات الثلاث المقبلة· وفي اتجاه مواز لاقامة الابراج السكنية الشاهقة يجري حاليا تنفيذ مجموعة من المشاريع العقارية الضخمة التي من شأنها ان تغير وجه العاصمة تماما، مثل مدينة لوسيل وبروة الخور ومدينة الوعب، الى جانب الابراج السكنية في جزيرة اللؤلؤة - قطر، وقدر الخبراء تكلفة هذه المشروعات بنحو 100 مليار ريال· ويقول المهندس فلاح مطر، مدير عام شركة الدار للعقارات، إن اختلاف النمو بين العرض والطلب في العقارات يؤدي إلى ضغوط على مستوى الإيجارات، مشيرا الى ان الاستثمار العقاري في الفترة الحالية يعتبر سوقا ''اعرج''، حيث يتركز على الاسكان الفاخر وهذا يؤدي الى مخاطر على مستقبل الاستثمار في القطاع العقاري، خاصة عندما يصل معدل النمو بين العرض والطلب الى نسب متفاوتة، وهو ما ينعكس بدوره في شكل ضغوط على معدل نمو الايجارات· ويشير مطر الى أن انقسام سوق الوحدات السكنية الى قطاعين منفصلين تماماً، الأول يسمح بتملك الاجانب للشقق الفاخرة في المشروعات الكبرى للاستثمار العقاري، والثاني مخصص لتلبية احتياجات اصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة على اساس نظام الايجار، وترتب على ذلك نموا في العرض ضمن القطاع الأول ونمواً في الطلب ضمن القطاع الثاني، الأمر الذي نجم عنه ارتفاع ايجارات الشقق والمساكن رغم النمو الهائل في حجم الاستثمار العقاري· ويضيف قائلا: ''بقدر ما يؤدي هذا الاختلاف في النمو بين فئات الطلب وفئات العرض الى ضغوط على مستوى الايجارات، فانه يحمل مخاطر اكبر على صعيد مستقبل الاستثمار العقاري في حال وصول العرض للوحدات السكنية الفاخرة التي تطرح للتملك الى مرحلة الفائض وتراجع عائدها الاستثماري الى مستويات قد تؤثر سلبا في القطاع العقاري، ويمتد تأثيرها بالتالي إلى معظم قطاعات الاقتصاد بحكم دور الاستثمار العقاري كمحرك رئيسي لعجلة الاقتصاد· وحول اسباب توجه شركات الاستثمار العقاري الى البناء الفاخر، يقول ان السبب الاول والرئيسي هو ارتفاع تكاليف البناء نتيجة زيادة اسعار الاراضي بمعدلات تتراوح ما بين 300 ـ 800 %، وكذلك النمو الكبير في معدل دخل الافراد، بالاضافة الى ارتفاع الطلب على العقارات نتيجة زيادة عدد المقيمين للعمل في المشروعات الاقتصادية الجديدة، علاوة على ان اعادة تنظيم مدينة الدوحة ادى الى هدم عدد كبير من الاحياء السكنية القديمة، الامر الذي جعل سكان هذه الاحياء سواء كانوا مواطنين او مقيمين ينضمون الى طابور الباحثين عن سكن· وقال ان الحكومة تنبهت لهذه المشكلة مبكرا، ولذلك دفعت شركة بروة العقارية لبناء 2000 وحدة سكنية بعد توفير الارض اللازمة باسعار معقولة بهدف تحقيق التوازن المفقود في سوق العقارات القطري. ويقول فهد الغنيم، رئيس مجلس الادارة والمدير التنفيذي لشركة قطر الاولى للاستثمار العقاري، ان توجه السوق العقاري باغلبيته نحو تطوير المدن السكنية التي تستهدف ذوي الدخول المرتفعة ساهم بطريقة غير مباشرة في زيادة النقص في المساكن المتوسطة، وهو الامر الذي خلق نوعا من عدم التوازن بين العرض والطلب في نوعية المساكن بسوق العقارات القطري مما شكل ضغطا جديدا على اسعار الايجارات العقارية بشكل عام والمساكن المتوسطة بكل خاص· ويتفق حسن بن حسن الملا الجفيري، صاحب شركة للاستثمار العقاري، مع الرأي السابق ويقول: منذ سنوات قليلة لم تكن هناك اي ازمات وكانت العقارات متوفرة للجميع بل ان المعروض من العقارات كان اكثر من الطلب بمراحل كبيرة، وانا لا اقصد الشقق فقط او الفيلات فقط بل ان الوفرة كانت تشمل كافة انواع العقارات، ولكن بسبب النهضة العمرانية زاد عدد المشروعات الاستثمارية وبالتالي ارتفع عدد المقيمين في قطر، وهو الامر الذي ادى في النهاية الى زيادة الطلب على العقار، ولان العرض كان محدودا فقد ارتفعت الايجارات بشكل غير مسبوق، فضلا عن ارتفاع اسعار الاراضي· اما مجدي فهمي، خبير تسويق عقاري، فيؤكد أن ارتفاع اسعار الاراضي جعل الجميع يحجمون عن الاستثمار في المساكن المتوسطة، لان هذه النوعية من المباني لن تكون مربحة بالنسبة لهم بل انها لن تغطي تكاليف بنائها، مؤكدا ان الحل الآن يكمن في تحقيق التوازن بين العرض والطلب في المساكن المتوسطة، ولن يحدث ذلك الا بتدخل مباشر او غير مباشر للدولة· واشار إلى أن تجربة قيام شركة بروة العقارية ـ بعد الحصول على الارض من الدولة باسعار معقولة ـ ببناء اكثر من 2000 وحدة سكنية هي بمثابة خطوة على الطريق· واقترح ان تتدخل الدولة اما بتوفير الاراضي بسعر معقول للشركات والافراد العاملين في الاستثمار العقاري او ان تقوم كل وزارة او هيئة حكومية بتوفير وحدات سكنية جديدة للعاملين فيها، مؤكدا ان كل هذه الاجراءات ستخفف من حدة الطلب على العقارات المتوسطة الى ان يصل السوق الى مرحلة الاستقرار والتوازن بين العرض والطلب على هذه النوعية من العقارات·
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©