الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

"آسيا الوسطى".. دجاجة تبيض ذهباً

"آسيا الوسطى".. دجاجة تبيض ذهباً
11 أغسطس 2007 00:45
تقبع دول آسيا الوسطى اليوم بين العصا الروسية والجزرة التركية، بحيث تشكل هذه الدول الخمس (تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان) الحبل الذي تتجاذبه كل من موسكو وأنقرة وصولاً إلى حقول النفط والغاز الدفينة في أراضيها، هذا إذا لم ينشأ احتساب مطامع بعض الدول في هذه المنطقة التي تحوّلت ثرواتها الطبيعية إلى محور للتجاذب السياسي من قِبَل جهات عدّة ما دفعها إلى غياهب الفقر والتخلف الاقتصادي بدلا من أن تكون الثروات حافزاً للتقدّم والتطوّر العلمي والصناعي· وبين روسيا التي تحاول البقاء في المرتبة الأولى من الهرمية المعتمدة في آسيا الوسطى، وتركيا التي تريد لعب الورقة الآسيوية لإغراء الاتحاد الأوروبي للسماح لها بالانضمام إلى عضويته، يبدو أن دول وسط آسيا لها رأي مختلف في الموضوع·· فقد بدأ الدور التركي يتجلى في آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، في تحرّك يظهر من خلاله ان أنقرة تتجه نحو إعادة إحياء الامبراطورية العثمانية وتوسيعها لتصبح بذلك ورقة ''الجوكر'' والمدخل الأوروبي الرئيس إلى آسيا الوسطى، متشفية بذلك لكونها لم تحقق أمنيتها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لغاية الآن على الأقل· وفي المقابل، تحاول روسيا المضي في السياسة التي رسمتها والتي تقضي بالسيطرة على النفط والغاز الموجودين بكثرة في دول آسيا الوسطى، ما يخولها إمساك زمام الأمور السياسية والاقتصادية في هذه الدول، في محاولة منها للتنعّم بالأمجاد الغابرة للاتحاد السوفييتي المنهار· لكن·· وحسبما هو ظاهر، فإن دول آسيا الوسطى ليست من السذاجة لكي تقبل باستبدال الهيمنة الروسية بالسيطرة التركية، وأقله فإنها تريد اختبار القليل من حرّية التصرف بمواردها الطبيعية بعدما حرمت من ذلك لسنوات طويلة بسبب المطامع الدولية المتعددة الجنسية، ولكن هل ستنجح في تحقيق ذلك، خصوصاً وأن روسيا قد عقدت صفقة مع تركمانستان للحصول على صادراتها من الغاز حتى العام ،2009 فيما وافقت كازاخستان على بيع صادراتها إلى موسكو حتى خمس سنوات من الآن، وتمكنت مؤسسة ''غازبروم''، التي تملكها الحكومة الروسية، من حجز معظم أنابيب ''الترانزيت'' في اوزبكستان للسنوات الثلاث المقبلة· البعض يقول إن المدد ليست طويلة جداً، وهي قد تمنح دول آسيا الوسطى الوقت الكافي لرسم خطط جديدة لصادراتها من النفط ومشتقاته في المستقبل· ويدور النقاش في الدول الكبرى، حالياً، حول مدّ أنابيب النفط والغاز من وسط آسيا إلى أوروبا ومنها إلى الولايات المتحدة، لكن المشكلة بنظر الكثير من المراقبين هي انه ''ولنقل المواد الأوّلية وأبرزها النفط والغاز إلى الدول الأوروبية ومن ثم إلى الولايات المتحدة، فهناك بوابتان للعبور، روسيا، أو تركيا، وعلى واحدة منهما أن تُفتح، ولاسيما أن الدول الأوروبية، التي تستورد حاجاتها من النفط والغاز من روسيا، قد أعربت عن مخاوفها من أن موسكو وفي عهد الرئيس ''فلاديمير بوتين'' تودّ السيطرة على أسواق الطاقة في العالم، بحيث إنها تأخذ صادرات دول آسيا الوسطى لنفسها بأسعار متهاودة، وتبيع مخزونها من هذه المواد إلى الغرب بأسعار مرتفعة· من جهتها، فإن دول آسيا الوسطى وعبر كبار مسؤوليها، لم تخجل من المجاهرة بأنها ستأخذ في الاعتبار خيارات أخرى بعيداً عن خيار روسيا للتحكم بصادراتها، وللمثال، فهناك مشروع أنابيب سيمتد من كازاخستان واذربيجان وتركمانستان إلى بحر قزوين، وآخر سينطلق من الحدود قرب تركيا وجورجيا، قد تنضم إليه ايران لاحقاً، ليصل إلى بلغاريا ورومانيا ومن ثم النمسا، وهو أمر سيجعل تركيا أمام خيارين، إما أن تنضم إلى الآلية الأوروبية لتأمين الطاقة، أو أن تواصل استيراد ثلثي مخزونها من الطاقة من روسيا، وبالنظر إلى رغبتها الجامحة بدخول الاتحاد الأوروبي، فإن الكثيرين يراهنون على أن أنقرة ستخاطر بالتصدّي لروسيا· وبالفعل، بدأت تركيا تشحذ جهودها في هذا الصدد وهي تعتمد على تعزيز الروابط الاثنية واللغوية والثقافية والدينية مع دول آسيا الوسطى ولاسيما أن الكثير من المواطنين في تركمانستان ينظرون بعين الاعجاب إلى تركيا· وتحاول تركيا فرض نفسها كقوّة أساسيّة في دول آسيا الوسطى بعدما ووجهت بعدائية من قبل بعض دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى طلبها الانضمام إليه، وهي حالياً تريد أن تثبت ان الاستراتيجية الأوروبية لا تستطيع أن تستغني عن أنقرة في ما يخصّ مصادر آسيا الوسطى النفطية· والجدير بالذكر أن تركيا تحظى بدعم الولايات المتحدة في هذا المجال، فبعد أحداث 11 سبتمبر، تحوّلت أنقرة إلى حليف أميركي أساسي لأنها تقدم بحسب واشنطن نموذجاً يحتذى لدول آسيا الوسطى وافغانستان، كما أنها بعلمانيتها تشكل أداة للتصدي للمتطرفين· وبذلك، تعتقد أنقرة أنها ستكون حاجة ماسّة بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة في حال أرادتا احتواء الدور الروسي في آسيا الوسطى ومنع امتداده وسيطرته على مصادر الطاقة في المنطقة· وفي المقابل، فإن الكثير من الخبراء يعتبرون أن تركيا، وبالنظر إلى المنافسة الجيو سياسية الدولية، ستزيد من أخطار اللا استقرار في المنطقة لأنها تلعب على حبل واحد!·· والبعض يصف آسيا الوسطى بأنها دجاجة عمياء، ولكنها تبيض ذهباً·
المصدر: موسكو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©