الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران.. هل تهدد الأمن الأفغاني؟

9 أغسطس 2007 04:30
لقد أثار توسيع إيران لنفوذها بعيداً عن حدود أراضيها في العراق، إلى جانب سعيها الحثيث نحو تحقيق تطلعاتها النووية، اهتمام ويقظة كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا· والآن فقد أضيف إلى ذلك الاهتمام، دورها في الشريط الحدودي الفاصل بينها وأفغانستان· يذكر أن طهران كانت مصدراً لخلاف نشب بين الرئيس بوش ونظيره الأفغاني حامد قرضاي، أثناء لقائهما الأخير بكامب ديفيد· وكان حامد قرضاي قد صرح لشبكة ''سي· إن· إن'' قبل مدة قصيرة من لقائه الرئيس بوش، واصفاً طهران بأنها عون لبلاده وحل لبعض المصاعب التي تواجهها· بيد أن عدداً من المسؤولين الرئيسيين في إدارة بوش، لا يوافقون بوش في التصريح الذي أدلى به في السادس من شهر أغسطس الجاري، قائلاً إنه تقع على إيران مسؤولية إثبات أنها ليست قوة مزعزعة لأمن أفغانستان· ومن رأي بعض الخبراء والمسؤولين الأفغان، أن وجهتي النظر كلتيهما قد تكونان صحيحتين، لكونهما تعكسان حساسية الدور الإيراني في لعب دور مزدوج على صعيدين في وقت واحد، أي أن تدعم حكومة قرضاي وتعينها على تثبيت أقدامها أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها، في ذات الوقت الذي تحرص فيه على خدمة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة· غير أن تسريب الأسلحة الإيرانية الصنع إلى أفغانستان، إضافة إلى تزايد أنشطة التمرد على الشريط الحدودي الفاصل بين أفغانستان وإيران، قد مثلا رسالة أمنية واضحة لعيون الغرب بالذات· وكما قال ''أمين ترزي''، مدير برامج الدراسات الشرق أوسطية في جامعة ''مارين كوربس''في كوانتكو بولاية فرجينيا، فإن لسان حال المسؤولين الإيرانيين يقول:''ها نحن نتعاون معكم هنا على الأرض في أفغانستان، بيد أن في وسعنا أن نحدث لكم فيها فوضى تفوق ما يجري في العراق بكثير، في حال مواصلة أوروبا وأميركا إثارة التهديدات باتخاذ إجراءات معادية لطهران، عقاباً لها على برامجها النووية· ومنذ انهيار نظام طالبان في عام ،2001 ظلت إيران جاراً معيناً لأفغانستان، سواء بحفاظها على السلام على امتداد حدودها المشتركة معها، أم بتعهدها بتنفيذ عدد من المشروعات التنموية في محافظة هيرات الحدودية القريبة من أراضيها· ومن رأي ''سلطان أحمد باهين''، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأفغانية، فقد استفادت إيران من سقوط نظام ''طالبان'' هي الأخرى، خاصة وأنها كانت على وشك الدخول في حرب مع كابول عام ·1998 وعلى رغم الحرص الواضح الذي تبديه كابول في المحافظة على متانة علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها القوية إيران حالياً، إلا أن هناك من المسؤولين في كابول من يشكك في أن تكون طهران تحاول اللعب والتدخل في الشؤون الأفغانية في أكثر من جهة بقصد تعزيز نفوذها، سواء داخل أفغانستان أم في علاقاتها مع الدول الغربية التي لا تزال قواتها مرابطة في أفغانستان· ذلك هو ما عبر عنه محمد رفيق شهير، رئيس ''مجلس المهنيين'' وهو هيئة تضم عدداً من المحللين والمستثمرين في محافظة ''هيرات''· ويتلخص هذا الدور، في أن السياسة الأولى التي تتبناها طهران هي دعم الحكومة الأفغانية القائمة حالياً، لأنها تفضلها على نظام ''طالبان'' السُني المتطرف· أما السياسة الثانية، فهي لعب دور معاد للسياسات الأميركية في المنطقة· ولذلك فإن إيران لن تألو جهداً في فعل كل ما من شأنه إلحاق الهزيمة بأميركا· ومن جانبهم نفى المسؤولون الإيرانيون مراراً هذه المزاعم، خاصة وأنه قد أصبح في عرف كابول إلقاء اللوم والمسؤولية عما يحدث فيها داخلياً من قلاقل واضطرابات على ما تسميه بالتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية· يجدر بالذكر أن مزاعم شبيهة تثار بحق باكستان المجاورة أيضاً، حيث تنظر كابول إلى أجهزتها الاستخباراتية باعتبارها ضالعة في تمويل وإيواء قادة حركة طالبان المتمردة· لكن وخلافاً لما هي عليه النظرة لإسلام أباد، فقد ظلت علاقة كابول بطهران علاقة ودية طوال السنوات الست الماضية، إن لم تكن استثنائية كذلك· ولعل هذا ما منع الرئيس الأفغاني حامد قرضاي، من الدخول في حرب مراشقات كلامية مع قادة طهران، إذ ليس في مستطاعه إبعاد من ظل حليفاً وفياً له في محنة بلاده وآمال بنائها واستقرارها· وكما سبق القول، فإن هذا الموقف من جانب الرئيس، لم يمنع بعض مسؤولي حكومته من التعبير عن قلقهم وشكوكهم في أن تكون طهران ماضية في بذل جهودها السرية الرامية إلى تعزيز نفوذها على بلادهم· وبعد مضي كل هذه السنوات من حسن النوايا بين البلدين الجارتين، فإن هذه الانتقادات والشكوك الأخيرة المثارة حول طهران، إنما تشير إلى بدء تحول ما في علاقات الجوار بين البلدين· وكما يقول بعض المسؤولين الأفغان، فإنه ليس ثمة برهان قوي يصعب دحضه، فيما يتعلق بتلك الجهود الإيرانية المشتبه بها، وأن النقيض هو الصحيح، خاصة وأن هناك الكثير من المؤشرات الداعمة لهذه الشكوك في السلوك الإيراني· وفي خلال الأسابيع القليلة الماضية، كان قد ارتفع صوت الكولونيل الأفغاني ''رحمة الله صافي''، القائد العام لشرطة الحدود المشتركة مع إيران، بالشكوى من سلوك هذه الأخيرة· فإلى جانب إلقاء قواته القبض على أسلحة إيرانية الصنع أثناء محاولة تسريبها عبر الحدود، يزعم هذا الكولونيل أن لطهران فرقة اغتيالات بقيادة ''يحيى خورتارك'' قائد المجاهدين سابقاً، مضيفاً أن هذه الفرقة تستهدف الزعماء المحليين بصفة خاصة· إلى ذلك أضاف مسؤولو أمن أفغان آخرون، أن لطهران معسكر تدريب إرهابيا، يقع قريباً من حدود بلادهم· بيد أنه يبقى من غير المرجح إطلاقاً أن تخطط إيران سراً للإطاحة بحكومة حامد قرضاي الحالية، حسبما يرى المحللون· والسبب هو أن الأقلية الشيعية الأفغانية تتمتع الآن في ظل حكومة كابول الحالية المدعومة من قبل الغرب، بنسبة تمثيل سياسي غير مسبوقة في تاريخ البلاد، مع العلم أنها لا تشكل سوى 12 في المئة فحسب من إجمالي تعداد السكان الأفغان· ولذلك فإنه ليس من مصلحة طهران الإخلال بهذا التوازن الطائفي السياسي الدقيق، الذي تتمتع به كابول في الوقت الراهن· محرر الشؤون الخارجية بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©