الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فول الصويا يهدد أرزاق الفلاحين في الارجنتين

فول الصويا يهدد أرزاق الفلاحين في الارجنتين
10 أغسطس 2007 00:22
يتجلى مشهد قطيع الماعز وهو يقتنص عيدان العشب للناظرين في المنطقة الواقعة إلى شمال إقليم كوردوبا بوسط الارجنتين، وما يكاد ترفع مجموعة من الماعز رؤوسها حتى تعيدها إلى العشب مرة أخرى، فيما وقف عدد آخر من الماعز بالقرب منها وعيونها نصف مغمضة· في غنتظار المجهول الذي يخبئه القدر في ظل تغول الشركات الزراعية وأصحاب رؤوس الموال في زراعة فول الصويا واستخراج المنتجات المصنعة منه في أراضي المراعي الخضراء· ومالك هذه الحيوانات هو بنوبيرتو راميريز، البالغ من العمر 23 عاما، والذي يعيش في المنطقة الواقعة إلى شمال إقليم كوردوبا بوسط الارجنتين مع والديه وزوجته· وبامتلاكها لنحو مئة رأس من الماعز تستطيع الاسرة إنتاج اللحم والحليب والجبن والكريم كراميل الارجنتيني المصنوع من اللبن والسكر· غير أن هذا المشهد الذي يسوده الهدوء والسكينة يبدو خادعا إذ أن نوربيرتو ينتابه الخوف· فقد اشترت شركة أميركية أرضا قريبة· ولذا لجأ المزارعون إلى تشكيل حركة صغيرة تدافع عن حقوق المزراعين في المنطقة· والسبب في اتخاذهم هذا الموقف الدفاعي معروف في أماكن أخرى من العالم، حيث إنهم يسعون إلى منع الشركات ذات رؤوس الاموال الضخمة من تحقيق مكاسب سريعة على حسابهم· ويتم تحقيق المكاسب للشركات في الحالة الأرجنتينية من خلال زراعة فول الصويا· ويتزايد حجم صادرات الارجنتين كما أن اقتصاد البلاد يظهر معدلات نمو مشابهة لمعدلات النمو في الصين· ولعل العامل الرئيسي هو تصدير 44 مليون طن من فول الصويا سنويا، غير أنه مع احتفاء الرئيس نيستور كيرشنر بزيادة إيرادات الضرائب، أصبح الكثير من صغار الفلاحين يبذلون جهدا كبيرا لكي يجدوا قوت يومهم· فعمليات زراعة فول الصويا على مساحات شاسعة تهدد حياتهم، فضلا عن المبيدات الحشرية التي تدمر البيئة· كما أن الشركات الزراعية ذات رأس مال عالمي، وتدفعهم خارج أراضيهم· إضافة إلى ذلك فإن المسؤولين السياسيين والشرطة والنظام القضائي يفضل بصورة عامة الشركات ذات النفوذ، في حين يكون على صغار الفلاحين الدفاع عن أنفسهم· وهناك نحو 250 ألف أسرة من صغار الفلاحين ممن يعيشون في مناطقهم لأجيال عديدة، غير أن عددا منهم لا توجد معهم وثائق ملكية لاظهارها وهو ما يتيح الفرصة للدولة لبيع أراضيهم لكبار المزارعين· وفي بعض الاحيان يقدم المشترون للفلاحين وعودا بتعويضات أو مزايا أخرى، ويقوم بعد ذلك عدد من الفلاحين غير المتعلمين ببيع املاكهم بأقل من السعر، ليصل على الفور رجال الشرطة ومعهم أمر إجلاء· ويقول خبير علم الاجتماع دييجو دومينجويز: ''لا توجد هناك أرقام محددة لعدد من تم إجلاؤهم عن منازلهم''، إلا أنه أشار إلى أنه يعتقد أن ما بين 80 و100 ألف مزرعة اختفت خلال الفترة من عام 1988 وحتى عام ·2002 وأضاف: ''هناك عدد كبير من صغار الفلاحين المحاصرين بحقول زراعة فول الصويا لا يمكنهم مواصلة أعمالهم''· ومعظم عمليات الابعاد عن الاراضي غير قانونية ووزارة الزراعة في بيونس أيرس على علم بالمشكلة، غير أنه في الاقاليم ليس من النادر أن تجد شبكة فساد ومحاباة تضم رجال شرطة وسياسيين ومصالح أعمال لتقف أمام صغار الفلاحين الذين يتم في الاغلب رفض شكاواهم التي يقدمونها للشرطة المحلية وحتى إذا ما أصروا للمضي قدما للمحاكم فنادرا ما يتم احترام حقوقهم· ويرفض كبار المزارعين تحمل المسؤولية عن مصير نظرائهم من صغار الفلاحين، ويقول راكويل كامينوا، من غرفة الزراعة: ''إن مشكلة صغار الفلاحين لا صلة لها بزراعة فول الصويا''، مشددا عوضا على ذلك على أهمية زراعة الصويا من أجل دفع الاقتصاد· غير أن صغار الفلاحين أعربوا عن قلقهم إزاء كيفية زراعة فول الصويا، حيث إن نسبة 100 في المئة من محصول فول الصويا الارجنتيني معدل وراثيا، ويتم رشه بمبيدات حشرية لقتل كل النباتات باستثناء فول الصويا· ويشكو الفلاحون بالفعل من متاعب صحية، وعلى الرغم من أنه لا توجد دراسات رسمية إلا أن الاطباء أشاروا إلى أن هناك زيادة ملحوظة في أعداد الاطفال المشوهين وحالات الاصابة بامراض السرطان والحساسية وامراض التنفس ومشكلات الأعين· وقال دومينجويز، الذي يعمل بوزارة الزراعة، مازحا: ''أصبحت الارجنتين جمهورية فول الصويا'' على غرار ''جمهوريات الموز''، إلا أنه انتقد نفوذ شركات التصدير الضخمة على الاجندة السياسية· وحذر من أن ''زراعة فول الصويا يمكن أن تصبح بمثابة انتحار للزراعة في الارجنتين''، موضحا أن زراعة فول الصويا تعمل على تشتيت المزارع التي تقوم بانتاج اللحوم والخضراوات والالبان والارز لتدفع باسعار هذه المنتجات إلى أعلى· وأضاف أن الزراعة أصبحت تعتمد الان على التكنولوجيا أكثر من الايدي العاملة وقال: ''إننا نتجه إلى زراعة بلا فلاحين''·
المصدر: الأرجنتين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©