الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

"نمور آسيا" على موعد مع الطاقة النووية

"نمور آسيا" على موعد مع الطاقة النووية
12 أغسطس 2007 00:50
مع تزايد المخاوف حول تأمين الطاقة حول العالم، واحتلال هذه المسألة المراتب الأولى على الأجندة السياسية لكثير من الدول الآسيوية، يبدو أن خيار التوجّه إلى الطاقة النوويّة يحظى بصدى إيجابي لدى حكومات هذه الدول ليس فقط لأن أسعار النفط والمواد الأولية ترتفع بشكل متسارع في ظل الحاجة الماسة والمتزايدة لها، بل أيضاً بسبب ظهور مشاكل تستدعي اتخاذ خطوات فاعلة بشأنها لعل أبرزها الاحتباس الحراري والانبعاثات السامّة· وفي هذا السياق، أعلنت كل من الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان أخيراً قرارها زيادة عدد المفاعلات النوويّة لديها، في حين برز على الساحة الدولية لاعبون جدد في هذا المضمار وفي مقدمتها إندونيسيا وماليزيا وفيتنام وتايلاند·· فكيف سيكون مستقبل الطاقة النوويّة في آسيا؟ فرضت الدول الكبرى والغنية لوقت طويل سيطرتها على إنتاج الطاقة النوويّة بحيث احتكرت التقنيات المتقدّمة الخاصة بإنتاج هذه الطاقة مرّة لأغراض سلمية ومرّات لأغراض التسلح·· ورغم أن أحداً لا يستطيع نكران أن بعض الدول الآسيوية والنامية قد حققت قفزة لا بأس بها في المجال النووي، إلا أنه بقيت هناك مساحات شاسعة تفصل بين التقنية النوويّة بين كل من معسكري الشمال والجنوب· والحقائق الراهنة تدلّ على أن الكثير من الدول الآسيوية تسعى إلى فك الارتباط بالنفط ولو جزئياً إذ قررت ولوج مضمار الطاقة النوويّة محاوِلة تخطي كل الصعوبات والعراقيل التي تواجهها، خصوصاً وأن الأمر لم يعد يحتمل التأخير فأسعار النفط في ارتفاع مستمر والأوضاع البيئية إلى تدهور، ولكن السؤال هو عن الوقت الذي ستحتاجه لذلك، وعما إذا كانت ستنجح في ذلك أم لا· وقد بدأت بعض الدول الآسيوية برسم سياستها المستقبلية في مجال إنتاج الطاقة النوويّة راصدة لذلك ميزانيات وبرامج متطوّرة، حيث أعلنت اندونيسيا مؤخرا أنها بصدد تنفيذ خطة لبناء مفاعل نووي في حال انتهى بناؤه في العام ،2017 فإنه سيضع جاكرتا في طليعة عواصم إنتاج الطاقة في جنوب شرق آسيا· وأشارت إندونيسيا إلى أنه من المقرر بدء العمل في بناء المفاعل في العام ،2010 راصدة له 1,6 مليار دولار، ومؤكدة أنها خصّصت نحو ثماني مليارات دولار أخرى بهدف بناء أربعة مفاعل نوويّة جديدة لإنتاج ستة جيغاوات من الطاقة، وذلك مع حلول العام ·2025 ووفقاً للمخططات التي وُضعت، فإنّ الحكومة الإندونيسية تهدف إلى تأمين 17 في المئة من حاجتها إلى الطاقة من مصادر قابلة للتجدّد وفي طليعتها الطاقة النوويّة والجيوحرارية· وحسبما أشار أكثر من مصدر مسؤول إندونيسي فإن ''الهدف من المفاعلات النوويّة تأمين مصدر دائم ومستقر لإنتاج الكهرباء ولحماية البيئة من الملوّثات السامّة بسبب استخدام الوقود وحرقه بشكل مستنزف''· وإزاء طموحاتها المستقبلية، فإنّ إندونيسيا تواجه علامات استفهام من أكثر من جهة تطرح صعوبة بناء المفاعل النوويّة فيها نظراً لكونها غالباً ما تتعرّض للهزّات الطبيعية واجتياحات التسونامي، ولكن حكومة جاكرتا لا تعير اذناً صاغية لهذه الاعتراضات وهي مصمّمة على الاستمرار في مشروعها حتى النهاية· وليست إندونيسيا الدولة الآسيوية الوحيدة التي تراودها أحلام نوويّة، إذ وعلى خطاها تأتي مجموعة من الدول أولها ماليزيا التي تتحضّر للبدء بمشروع بناء مفاعلين للطاقة النوويّة بحلول العام ،2020 وهناك فيتنام التي وضعت خطة دقيقة لبناء أول مفاعل نووي مع قدوم العام ·2017 ولا تبدو تايلاند بعيدة عن هذه الدول، حيث بدأت بتحضير دراسة مستقبلية لمصنع نووي قد يدخل حيز العمل في العام ·2020 ورغم أنّ هناك سنوات طويلة تفصلنا عن رؤية المفاعلات النوويّة في الدول الشرق آسيوية وهي تعمل بشكل فاعل إلا أنّ هناك دولاً آسيوية عريقة في المضمار النووي ولا تزال تعمل في تحديثه بشكل مطرد، ومن أهمها اليابان والصين· الكوارث الطبيعية تهدد الطموحات أثارت سلسلة من الكوارث الدراماتيكية أشهرها حادثة تشيرنوبيل في العام 1986 في الاتحاد السوفياتي السابق، مخاوف عدّة فيما يخصّ الطاقة النوويّة، خصوصاً وأنّ الغيوم الفطرية المتولدة عن الحادث النووي فوق أوكرانيا وروسيا البيضاء وروسيا قد أدّت حينها إلى ترحيل أكثر من 300 ألف شخص من منازلهم متسبِّبة بتسمّم إشعاعي للآلاف· وفي السياق عينه، حدث عام 1979 انفجار نووي في ''ثري مايل آيلند'' في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية، ورغم أن أحداً لم يمت بسببه، إلا أن الحادث أثار حركة عنيفة ضدّ الطاقة النوويّة في الولايات المتحدة إذ كان من الممكن أن يحصد الانفجار حياة العشرات من الأبرياء· وبناء على هذين المثالين، أبدت الكثير من الجهات البيئية في إندونيسيا تخوّفها من توجّه البلاد نحو الطاقة النوويّة خصوصاً وأن المصنع الجديد سيُبنى على جبل موريا البركاني إلى الساحل الشمالي لمدينة جافا· وفي حال حصل أي تسرّب في المفاعل بسبب أي هزّة أرضية أو أي حادث نووي، فإنّ هذا الأمر سيودي بحياة ملايين الأشخاص، خصوصاً أن جافا هي من المناطق الأكثر كثافة سكانية حول العالم، هذا مع الإشارة إلى أن علماء الجيولوجيا قد لحظوا أن 83 في المئة من الأراضي الاندونيسية معرّضة للكوارث الطبيعية كالهزّات الأرضيّة والفيضانات الخ·· وأن أي انفجار نووي لن تكون عواقبه محصورة بإندونيسيا بل قد تمتد إلى جوارها كسنغافورة وماليزيا· وعلى الرغم من ذلك فإنّ وكالة الطاقة الذرية قد منحت إندونيسيا موافقتها المبدئية لتنفيذ مشروعها النووي، كما أبدت دعمها الكامل لها تقنياً بحيث رصدت لها مساعدات بقيمة 1,43 مليون دولار لتطوير برامجها فيما يخصّ المفاعلات النوويّة الأربعة الأخرى، مشيرة إلى أن هناك سلسلة احتياطات ستتخذ لتنفيذ هذا المشروع، وأن الانفجارات والكوارث النوويّة السابقة قد أدت إلى تكثيف ضوابط الحماية والسلامة في المصانع التي لن تتأثر بأي ظاهرة طبيعية تتعرض لها إندونيسيا، علماً أن هناك دولاً أخرى من بين الدول التي تشكل خط النار في الباسيفيك منها الصين واليابان تمارس نشاطات نوويّة متقدمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©