الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الهند.. من رحم العنف إلى معجزة الازدهار

الهند.. من رحم العنف إلى معجزة الازدهار
11 أغسطس 2007 02:37
كان رانبير راي هاندا عمره 14 عاماً فقط عندما ذاق جنون التقسيم وأجبر على الهروب من لاهور مسقط رأسه في قطار متجه من باكستان المستقلة حديثاً إلى الهند· وما رأه لدى وصوله إلى أمريستار في 14 أغسطس 1947 مازال يقض مضجعه· وقتل آلاف من المسلمين من الرجال والنساء والأطفال الذين كانوا ينتظرون استقلال قطار في الاتجاه المعاكس بوحشية أمام عينيه وقطعت رؤوسهم· وكان من المقرر أن يغادر ثلاثة أو أربعة قطارات مكدسة بالمسلمين إلى باكستان في ذلك اليوم· ولكن لم يغادر أي منها· وأردف قائلاً ''رأيت مسلمين يحرقون أحياء ويتم إلقاؤهم في أتون من النار· رأيت جثثاً رأيت دماء رأيت أشياء كثيرة·· الجنون الذي ساد أول يوم كان يمكن أن يقضي على الجميع''· وفر نحو 12 مليون شخص من المسلمين والسيخ والهندوس للنجاة بحياتهم خلال التقسيم· ومات نحو مليون شخص· وعبرت قطارات محملة بالجثث الحدود في كلا الاتجاهين· وفي عام 1931 حذر ونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل من أنه إذا غادر البريطانيون الهند فإن الأغلبية الهندوسية ستكون لها ''السطوة المسلحة'' وستنهار الخدمات العامة وقد تعود البلاد بشكل سريع ''إلى همجية وفاقة القرون الوسطى''· لكن بعد 60 عاماً، وعلى الرغم من الطقوس العنيفة لولادتها استمرت الهند في البقاء بل وبدأت في الازدهار كأكبر ديمقراطية في العالم ودولة علمانية بشكل كبير· وقال المؤرخ بيبان تشاندرا ''على الرغم من تقسيم البلاد وكم الدماء التي أُريقت فقد أصبحت الهند بلداً علمانياً وديمقراطياً، أعتقد أن هذه واحدة من أعظم الإنجازات في العصر الحديث''· وهناك عوامل كثيرة تقسم الهند من طوائف اجتماعية إلى التفاوت الطبقي والاقتصادي ومن اللغة إلى الدين· وكل هذا سبب صراعاً وأحياناً عمليات قتل وحشية وبالرغم من ذلك لم يغير شيء خريطة الهند التي رسمت في عام ·1947 وقال راماتشاندرا جوها في كتابه الواسع الانتشار تاريخ ''الهند بعد غاندي'' أن ''البزوغ'' الاقتصادي للهند اليوم يلفت الانتباه في كل انحاءالعالم ولكن قصة النجاح الحقيقية للهند الحديثة سياسية وليست اقتصادية· ويقول انه من السابق لاوانه ان نقول مااذا كان ''ازدهار البرمجيات'' سيؤدي إلى ازدهار عام· واضاف ''لكن بقاء الهند دولة واحدة بعد أن مرت عليها 60 عاماً من الاستقلال وبقاءها دولة ديمقراطية الى حد كبير·· حقيقتان لابد وان تجذب انتباها اعمق''· وفي كل مرحلة من تاريخ الهند بعد الاستقلال واجهت اوراق اعتماد الهند كديمقراطية علمانية تحديات· ففي عام 1975 علقت رئيسة وزراء الهند الراحلة انديرا غاندي الديمقراطية وسجنت زعماء المعارضة وفرضت أحكام الطواريء· وبعد عامين تراجعت عن موقفها واطيح بها في الانتخابات· واثار اغتيالها على يد حراسها الشخصيين السيخ في عام 1984 اعمال شغب عنيفة ادت الى قتل 2700 شخص، لكن البنيان العلماني للهند تضرر بشكل اكبر بسبب صعود اليمين الهندوسي في التسعينيات واعمال الشغب الطائفية التي وقعت في جوجارات في عام 2002 وادت الى قتل 2500 شخص معظمهم من المسلمين· وبالرغم من ذلك بعد عامين اطيح باليمين الهندوسي من السلطة وتراجع بعد انتخابات عامة شارك فيها 400 مليون شخص· ووصف تطبيق الديمقراطية في الهند بأنه ''اكبر مقامرة في التاريخ·'' وقال منتقدون إن بلداً فقيراً ومتنوعاً ومقسماً مثل هذا لا يمكن ان يتحمل انتخابات حرة ونزيهة· واليوم الديمقراطية الهندية بعيدة عن الكمال، لكنها رسخت اقدامها· والى حد ما أدرك الهنود أنه ما من سبيل آخر للعيش في سلام· والتفاهم هو أسلوب حياة في بلد لا تستطيع طائفة أو جماعة واحدة أن يكون لها التفوق· وأعطى الزعماء الأوائل لاسيما أول رئيس وزراء للهند جواهر لال نهرو الهند الحديثة الولادة متنفساً من خلال تشجيع وجود هوية علمانية ووطنية ديمقراطية والدفاع عنها· واليوم نما شعور الهند الموحدة حتى مع إعادة تأكيد المناطق لهويتها الخاصة بها في الوقت الذي أصبحت فيه مدينة السينما الهندية الضخمة ''بووليود'' عنصر تماسك اجتماعي قوياً من خلال إعطاء البلاد شغفاً مشتركاً·
المصدر: نيودلهي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©