الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأولمبياد تعيد هيكلة بكين وسط احتجاجات المحافظين

الأولمبياد تعيد هيكلة بكين وسط احتجاجات المحافظين
9 أغسطس 2007 00:30
لم يتصور أحد أن يذهب الطموح بالصينيين إلى قلب عاصمة بلادهم الضخمة بكين رأساً على عقب استعداداً للألعاب الأولمبية التي ستنظم هناك في أغسطس من العام المقبل· ويبدو واضحاً بالنسبة للخبراء والمحللين المتابعين للنهضة الشاملة التي تشهدها الصين أن هذا الحدث الرياضي المهم لا يمثل بالنسبة للصينيين أكثر من ''حجّة واهية'' لإطلاق عملية ضخمة يمكن أن تجعل من عاصمتهم معلماً يبدو وكأنه جزء من حضارة كونية بعيدة· وإذا كان من المألوف أن نرى المنشآت الرياضية الضخمة التي تقام في كل بلد تحل فيه هذه الألعاب رحالها، فإن الأمر يختلف بالنسبة للصينيين الذين اختاروا تشييد أروع استادات الألعاب والمسابح الأولمبية في مراكز مجموعة من الحواضر المعمارية الجديدة الضخمة ذات التصميمات الهندسية الباهرة التي يمكنها أن تسحر الزوّار والسياح· وتحيط بهذه المنشآت الواسعة الحدائق الخلابة والمساحات العشبية· وتفتقت أذهان المهندسين الصينيين عن تصميم مراكز تسوّق ضخمة ومنتشرة في العديد من الأماكن وتعلوها شاشات واسعة لعرض صور الفيديو والفواصل الإعلامية والإعلانية· وكانت الألعاب الأولمبية بالنسبة للصينيين فرصة لا يجوز تفويتها لإعادة تصميم أنظمة النقل والمواصلات في عاصمتهم المكتظة بالسكان· ويشير تقرير نشرته ''نيوزويك'' في عددها الأخير إلى أن بعض المراقبين يشبهون هذه الثورة التطورية والعمرانية الشاملة التي تشهدها بكين الآن، بالحملة الكبيرة التي أطلقها البارون هوسمان لإعادة بناء باريس في عام 1865 واستمرت حتى عام 1887 وانتهت إلى تطوير كافة المظاهر العمرانية للمدينة وخاصة الأحياء المركزية التي أنشئت فيها الشوارع العريضة بما فيها تلك التي نراها اليوم في وسط العاصمة الفرنسية· وتتم الآن إعادة تصميم شارع مركزي يبلغ طوله 8 كيلومترات يربط بين ما يسمى ''المدينة المنسيّة'' في بكين والمنشآت التي ستستضيف الألعاب الرياضية، وهي المنطقة التي تعتبر منذ بضعة قرون القلب المركزي للعاصمة الصينية· ولم يكن غائباً عن أذهان المهندسين الذين يشرفون على إنجاز هذا العمل المعماري الضخم أن يضعوا في اعتبارهم مسألة الحفاظ على المظهر التراثي والتقليدي للعاصمة· ويجري العمل الآن على قدم وساق في مجموعة من المباني والمنشآت التي تبدو من حيث ارتفاعها وكأنها نسيت أن تتأثر بقوة الجاذبية الأرضية، وهي من تصميم مجموعة من مشاهير المهندسين العالميين· وكان من الواضح تماماً بالنسبة للمراقبين أن الصينيين يفضلون التميز والتفرّد عندما يتعلق الأمر بالمظاهر العمرانية والحضارية، ولهذا السبب فإنهم لم يبخلوا على أنفسهم في استدعاء أسماء عالمية لامعة في التخصصات الهندسية المختلفة· وأوعزت الدوائر الحكومية إلى المهندسين الصينيين الشبان للعمل إلى جانب أولئك المبدعين حتى يكتسبوا منهم الخبرة· ونظراً لاستحالة إنجاز مثل هذه المشاريع الكبرى من دون مشاكل وعراقيل، فلقد تصاعدت في العاصمة الصينية أصوات المحافظين في حملة احتجاج ضد التضحية بسحر المعالم التاريخية القديمة التي تنتشر وسط العاصمة مقابل بناء صروح معمارية هائلة الارتفاع ولكنها لا تعني بالنسبة لهم شيئاً من النواحي التاريخية· ويضاف إلى ذلك أن هذه المنشآت لا بد أن تكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة كان من الممكن إنفاقها على المشاريع التنموية وفقاً لما يقوله المعارضون· إلا أن الأمر لا يحمل مثل هذه الصورة القاتمة بالنسبة للمتفائلين الذين يعتقدون أن الألعاب الأولمبية هي فرصة نادرة لتعريف العالم أجمع بالنهضة الحضارية والصناعية التي تشهدها الصين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©