الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قانون مكافحة التطرف··· هل يستهدف المعارضة الروسية؟

قانون مكافحة التطرف··· هل يستهدف المعارضة الروسية؟
11 أغسطس 2007 01:23
ليس من المرجح أن يكون السيد ''بيونتكوفسكي'' متطرفاً، إلا أن زعيم حزب ''يابلوكو'' الليبرالي الروسي، بات في مواجهة محنة كبيرة، إثر التشريعات التي سنتها السلطات للتو، بدعوى مكافحة التطرف، خاصة أنه ألّف كتابين عن فترة رئاسة فلاديمير بوتين للبلاد· ففي شهر يونيو الماضي، هدد جهاز الأمن الفيدرالي بمنطقة ''كراسنودار'' الجنوبية بإغلاق المكتب الفرعي لحزب ''يابلوكو'' ما لم يوقف توزيع الكتابين المذكورين، لما عرفا به من انتقادات حادة للكريملن· هذا ويرجح أن تحال هذه القضية إلى المحكمة خلال الأشهر القليلة المقبلة· وهذا ما دفع السيد ''بيونتكوفسكي''، الرئيس السابق لإحدى مؤسسات البحث العلمي الروسية، للاعتقاد بأن من الواضح أن قانون مكافحة التطرف لم يُسن أصلاً لمحاربة الإرهاب، بقدر ما استهدف المعارضين السياسيين للنظام الحاكم· ويعد ''بيونتكوفسكي'' نفسه بين الكثيرين من المفكرين والمثقفين الليبراليين الذين استهدفتهم هذه التشريعات، التي سنتها السلطات بحجة مواجهة موجة متصاعدة من العنصرية والتطرف الوطني، والمشاعر المتعاطفة مع الإرهاب، على حد قول بعض محللي الكريملن· ويعود تشريع هذا القانون إلى خمس سنوات مضت، إلا أنه جرى تعديله وتفعيله مؤخراً في الشهر الماضي، على إثر التقرير الإحصائي الذي قدمه المدعي العام الروسي، عن ارتفاع معدلات جرائم التطرف إلى ستة أضعاف ما كانت عليه، خلال العام الماضي وحده· وهذا ما شجع دعاة تشديد قوانين مكافحة التطرف على المناداة بسن تشريع جديد يلبي هذه الحاجة· لكن ومن الجانب الآخر، اعترض منتقدو هذه التشريعات، على سن قانون جديد، دافعين بالقول: إن مفهوم ''التطرف'' نفسه ليس من الوضوح بما يكفي، وكذلك النص الذي حمله في وصف ما أسماه بـ''التعاون مع المتطرفين''· ومضى هؤلاء إلى وصف هذه المفاهيم التشريعية المبهمة، بأن القصد الرئيسي منها هو ليس مكافحة الإرهابيين كما توحي، وإنما لترهيب الخصوم السياسيين للكريملن ولتكميم أفواه الصحفيين· تأكيداً لهذا قال ''ألكسندر فيرخوفسكي''، مدير ''مركز سوفا'' بموسكو، وهو مركز معني بتقصي اتجاهات السلوك المتطرف بين المواطنين الروس: إنه أصبح ممكناً بموجب نصوص التشريع المذكور، إطلاق صفة ''التطرف'' على كل شيء لا يرضى عنه الكريملن· والواضح أن الحكومة تريد رفع سيف التطرف فوق رقاب جميع المعارضين لسياساتها· وعليه فإذا ما شارك أي منا في موكب أو عمل جماعي مع الآخرين، فإن عليه أن يدرك أنه سوف يعتقل تحت طائلة مكافحة التطرف، إما اليوم أو غداً· وتجيء التعديلات التي أجريت على التشريع الأصلي لمكافحة الإرهاب، خلال شهر يوليو المنصرم، في وقت تتأهب فيه موسكو لإطلاق موسم كامل من الحملات السياسية· ولنذكر بهذه المناسبة أن انتخابات الدوما الروسي سوف تجرى في شهر ديسمبر المقبل، لتعقبها الانتخابات الرئاسية في شهر مارس من عام ،2008 وهو موعد انتهاء التفويض الممنوح للرئيس فلاديمير بوتين بحكم ولايتيه السابقتين· هذا وقد حدد القانون المذكور 13 نوعاً من السلوك الذي يندرج تحت صفة ''التطرف'' بما فيه التشهير أو الإساءة لأي من المسؤولين الحكوميين الفيدراليين، أو الحض على الكراهية ضد أي من المجموعات الاجتماعية الروسية· وبموجب نصوص هذا القانون، فقد حكم على ''بوريس ستوماكين''، المعروف بدفاعه العلني عن الشيشان، بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة إثارة الكراهية ضد الجيش الروسي· كما ينص القانون على معاقبة تمويل أو تنظيم النشاط المتطرف، أو العمل على استقطاب الدعم الشعبي للتطرف· وقد أشار دعاة تشديد القانون إلى بعض الدراسات التي نشرت أخيراً عن تفشي سلوكيات التطرف في المجتمع الروسي، ومنها- على سبيل المثال- دراسة نشرتها صحيفة ''نوفي إزفتسيا'' اليومية في الشهر الماضي، عن وجود 141 مجموعة من المجموعات الشبابية المتطرفة، المنتشرة على امتداد روسيا كلها، مع تقدير عدد عضويتها بما يصل إلى نصف مليون عضو· وعلى حد قول الصحيفة، فإن هذه المجموعات المتطرفة تكاد توجد في جميع المدن الروسية، مع ملاحظة أنها تغدو أفضل تنظيماً ويجري تسييسها باستمرار· ومن جانبه علق ''أوليج موروزوف''، نائب رئيس الدوما الروسي قائلاً: ''إن أعداء روسيا يحاولون استخدام المتطرفين في البلاد بهدف تفجير النزاعات العرقية فيها، إلى جانب تخطيطهم لزعزعة أمن واستقرار المجتمع والتمهيد لتفكك روسيا· ولذلك فإن علينا أن نتبنى سياسات عدم التسامح مع سلوكيات كراهية الآخرين، والمغالاة في المشاعر الوطنية والتطرف بجميع أشكاله''· أما ''يوري شايكا''، المدعي العام الروسي، فصرح قائلاً: إنه تم تسجيل حوالي 150 جريمة من جرائم التطرف خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وهو معدل يشير إلى ارتفاع هذا النوع من الجرائم بنحو ستة أمثال ما كانت عليه خلال الفترة نفسها من العام الماضي· وفسر ''شايكا'' هذا الارتفاع الكبير لجرائم التطرف، بأن الغالبية العظمى من الجرائم المرصودة خلال العام الحالي قد وقعت بتحريض على التطرف والكراهية العرقية· غير أن الانتقادات الرئيسية التي يوجهها منتقدو هذا التشريع، هو أنه قد صمم في الأساس لردع المعارضين السياسيين للنظام، أكثر من أن يكافح جرائم التطرف· وهذا هو ما يعصف بمصداقية القانون ونواياه· مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©