الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استرداد الفن الأوروبي من «السطو النازي»

2 مارس 2017 01:19
بالنسبة لـ«آن سنكلير»، الصحفية الفرنسية المرموقة وحفيدة تاجر الفنون الفرنسي- اليهودي «بول روزنبرج»، فإن القطع الفنية المعاصرة في المجموعة التي تقتنيها أسرتها تمثل التطورات الرئيسية في فن القرن العشرين: مثل مدرسة الرسم المتحرر، والمدرسة التعبيرية والمدرسة التكعيبية. بيد أنها أيضاً تشهد على ظلام ووحشية الهولوكوست. فبعد أن غزا أدولف هتلر فرنسا عام 1940، استولى النازيون على مئات الآلاف من الأعمال الفنية من جامعي وتجار الفنون اليهود، تقدر بنحو مائة ألف عمل فني وفقاً لتقديرات الحكومة الفرنسية، إلا أن الخبراء يقولون إن الرقم الحقيقي أكثر من ذلك بثلاث مرات على الأقل. وكان «روزنبرج»، وهو من أوائل المتحمسين لـ «بابلو بيكاسو» و«هنري ماتيس» و«جورج براك» من بين الأهداف البارزة. والعديد من أكثر الأعمال الفنية القيمة التي كان يقتنيها، ومن بينها لوحة رسمها بيكاسو عام 1918 لزوجة وابنة التاجر، شقت طريقها إلى أيدي «هيرمان جورينج»، المسؤول النازي رفيع المستوى والخبير في الفن المسروق. ومنذ وفاة جدها عام 1959، عملت سنكلير وأسرتها على استرداد أكبر عدد ممكن من الأعمال المفقودة من مجموعة مقتنيات روزنبرج - وكانت أحياناً تدخل في معارك قانونية طويلة. واليوم الخميس، من المقرر أن تفتتح «سنكلير» معرضاً في متحف مايول في باريس ويضم 66 لوحة كانت يوماً ما في معرض جدها. ولكن في أوروبا عام 2017، فيما ازدادت شعبية الأحزاب القومية - بما في ذلك في فرنسا – ترى «سنكلير»، التي تبلغ من العمر 68 عاماً حالياً، هذا العرض كتحذير لما يمكن أن يفعله هذا النمط من النظام إذا كان في السلطة. تقول «لأول مرة أفهم ما الذي اعتاد أجدادي ووالدي قوله عن حقبة ثلاثينيات القرن الماضي. هذا لا يعني القول « إننا نعيش في نفس النوع من اللحظة. إن الأمر مختلف. لكنني أشعر أنني أيضاً أواجه عالماً يبدو فجأة أجنبياً تماماً – وعالماً يزدري الثقافة». والمعرض – الذي أقيمت نسخة مبكرة منه في لييج، بلجيكا في فصل الخريف الماضي، يحمل عنوان «21 شارع لابوتيه»، وهو عنوان جاليري روزنبرج الأصلي في باريس وأيضاً العنوان الفرنسي لمذكرات «سنكلير». وفي مفارقة قاسية، حوَّل النازيون القصر الأنيق إلى ما أسموه «بمعهد دراسة المسألة اليهودية» أثناء الحرب. وقالت «سنكلير»: «لقد حاول النازيون تدمير الحضارة الأوروبية. ورأوا في الفن ما أرادوا مهاجمته، وتدميره». وهذا، كما أشارت، هو الهدف من استرداد وعرض هذه الأعمال الفنية – حتى أكثر من الحفاظ على ذكريات العائلة. وبالنسبة لـ«ايمانويل بولاك»، مؤرخة فنية تقيم في باريس، والتي أجرت العديد من الأبحاث حول لوحتين لماتيس أعيدتا لسنكلير وأسرتها، فإن مشروع الاسترداد هو مشروع فردي وجماعي على حد السواء. وهي تقول «عندما ترد لوحة، فإنك ترد هوية وأسرة وذاكرة – وكذلك ثقافة». وبعد أكثر من 70 عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية، فإن قصة هجوم النازيين على الفن الأوروبي معروفة جيداً. وبعد الحرب، قررت محاكمات نورمبيرج اعتبار النهب جريمة حرب، وبعد عقود من التأجيل، نجح عدد من قضايا الاسترداد البارزة. وفي عام 2006، على سبيل المثال، أجبرت الحكومة النمساوية على إعادة لوحة الفنان «جوستاف كليمت» الشهيرة «أديل بلوخ باور» - زوجة رجل الصناعة اليهودي الذي مات فيما بعد في المنفى بعد اضطهاد النازيين - إلى ابنة أخيه «ماريا ألتمان»، التي فرت إلى الولايات المتحدة وهي شابة وماتت عام 2011. وفي معظم الحالات، رغم ذلك، يكون الاسترداد هو الاستثناء وليس القاعدة. ويقع عبء الإثبات على عاتق المدعي بينما لا تقبل المؤسسات العامة التخلي عن الأعمال الفنية التي ظلت تحتفظ بها لعقود. ومما يزيد الأمور تعقيداً هو حقيقة أن عملا فنياً معيناً ربما يكون النازيون قد سرقوه من مالكه اليهودي الأصلي، ولكنه تم الاستحواذ عليه بشكل قانوني من قبل مشترٍ غير مرتاب بعد الحرب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القليل من المطالبين لديهم الوسائل للنضال في قضية قد تستمر أكثر من عشر سنوات. وعلى الرغم من افتتان الجماهير بقضايا الاسترداد، توقفت بعض الحكومات عن البحث بنشاط عن الأوروبيين الملاك الشرعيين للأعمال الفنية المسروقة. وتعد باريس على رأس هذه الحكومات، بحسب ما ذكرت «أجنيس بيريستيجي»، محامية في باريس ورئيسة لجنة استعادة الفن. ووفقاً لإحصائيات من وزارة الثقافة الفرنسية، فإن أكثر من 60 ألف عمل فني مسروق تم استردادها من ألمانيا بعد الحرب. وفي حين أن نصف هذا العدد تم استعادته من قبل ملاكه الأصليين في نهاية أربعينات القرن، احتفظت الدولة الفرنسية بالربع. * صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©