الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زكريا محمد يكشف لغز الفلسطينيين القدماء

زكريا محمد يكشف لغز الفلسطينيين القدماء
11 أغسطس 2007 01:27
ظلّ علماء الآثار والتاريخ القديم الغربيون منهمكين طوال القرنين الماضيين في إثبات صحة مقولات العهد القديم بما يخصّ فلسطين والمنطقة العربية بشكل عام· فقد انصبّ عمل هؤلاء الباحثين على نفي الشعب الفلسطيني من التاريخ والجغرافيا معاً· لقد طوّعوا كل ما عثروا عليه من معلومات وأخبار لصالح العهد القديم باعتباره المرجع التاريخي الأهم· وبالمقابل فقد حرصوا على ربط تاريخ الفلسطينيين بالخارج والزعم بأنهم مجرد قبائل جاءت من الجزر اليونانية واستوطنت الساحل الجنوبي لفلسطين الحالية، ومن ثمَّ تخلّت عن إرثها الديني واللغوي واندمجت سريعاً مع محيطها الجديد المفترض· لكنّ هؤلاء الباحثين لم يعثروا على طوال هذه المدة على أي لقى أثرية تؤيد وجهة نظرهم، مما جعلهم يلجأوون إلى تزوير العديد من هذه اللقى لصالح العهد القديم وأخباره· آخر هذه اللقى كان حجر عقرون أو (نقش عقرون)، حيث تمّ العثور عليه عام 1996 في مدينة عقرون الفلسطية، وهي إحدى المدن الكنعانية الواقعة على مسافة خمسةٍ وثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من القدس· يقول النقش كما حققه ثلاثة من الباحثين الإسرائليين، وهم (سيمور غتن، و ترود دوثان، وجوزيف نافيه) : ''بيت بناه أكيش بن بادي، بن يسد، بن أدا، بن يعير، سري عقرون، لسيدته بتجية، لتباركه، وتحميه، وتطيل عمره، وتبارك ملكه''· لقد كان العثور على ذلك الحجر مهمّاً من وجهة نظر أولئك الباحثين، وذلك من أجل ربط ما جاء فيه من معلومات بالنّصوص الأشورية التي تذكر أنّ سنحاريب والد أسر حادون قد قام بإعادة أكيش بن بادي وتثبيته كملك على عقرون، وهذا ما يمكن أن يتّفق مع أخبار العهد القديم!· محاولة التزوير من هذا النقش ومن محاولة التزوير التي بذلها الباحثون المذكورون ينطلق الشاعر والباحث زكريا محمد ليسبح عكس التيار ليعيد من خلال كتابه ''نخلة طيء'' الصادر عن دار الشروق الفلسطينية الأردينة قراءة النقش وصحح الأخطاء المتعمّدة التي وقع فيها الباحثون، ثم قام بعد ذلك بالتوسع في بحثه فدرس من جديد مجموعةً من الأساطير والأحداث المركزية المتعلقة بتاريخ (الفلسط)، ومنها: حكاية البطل الأسطوري (غولياث)، كما تطرق إلى الأثر الحقيقي للحثيين في فلسطين· درس أيضاً مسلّة (مرنفتاح) الفرعونية ونفى علاقتها المزعومة بـ(إسرائيل)· كما درس العلاقة بين (الفلسط)، و(الهكسوس) باعتبارهم شعباً واحداً، وتحدّث عن رحلة (سنوحي) المصري المفترضة إلى فلسطين وسوريا وأثبت أنها كانت باتجاه الجزيرة العربية، ونجد على وجه الخصوص· وحجر عقرون الذي احتفت به الأوساط الأثرية الصهيونية، وقامت بتزوير قراءته، ثمّ بتعميم مثل هذه القراءة المزوّرة على مستوى العالم· فنجد أنّ زكريا محمد قد أمسك به من جديد· بعين فاحصة وناقدة أعاد زكريا قراءته، وكشف عن التّلفيق الذي دبّجه الباحثون المغرِضون· لقد اكتشف أنّ الكلمات القليلة الواردة في النقش تتحدّث عن شيء آخر لا يمتّ بصلة إلى أخبار العهد القديم· لقد كانت في الواقع عبارة عن صلاة شكر أو تحيّة، مرفوعة من صاحب النّقش لسيّدته النّخلة من أجل أن تحميه وتبارك بيته: ''بيت بناه أكيش بن بادي، بن يسيد، بن أدا، بن يعير، سَرِيّ الصّقران لمعظّمة الطّيايا سيّدته لتباركه وتحميه وتطيل عمره وتبارك ملكه''، شيء آخر لفت زكريا الأنظار إليه، وهو أمر يتعلّق بتاريخ تدوين النّقش الذي افترض الباحثون أنّه يعود إلى القرن السابع ق·م· موقع الحجر لقد أثبت زكريا بالنّظر إلى ركاكة الخطّ وضعفه، ثمّ بالنّظر على موقع الحجر (الحجر لم يُوضع في مقدّمة البناء وإنّما في أحد أساساته الخلفية)، أنّ هذا النّقش ربّما يعود إلى الألف العاشرة ق·م على أقل تقدير· فهو حجر تمّ بناؤه مرّةً ثانية بعد أن أُخِذ من بقايا البناء القديم· لقد حقّق زكريا محمد من خلال كتابه (نخلة طيء) ما يمكن أن نسمّيه فتحاً جديداً في عالم الدّراسات الميثولوجية التي تتناول تاريخ المنطقة القديم، وبؤرتها اللاهبة أرض فلسطين التّاريخيّة، ليس من باب التمنّي ولكن من باب البحث والدراسة العلمية· ولأوّل مرّة يتمّ الرّد على الصهيونية (غولدا مئير) التي سخرت ذات يوم من الشعب الفلسطيني حين قالت: ''بالاستاين هو الاسم الذي أعطاه الرومان لأرض (إسرائيل) بهدف معلن:إهانة اليهود، فلماذا إذن نستعمل هذا الاسم المغيظ الذي وضِع لإذلالنا؟ لقد اختار البريطانيون أن يسمّوا الأرض التي انتدبوا عليها بهذا الاسم ثمّ التقطه الفلسطينيون العرب كما لو أنّه اسم أمّتهم القديم المفتَرَضن بالرغم من أنّهم حتى لا يستطيعون نطقه بشكل صحيح· محوّلين إيّاه إلى فلسطين''·
المصدر: عمّان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©