الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما لا يفعله الآخرون

2 مارس 2017 01:50
الحياة مدرسة كبرى وجامعة عريقة، فصولها متعددة وقاعاتها متنوعة وموادها مختلفة، النجاحات في هذه الحياة لا تأتي مصادفة، ولا بالتمني ولا بالتغني ولا بالهتاف، لا بد من تخطيط وتعب ونصب وبذل جهد، لا بد من سهر وعرق، لا بد من احتراق حوافز الدفع النفسية، واشتعال مواقد الرغبة الداخلية. من طلب العلا سهر الليالي، ومن رغب التميز سلك طرق المتميزين التي لن تكون معبدة ومرصوفة، بل فيها كثير من المطبات وكثير من العثرات التي يجب تخطيها واحدة بعد الأخرى، فعند ارتياد طرق التميز كثيراً ما يعترينا الوهن والضعف، كثيراً ما يلفنا الإحباط، ويحيط بنا الخمول والتراخي، كثيراً ما نتهاون ونتخاذل ونتراجع، كثيراً ما نؤخر ونسوِّف، إلا من رحم ربي. علمتنا الحياة أن لكل نجاح ثمناً يجب أن يدفع، وأن الراحة لن تأتي إلا بعد تذوق طعم العناء، وأن التميز لن يكون بالتمني والأحلام، هنالك عناصر للنجاح، وهناك معادلات وحسابات، معادلة النجاح عناصرها ثلاثة، يجب أن تتوافر معاً «الإيمان.. التخطيط.. العمل)، إذا فقدت أي عنصر من هذه العناصر، فسيؤثر هذا على نتيجة الهدف المراد الوصول إليه، وعلى النجاح المراد تحقيقه. الإيمان بالله والثقة به، ثم بمقدراتك وإمكاناتك بأنك قادر على ارتقاء سلم التميز درجة درجة، عناوين للنجاح. ولتحقيق هذه النجاحات، عليك أن تخطط لها، نعم تخطط لها بجدية ومرونة ورغبة ومتعة، خطط لها، وإياك أن تدع الظروف أو أي عوامل أخرى تخطط لك، خطط أنت ولا تكن ماراً مرور الكرام، خطط أنت ولا تكن عابراً، بل عليك أن تصنع الحدث. تريد أن تعرف كيف تصنع الحدث؟ تريد أن تعرف كيف تكون رائداً من رواد التميز وقائداً من قائدي الإبداع؟ هذا يقودنا إلى العنصر الثالث من عناصر ومعادلة النجاح، ألا وهو عنصر العمل.. العمل وهو التقيد بالتخطيط الذي رسمته والسير على الدرب الذي عبدته، العمل هو بعد النظر للهدف الذي وضعته، فكلما عملت بجد واجتهاد، وكلما صبرت، فإنك تقترب شيئاً فشيئاً من تحقيق هدفك، ومن نجاحك الذي وضعته نصب عينيك، لا بد أن تتعب.. لا بد أن تجتهد.. لا بد أن تعرف أن للنجاح ضريبة يجب أن تسدد.. ولا بد أن تدرك أن التميز لا يأتي مصادفة أو بالحظ.. وأنه لا بد من سبر كل الأغوار.. ولا بد من تخطي كل الحواجز والمتاريس بعزيمة وإرادة قويتين لا تلينان ولا تنكسران.. مفتاح النجاح هو استمرارية وديمومة ما خططت له، والتقيد بدقائقه وساعاته وأيامه لأبعد حد ممكن.. الإنجاز والإنتاج وقود التقدم للأمام.. التقيد بالخطة وتطبيقها وحصد ثمراتها يومياً حسب ما خطط له، من أكبر الحوافز النفسية والدوافع الداخلية للوصول للمبتغى والهدف المنشود. هناك من يفكر ويقرر ويضع الخطط، ولكنه لا يستمر في تنفيذ ما قام بوضعه من خطط ومهام، فتراه يتقاعس ويتهاون مرة، ويتكاسل ويتخاذل مرة أخرى..تراه يوجد لنفسه الأعذار والمبررات لعدم التقيد بما وضع من خطط لتحقيق أحلام يريد تحويلها لواقع.. عليك أن تعرف أنه لن يتحقق شيء ما دمت تبرر لنفسك في كل مرة، ولا تردعها حين التقاعس والتباطؤ. وهذا يعتبر نوعاً من أنواع التسويف المدمر الذي ليس له نتيجة غير الفشل المبين، فلا تكن الشخص الذي سيفعل كل شيء غداً، وكن الشخص قوي الإرادة المقيد بتنفيذ ما رسم وما وضع من خطط، كن الشخص الذي يفعل كل شيء في وقته دون تأخير أو إبطاء، واعلم أن تقيدك بجدولك وبنودك وأجندتك «المكتوبة» نتيجته الحتمية النجاح الباهر، لأنك حين تتقيد بجدول تنتقل من إنجاز إلى إنجاز، ومن تميز إلى تميز، ومن معرفة إلى معرفة، ومن علم إلى علم. تأكد أنه فيما أنت مخير فيه من مباحات هذه الحياة الدنيا، أنه بإمكانك وضع نفسك في المكان الذي تود أن تضعها فيه.. يمكنك أن ترتقي بها إلى المصافات العليا.. ويمكنك أن تضعها في الحضيض.. في قاع الوحل.. فللسمو والرفعة طريق، وللوحل والقاع طرق عدة.. فاختر أي الطرق تريد أن تسلك.. واعلم أن الله سبحانه وتعالى خلقنا وأوجد فينا من الطاقات والمعينات والقدرات على الإبداع ما يجعلنا نرتقي أسمى الدرجات، فقط إذا استخدمنا هذه الطاقات الاستخدام الصحيح، واستثمرناها الاستثمار الأمثل فيما شرع وأباح لنا. وختاماً.. إذا أردت أن تكون مميزاً يمكنك أن تكون مميزاً، وإذا رغبت أن تكون من الناجحين ستكون.. اعلم فقط.. هناك مجتهد وهناك غير مجتهد.. هناك من يخطط ويرسم.. وهناك من لا يفكر ولا يخطط. وتذكر أن أعظم حافز في دواخل الطبيعة البشرية الإنسانية، الرغبة العارمة في أن يكون الشخص عظيماً.. ولتحقيق هذا التميز وهذا النجاح.. اعلم أيضاً أن المتميزين والناجحين يفعلون على الدوام ما لا يفعله الآخرون.. ومن هم الآخرون؟ هم الذين جعلوا من أنفسهم أناساً عاديين بتوجهاتهم واختياراتهم ورغباتهم ومحض إراداتهم.. وهم في الأصل خلقوا مبدعين. صلاح محمد - الرياض
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©